اعتبرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أن الاختبارات الصاروخية التي أجرتها كوريا الشمالية، الأحد الماضي، والتي شملت إطلاق ثمانية صواريخ من أربعة مواقع مختلفة، يمثّل تطوراً جديداً في اختبارات أسلحة النظام الستاليني، ورداً على استعراض القوة الأمريكي.
لا توجد فرصة تقريباً لأن تدعم روسيا أو الصين، اللتان تتمتعان بحق الفيتو في مجلس الأمن، أي إجراءات ضد كوريا الشمالية، كما فعلتا عام 2017وأطلقت كوريا الشمالية ثمانية صواريخ باليستية قصيرة المدى، مسجّلة رقماً قياسياً من عمليات الإطلاق في عام واحد تحت قيادة كيم جونج أون، الذي يبدو أنه مستعد لتصعيد التوترات بأول اختبار له لقنبلة نووية منذ عام 2017.
وأشار الجيش الكوري الجنوبي إلى أنه اكتشف اطلاق الصواريخ من أربعة مواقع مختلفة، بما في ذلك منطقة حول مطار بيونجيانج الرئيسي باتجاه المياه قبالة الساحل الشرقي لكوريا الجنوبية. ومن المرجَّح أن يكون وابل الصواريخ الباليستية ليوم واحد، هو الأكبر منذ تولي كيم جونج أون السلطة قبل عقد من الزمان، حيث تفوّقت عمليات الإطلاق هذا العام على الرقم القياسي السابق البالغ 24 صاروخاً.
وأطلقت كوريا الشمالية حتى الآن 31 صاروخًا باليستيًّا في عام 2022، والتي تشمل محاولتين فاشلتين على الأقل.
وذكرت كوريا الجنوبية أن الصواريخ وصلت إلى ارتفاع أقصى يتراوح بين 25 و90 كيلومتراً (16-56 ميلاً) بسرعة تقترب من 3 إلى 6 ماخ، وقطعت حوالي 110 إلى 670 كيلومتراً. وقالت وزارة الدفاع اليابانية إن صاروخاً واحداً على الأقل كان مساره غير منتظم.
ويأتي الاختبار الأخير بعد أن أجرت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة تدريباتٍ بحرية مشتركة في المياه الدولية قبالة جزيرة أوكيناوا اليابانية. وتعهَّد الرئيس الكوري الجنوبي الجديد يون سوك يول بتعاون أمني أوثق مع الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن، وتكثيف التدريبات العسكرية المشتركة التي انتقدتها بيونجيانج لسنوات بوصفها مقدمة لغزو محتمل.
ونقلت الوكالة عن سو كيم، محللة السياسات في مؤسسة راند، والتي عملت سابقًا في وكالة الاستخبارات المركزية، قولها: "التزام كيم الصمت بعد ذلك (التدريبات البحرية المشتركة) كان سيشكِّل علامة ضمنية على الاستكانة".
وأضافت سو كيم: "صحيح أن كيم جونج أون لم يجر تجربة نووية، لكننا نعلم أنها ستحصل. المسألة تتعلق بوقت اجرائها، وليس هل كان سيجريها أم لا"، موضحة أن بيونجيانج ستراقب كيف يستجيب بايدن ويون لهذه الموجة الأخيرة من اختبارات الصواريخ "بوصف ذلك مقياساً لإجراءاتهما إزاء استفزاز أكثر حدة".
وأعلنت القيادة الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ أنها على علم بآخر عمليات اطلاق الصواريخ، قائلة في بيان، إن إطلاق تلك الصواريخ "يسلّط الضوء على التأثير المزعزع للاستقرار لبرنامج الأسلحة غير المشروعة لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية"، في إشارة إلى الاسم الرسمي لكوريا الشمالية.
ونقل الموقع عن بارك وون جون، أستاذ دراسات كوريا الشمالية في جامعة إيوا النسائية في سيول، قوله إن الغرض من الإطلاق الأخير للصواريخ يحمل معنى تكتيكياً، لأن ثمانية صواريخ أُطلِقت من أربعة مواقع مختلفة.
وأضاف وون جون: "أصبح من الصعب الكشف عن الصواريخ المتعددة والدفاع ضدها عندما تُطلق في وقت واحد من مواقع مختلفة. وتحاول بيونجيانج إيصال رسالة تفيد بأن الردع المعزَّز الذي اتفق عليه بايدن ويون، وأن التدريبات العسكرية الأخيرة لن تساعد في محاربة استفزازهم".
وكانت آخر مرة أطلقت فيها كوريا الشمالية صواريخ في 25 مايو ، بعد ساعات فقط من إنهاء بايدن رحلته الأولى إلى كوريا الجنوبية واليابان. وكانت واحدة من أكبر الاستفزازات التي تزامنت مع زيارة رئيس أمريكي للمنطقة، ووُضِعت جهود بايدن لتعزيز العلاقات الدفاعية مع الحليفين الأمريكيين على المحك آنذاك.
وأشار الموقع إلى أنه قد لا يكون لبايدن وحلفاء الولايات المتحدة نفوذ كبير في محاولة ابطاء الاختبارات، أو تشديد العقوبات الدولية لمعاقبة بيونجيانج على استفزازاتها. وسمح مسعى الولايات المتحدة لعزل روسيا بسبب الحرب على أوكرانيا، إلى جانب العداء المتزايد تجاه الصين، للرئيس الكوري الشمالي بتقوية ردعه النووي دون خوف من مواجهة مزيد من العقوبات في مجلس الأمن الدولي.
واعتبر أنه لا توجد فرصة تقريباً لأن تدعم روسيا أو الصين، اللتان تتمتعان بحق الفيتو في مجلس الأمن، أي إجراءات ضد كوريا الشمالية، كما فعلتا عام 2017 بعد سلسلة من اختبارات الأسلحة التي دفعت الرئيس آنذاك دونالد ترامب إلى التحذير من "النيران والغضب". وفي أواخر مايو ، استخدم البلدان حق النقض ضد قرار لمجلس الأمن صاغته الولايات المتحدة يقضي بتشديد العقوبات على كوريا الشمالية بسبب تجاربها الصاروخية الباليستية هذا العام.
وذكر مسؤولون حكوميون أمريكيون وكوريون جنوبيون ويابانيون في اجتماع الأسبوع الماضي أن كوريا الشمالية قد تجري أيضاً تجربة نووية قريباً. وكوريا الشمالية ممنوعة من اختبار الصواريخ الباليستية والقنابل النووية بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي.
كما وجد الرئيس الكوري الشمالي طرقاً للتهرّب من العقوبات من خلال الجرائم الإلكترونية وسرقة العملات المشفّرة. وقال محققون من الولايات المتحدة والأمم المتحدة إن نظامه قد حصل بالفعل على حوالي 3 مليارات دولار- أو نحو 10% من اقتصاده السنوي- من خلال جرائم الإنترنت، ومن المرجح أن يحصل على المزيد.
وقالت كوريا الجنوبية إن الاختبار الذي أُجري في 25 مايو تضمن ما يشتبه في كونه صاروخاً باليستيّاً عابراً للقارات وصل إلى ارتفاع نحو 540 كيلومتراً وقطع مسافة نحو 360 كيلومتراً. وأوضح خبراء أسلحة أن كوريا الشمالية أطلقت على ما يبدو صاروخاً باليستياً قصير المدى برأس حربية يمكنه المناورة، بالإضافة إلى صاروخ آخر فشل بعد وقت قصير من انطلاقه.
وختم الموقع أن الصاروخ الباليستي العابر للقارات صُمّم لحمل رأس نووي قادر على الوصول إلى البر الرئيس للولايات المتحدة.