الجمعة 7 يونيو 2024

السقوط فى هوة الإحباط 7

17-7-2017 | 15:30

بقلم : إقبال بركة

فشلت كل محاولاتى للتسرية عن زوجى وإخراجه من حالة الإحباط التى يعانيها بعد عودته من سيناء, حكيت له كيف مكنتنى إجادتى للغة الإنجليزية من خدمة بلدى بطريقة غير مباشر أثناء تواجدى وسط المراسلين الأجانب، فكنت أتطوع بالترجمة الفورية بينهم وبين المسئولين وضباط الجيش، وأفسر لهم ما يستعصى على أفهامهم من أمور, ولم يمنعنى القلق عليه وبحثى الدائب عنه فى كل مكان أذهب إليه مع المراسلين الأجانب سواء فى القاهرة أو فى مناطق القتال من متابعة أخبار الحرب فى كل ما تقع عليه عيناى من الصحف العربية والإنجليزية ومن راديو ترانزستور صغير أحمله معى فى كل مكان: فى المطبخ أو غرفة النوم أو حتى الحمام، كنت أتنقل بين الإذاعات العالمية والتليفزيون المصري لأتابع الأخبار أولا بأول, وذكرت له كيف تدفقت مساعدات الأشقاء العرب العسكرية والمالية والسياسية لمصر وسوريا, وكيف تجلى التضامن العربى فى أروع صوره أمام العالم فأصدرت دول الخليج قرارا فوريا بحظر تصدير النفط للدول الداعمة لإسرائيل، وقامت السعودية بإنشاء جسر جوي لإرسال 20000 جندي إلى الجبهة السورية، وقامت اليمن بإغلاق باب المندب بمدمرتين، وأظهرت الشعوب العربية كلها تعاطفها مع مصر وسوريا وتسابق شبابهم للتطوع فى الحرب, وحكيت له ما حدث صباح يوم 19 أكتوبر 1973 يوم ميلاده وأنا أحلم بعودته وما كنت سأفعله لو كان موجودا، فإذا بقلبى يسقط بين ضلوعى عندما قرأت أن الطيران الإسرائيلي بدأ قصفه لمدينة الإسماعيلية، بعد أن استطاعت قواته المدرعة تخطي حائط الصواريخ المصري، مما جعل لهم حرية الحركة في سماء الإسماعيلية, وكان أول المواقع التي اتجهت لها الدبابات الإسرائيلية هما كوبري نفيشة وموقع أبو عطوة اللذين تعرضا لقصف مدفعي وجوي عنيف، إلا أن بسالة مقاتلي الصاعقة أجبرت العدو على التوقف والارتداد بعد أن أحدثت بدباباته خسائر جسيمة، وبذل قائدهم المقدم إبراهيم الرفاعى حياته فداء لوطنه.

كانت مشاعرى تتراوح ما بين الحزن الشديد لسقوط العديد من الشهداء المصريين الذين دفعوا أرواحهم ثمنا  ليمنعوا تقدم القوات الإسرئيلية ويحموا مدخل مدينة الإسماعيلية التى توجد بها كتيبة زوجى، والفرح الممزوج بالفخر, لأن قوات العدو المتسللة قوبلت بمقاومة شديدة  أجبرتهم على التحول بدباباتهم إلى السويس حيث تم اصطيادها, وتكبدوا خسائر فادحة فى المعدات والأفراد.

ستة أيام عصيبة أمضيتها أصلى لله أن يوقف نزيف الدماء على أرض سيناء، بعد أن صدر قرار مجلس الأمن رقم 338 يوم 22 أكتوبر بوقف جميع الأعمال العسكرية خلال 12 ساعة الذى قبلته مصر، أما القوات الإسرائيلية فلم تحترمه، فأصدر مجلس الأمن قرارا آخر فى اليوم التالى يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار، إلا أن وقف إطلاق النار الفعلى لم يتم  إلا يوم 28 أكتوبر بعد وصول مراقبى الأمم المتحدة.

ظل السؤال الحائر يحوم حول رؤوسنا، كيف تمكنت القوات الإسرائيلية من التسلل إلى الضفة الغربية للقنال عبر ما سمى بالثغرة؟ ألم يتوقع قادة الجيش هذا التسلل ويخططوا لإفشاله؟ كيف سمح جيشنا المنتصر الذى أذهل العالم ببسالة ضباطه وجنوده بهذه الثغرة التى راحت إسرائيل ومؤيدوها يهللون لها وكأنها هى التى انتصرت فى الحرب؟!

وإلى الأسبوع المقبل بإذن الله