تعد زيارة رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين مصر اليوم، الأولى لها، واستهدفت بحث المزيد من مجالات وفرص التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي، في ظل ما يربط الجانبين من علاقات تجارية واقتصادية وسياسية قوية واقتراب انعقاد اجتماع المجلس المشترك لتحديد أولويات الفترة المقبلة حتى 2027.
وعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي جلسة مباحثات مع رئيسة المفوضية الأوروبية، تناولت العديد من القضايا منها سبل تحقيق النقلة النوعية المأمولة، في الشراكة المصرية الأوروبية خـلال الفترة المقبلة من خلال تعزيز التعاون في عدد من القطاعات ذات الأولوية وأهمها الطاقة والطاقة النظيفة، وأمن الغذاء، والتحول الرقمي، والنقل الكهربائي، والزراعة والري الحديثان، وتصنيع اللقاحات فضلًا عن آليات تشجيع الشركات الأوروبية، على ضخ المزيد من الاستثمارات في مصر والتعاون الثلاثي بين مصر والاتحاد الأوروبي مع شركائنا في القارة الإفريقية.
وأكد دبلوماسيون أن الاتحاد الأوروبي يعول على مصر كقوة إقليمية للاستقرار والسلام في الشرق الأوسط وكذلك يعد هو أول شريك تجاري لمصر، موضحين أن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي علاقات استراتيجية وأن الاتحاد يتطلع إلى تدعيم علاقات التعاون والشراكة في كافة المجالات وخاصة مجالات الطاقة الجديدة والاقتصاد الأخضر.
مصر قوة إقليمية للاستقرار
وفي هذا السياق، قال السفير محمد عبد الحكم، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مصر في الوقت الحالي تعكس عدة دلائل، الرسالة الأولى أن الاتحاد الأوروبي أحد الداعمين الرئيسيين لمصر إقليميا ودوليا، والثانية أن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي علاقات استراتيجية.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الاتحاد الأوروبي يعول على مصر باعتبارها القوة الإقليمية في تحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، مضيفا أن الرسالة الثالثة هي أن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى تدعيم علاقات التعاون والشراكة مع مصر في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية وكذلك في مجالات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يشيد في كافة المناسبة بالجهود المصرية التي أسفرت عن توقف الهجرة غير الشرعية من مصر اعتبارا من عام 2016، مشيرا إلى أن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي في أعقاب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مسئولية الحكم في 2014 شهدت طفرة متميزة في كافة العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والسياحية خلال السنوات الثمانية الماضية.
وأكد عبد الحكم أن ذلك يأتي في ضوء الجوار الجغرافي والمصالح المشتركة وفي ضوء اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية الموقعة بين مصر والاتحاد الأوروبي في 2001 والتي تحكم العلاقات بين الجانبين، مشيرا إلى أنه هذا اللقاء هو الثالث بين الرئيس السيسي ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي خلال الـ6 أشهر الأولى من العام الجاري.
وأشار إلى أن اللقاء الأول كان في 11 فبراير في فرنسا والثاني كان على هامش القمة الأوروبية الأفريقية في بروكسل في 17 فبراير 2022، واليوم هو اللقاء الثالث، موضحا أن هذه الزيارة اليوم تأتي قبل أيام من اجتماع مجلس المشاركة المصرية الأوروبية في لوكسمبورج في 19 يونيو الجاري سيرأسه الممثل الأعلى للسياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية المصري سامح شكري.
ولفت إلى أنه خلال هذا الاجتماع سيتم توقيع وثيقة أولويات الشراكة الجديدة بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال السنوات القادمة مع إعطاء أولوية لقطاعات الاقتصاد الأخضر والطاقة الجديدة والمتجددة والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والنقل الذكي والكهرباء وحماية البيئة، مؤكدا أهمية التنسيق والتعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي قبل انعقاد مؤتمر قمة المناخ 27 في شرم الشيخ نوفمبر المقبل.
وأكد أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر في الشقين الاقتصادي والتجاري قوية، فهو الشريك التجاري الأول لمصر لأنه يستحوذ على أكثر من 25% من تجارة مصر الخارجية، كما أنه من أكبر المستثمرين في مصر ويستثمر أكثر من 10 مليار يورو خلال الفترة من 2021 حتى 2027، وهناك تعاون وثيق في مجالات عديدة منها الطاقة الجديدة والتحول للاقتصاد الأخضر والبنية التحتية وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وشدد على أن هذا نتيجة أن التحول للطاقة النظيفة سيكون في قلب الشراكة المصرية الأوروبية خلال الأعوام المقبلة، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي يولي أهمية كبيرة لدور مصر لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، ويعول بدرجة كبيرة على دور مصر باعتبارها مركزا إقليميا لتداول وتجارة الطاقة وكذلك دورها في توفير بعض إمدادات واحتياجات الدول الأوروبية من الغاز الطبيعي.
وأكد أهمية توقيع اتفاقية التعاون الثلاثي بين مصر والاتحاد الأوروبي وإسرائيل اليوم بحضور وزراء الطاقة في الأطراف الثلاث في مجال نقل وإدارة وتصدير الغاز الطبيعي بين الجوانب الثلاثة في إطار مظلة منتدى غاز شرق المتوسط، مشددا على أن مصر تمتلك البنية التحتية الخاصة بتسييل الغاز الطبيعي في وحدات الإسالة في إدكو ودمياط.
وأضاف أن مصر تمتلك أيضا البنية التحتية من أنابيب الغاز الممتدة من إسرائيل إلى مصر، وهناك تعاونا ثلاثيا لنقل الغاز الإسرائيلي إلى محطات الإسالة ثم تسييله في مصر ونقله إلى أوروبا، مشيرا إلى أن ذلك مهم في ظل التداعيات الحرب الروسية الأوكرانية واتجاه دول الاتحاد الأوروبي إلى تخفيض اعتمادها على الغاز الروسي نتيجة تداعيات الأزمة.
ولفت إلى أن تلك الأزمة أكدت أهمية منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم مصر وإسرائيل واليونان وقبرص وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية وانضمت إليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بصفة مراقب وكذلك فرنسا والإمارات من أجل تأمين تزويد الدول الأوروبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي من شرق البحر المتوسط.
الاتحاد أكبر شريك تجاري لمصر
ومن جهته، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لمصر حاليًا، تكتسب أهمية كبرى، فهي الأولى لها وكذلك تعد رئيس المفوضية بمثابة رئيس وزراء الـ27 دولة المنضمة للاتحاد الأوروبي، والتي تبلغ ميزانيتها 400 مليار دولار، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي من أكبر شركاء مصر في التجارة والاقتصاد والحوار السياسي والأمني والثقافي والحضاري.
وأوضح بيومي، في تصريح لبوابة «دار الهلال»، أن العلاقات بين الجانبين تعود إلى عام 1996 عندما تم توقيع اتفاق التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي، وفي 2001 تم توقيع اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية والذي به أجزاء للتعاون الأمني والسياسي والتعاون الاقتصادي والتجاري والحوار الثقافي والحضاري، في لجان تجتمع سنويًا لمناقشة هذه الجوانب تفصيلًا.
وأشار إلى أن رئيس مفوضية الاتحاد أعلنت اليوم خلال مؤتمرها الصحفي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن تقديم إغاثة فورية لمصر بأكثر من 100 مليون دولار من أجل تأمين الغذاء والمساعدات الغذائية في ظل الظروف الراهنة وارتفاع تكلفة الغذاء، وهي بمثابة منحة أو هدية أثناء الزيارة، وخاصة أن كل مساعدات الاتحاد الأوروبي تأتي في صورة منح وليس قروضًا.
وأكد أنه لا يوجد قطاع في مصر لم يدخل فيه الاتحاد الأوروبي للمساعدة فيه مثل البنية التحتية والطرق والكباري، وأمن الملاحة والموانئ والبريد والسياحة، وغير ذلك كل ذلك ساعد الاتحاد الأوروبي في تطويره، مشيرًا إلى أن هناك علاقات قوية بين مصر وكل دولة على حدة من دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
ولفت إلى أن أكبر شريك تجاري لمصر اليوم هو الاتحاد الأوروبي، فنحو 30% من التجارة المصرية هي مع الاتحاد الأوروبي ومنذ توقيع الاتفاق في 2001 زادت الصادرات المصرية 4 مرات، موضحًا أن هناك حوارا سياسيا يغطي المسائل ذات الاهتمام المشترك مثل ما يجري في ليبيا وشرق المتوسط وسوريا وكذلك التعاون في قضايا الطاقة.
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي قرر اعتبار مصر مصدرًا أساسيًا للطاقة له، حيث يجري مد خطوط للربط الكهربائي مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك تقوم مصر باستقبال الغاز من كل دول شرق المتوسط لتقوم بتسييله في محطات دمياط ورشيد وإعادة تصديره لأوروبا، بما يخلق قيمة مضافة لمصر لأن الغاز السائل قيمته أعلى بكثير من الغاز الخام.