نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تحليلاً سياسياً يشير إلى أن حلف شمال الأطلسي بدأ يفقد قدراً كبيراً من قدراته وأنه أصبح على غير ما يرام ولا يستطيع مواكبة تطورات الأحداث الحالية.
وأوضح كاتب المقال إدوارد لوكاس أن الحلف أصبح في أشد الحاجة إلى إعادة هيكلة وعمليات إصلاح جوهرية لكي يتمكن من أداء المهام الموكولة إليه.
يقول الكاتب إن الحديث المثار الآن يدور حول ضرورة إعادة الحياة للحلف، موضحاً أن حرب روسيا في أوكرانيا أكدت على أهمية الدور المحوري للحلف في الدفاع عن الدول الأعضاء. ويشير الكاتب أن الحرب في أوكرانيا أوجدت نوعاً من وحدة الهدف للدول الأعضاء في الحلف حيث قامت دول الناتو بحشد الجهود لمؤازرة أوكرانيا في مواجهة القوات الروسية من خلال إمدادها بالأسلحة اللازمة إلى جانب الاتفاق على زيادة ميزانيات الدفاع للدول الأعضاء وتعزيز الوضع الأمني للحلف على الجبهة الشرقية، وعلى الرغم من ذلك فالحرب في أوكرانيا مازالت مستمرة ويبدو الحلف غير قادر على حسم الموقف إلى الآن.
ويضيف الكاتب أن إدارة تقييم المخاطر داخل الحلف جانبها الصواب حين اعتبرت على مدار الأربعة عشر عاماً الماضية أن روسيا لا تشكل خطراً علي الدول الأعضاء حيث اعتبرت روسيا حليفاً وليست عدواً، ولذلك فقد تجاهل الحلف العمل على زيادة القدرات الدفاعية لدول البلطيق إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وأصبحت تلك الدول أعضاء من الدرجة الثانية داخل الحلف أو بالأحرى أعضاء على المستوي الرسمي وليس المستوى العملي.
بل حينما طلبت بولندا تعزيزات من قوات الحلف لحمايتها من أي خطر أبلغها الحلف أن الخطر المحتمل سوف يكون من جانب روسيا البيضاء - وليس من جانب روسيا - وفي هذه الحالة يمكن وضع خطط دفاعية لحمايتها. إلا أنه بعد العملية العسكرية الروسية الأولى في أوكرانيا عام 2014، بدأ الحلف ينظر إلى مسألة نشر قوات في المنطقة على نحو أكثر جدية حيث يوجد الآن مايقرب من 1,000 جندي من قوات الحلف في دول البلطيق الثلاثة إلى جانب عدد أكبر من القوات الأمريكية في بولندا. وقد قام الحلف بزيادة تلك القوات بعد العملية العسكرية الروسية الأخيرة في أوكرانيا التي بدأت في فبراير الماضي.
ويرى الكاتب أن انضمام دولتين من أكبر دول أوروبا تقدماً في المجال العسكري وهما السويد وفنلندا سوف يغير بشكل جذري من التركيبة الجغرافية العسكرية للحلف في شمال شرق أوروبا، معرباً عن اعتقاده أنه سيتم قبول طلب الدولتين قبل نهاية العام الحالي.
ويضيف الكاتب أن الولايات المتحدة تعتبر أهم عضو حالياً في حلف الناتو وقد أصبح ضمانها لأمن الدول الأوروبية من خلال قدرتها على الرد على أي هجوم من خلال الأسلحة التقليدية أوغير التقليدية هو حجر الزاوية للدول الأعضاء والتي أصبحت تعتمد اعتماداً رئيسياً على القدرات العسكرية الأمريكية في مواجهة أية مخاطر.
ويشير الكاتب إلى إحدى المشاكل الأخرى التي تواجه الحلف وهي الافتقار إلى التدريب العملي المستمر واسع النطاق حيث أن الدول الأعضاء لا تقوم بإجراء التدريبات الكافية للرد على أي هجوم من جانب روسيا بدعوى أن هذه التدريبات ذات تكلفة عالية. ويستطرد الكاتب أن هناك مشكلة أخرى تواجه أعضاء الحلف وهي غياب المخططات التفصيلية اللازمة في حالة اندلاع أي حرب مع روسيا ولاسيما في حالة اندلاع حرب نووية أو أي تصعيد محتمل من هذا القبيل.
وعلى ذلك، كما يقول الكاتب، لا توجد أية رؤية واضحة حول كيفية مواجهة أي أزمة قد تحدث في المستقبل، اعتماداً على أنه في حالة حدوث أي أزمة سوف تتولي الولايات المتحدة زمام الأمور وتقوم بما يجب القيام به من عمليات لوجيستية ومخابراتية وقتالية وغيرها.
ويختتم الكاتب مقاله مؤكداً على أن كل تلك المشاكل قابلة للحل إلا أنه لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية حتى الآن لحلها لكي تظل أحلام اليقظة هي إحدي خطايا الحلف القاتلة.