نشر موقع (المونيتور) المهتم بشؤون الشرق الأوسط تقريراً حول مستجدات الموقف السياسي المتأزم في العراق، لاسيما بعد الانسحاب الجماعي لنواب التيار الصدري من البرلمان، الأمر الذي يضفي مزيداً من التشكك على الحياة السياسية في البلاد.
وتساءل التقرير ما إذا كان ذلك سيخلق فرصة لمنافس الصدر لتشكيل الحكومة أم أنها ستشكل تحدياً لهم في الشارع العراقي.
ووفقًا لقانون الانتخابات العراقية، فعند استقالة أي عضو من البرلمان، تقوم مفوضية الانتخابات باستبداله بالمرشح الذي حل ثانياً في الدائرة الانتخابية ذاتها.
وأوضح التقرير أن الـ 73 مقعداً سيتم توزيعهم على أصحاب المركز الثاني ومن بينهم ائتلاف الفتح، الذي يتألف من ميليشيات مدعومة إيرانياً، وائتلاف دولة القانون التابع لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وحركة حقوق المقربة من كتائب حزب الله وحزب التقدم التابع لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي وحركة امتداد المرتبطة ببعض جماعات حركة تشرين وتيار الحكمة وجماعات أخرى صغيرة ومستقلين.
في أعقاب استقالة الصدر، أعلن الحلبوسي أن الانسداد السياسي في البلاد لن يستمر وقال: "نسعى لتشكيل حكومة تتحمل الكتل السياسية المسؤولية عن نجاحها وفشلها".
وأضاف الحلبوسي أنه سيتم اتباع الإجراءات القانونية فيما يتعلق باستبدال الأعضاء المستقيلين وتوقع اختفاء الانسداد السياسي قريبًا.
لكنه ألمح إلى استمرار التحدي المتمثل في تشكيل حكومة جديدة بعد انسحاب الصدر، قائلاً: "خيار حل البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة أخرى هو خيار دستوري .. لكن حتى الآن لم يطرح هذا الخيار".
في السياق ذاته، اجتمع الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي فائق زيدان لمناقشة الأوضاع بعد انسحاب الصدر، وهو الاجتماع الذي كان يُنظر إليه على أنه محاولة للمضي قدماً بالعملية السياسية وتشكيل حكومة جديدة.
وشهدت الليلة ذاتها، تجمع "الإطار التنسيقي"، خصم التيار الصدري، وإصداره بياناً قال فيه إنه سيتجه نحو تشكيل حكومة لخدمة مصالح الأمة.
وأكد التقرير أن انسحاب الصدر يخلق فرصة للإطار التنسيقي لتشكيل حكومة بتحالف من السنة والأكراد، مما سيوفر عددًا كافيًا من الأعضاء لاختيار الرئيس ورئيس الوزراء وتشكيل الحكومة.
في الوقت الحالي، يتكون الإطار التنسيقي من حوالي 70 عضوًا، يبلغ عدد الأعضاء السُنة حوالي 70 وعدد أعضاء الحزبين الكرديين معاً 60.
ومع استبدال مقاعد التيار الصدري، سيحصل هذه الأحزاب على حوالي 40 مقعدًا إضافيًا على الأقل، ما يجعل مجموعهم أكثر بكثير من 220 المطلوب لاختيار الرئيس.
لكن الخلافات بين الإطار التنسيقي نفسه والمجموعات السنية والكردية حادة للغاية، مما قد يصّعِب بشكل كبير الاتحاد من أجل تشكيل الحكومة.
وكشف التقرير عن وجود خلافات داخلية بأروقة حزب الدعوة الإسلامية بين رئيسي الوزراء السابقين حيدر العبادي ونوري المالكي، كما يوجد تناحر شديد بين مليشيات عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله.
أيضًا يتهم تيار الحكمة، الذي يتزعمه عمار الحكيم، الميلشيات التي تعمل تحت مظلة ائتلاف الفتح، بالتصرف خارج الدولة.
تحدث التقرير أيضًا عن الاستهداف الذي يتعرض لها الأكراد من قبل صواريخ ومسيرات الميليشيات المرتبطة بائتلاف الفتح، أضف إلى ذلك الخلافات طويلة الأمد بين السُنة والميليشيات بسبب سلوكها ضد السكان في المناطق السنية.
ورجّح التقرير صعوبة موافقة السُنة والأكراد على تشكيل حكومة نظرًا لضغوط هذه الميليشيات، وفي المقابل لن يبقى الصدر صامتاً وسيستخدم الشوارع بالتأكيد لخلق مشاكل لأية حكومة في حال تشكيلها.
في إشارة واضحة لموجة جديدة من الاحتجاجات، غرّد جليل النوري المقرب من الصدر: "من يعتقد أن الثورة قد انتهت، فهو واهم. كن حذراً من الهدوء. إنه دائمًا يسبق العاصفة".
رأى التقرير أن هناك 3 خيارات مطروحة على الطاولة للخروج من تلك الأزمة أولها تشكيل حكومة في غياب التيار الصدري، إلا أنها قد تتعرض لضغوط من أنصار الصدريين في الشوارع.
أما الخيار الثاني، فهو إجراء انتخابات مبكرة في وقت قريب، وهو أمر صعب بسبب عدم وجود اتفاق بين الأحزاب السياسية على قانون الانتخابات والمفوضية الانتخابية - إضافة إلى أن التحضير لانتخابات جديدة يتطلب جهدًا طويلاً في العراق.
أما الخيار الثالث فهو تشكيل حكومة تصريف أعمال، والتي يُرجّح أن يكون تشكيلها مصحوباً بفوضى في الشوارع وتحديات قانونية من القوى والفصائل السياسية.