استعرضت وزيرة التعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط نتائج الشراكات الدولية المنفذة خلال عامي 2020 و2021 ودورها في تعزيز جهود تحقيق التنمية المستدامة بمصر، مؤكدة أن التمويلات التنموية تعد أحد مصادر سد الفجوة التمويلية في الموازنة العامة للدولة، حيث تسجل نحو 15% من الدين الخارجي لمصر وتبلغ قيمة المحفظة تقريبا 26 مليار دولار.
جاء ذلك خلال لقاء المشاط، اليوم الأحد، بأعضاء لجنة الشئون الخارجية والعربية والإفريقية في مجلس الشيوخ، برئاسة النائب عفت السادات، وبحضور عدد من الأعضاء، من بينهم النائب جمال عبدالحليم وكيل اللجنة، والدكتورة عايدة نصيف أمين سر اللجنة، والدكتورة سعاد سليمان أمين اللجنة، والدكتورة هدى جمال عبدالناصر، والدكتور عبدالمنعم السعيد، لمناقشة دور الشركاء الدوليين وتأثيره على التنمية في مصر.
وقالت المشاط "إن التمويلات التنموية دائما ما تكون مرتبطة بتنفيذ مشروعات معينة، ويتم خلال الحصول على هذه التمويلات الأخذ في الاعتبار معايير الحوكمة والشفافية والمعايير البيئية والاجتماعية في ظل التنافسية الشديدة بين الدول في الحصول على هذه التمويلات من مؤسسات التمويل الدولية، ولذا تتمتع مصر بخصوصية وعلاقات متميزة مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين".
وأضافت أن "الشريك الأكبر لمصر على مدار فترات متعددة كانت الوكالة الأمريكية للتنمية، ولكن في الوقت الحالي تعدد الشركاء بشكل كبير، وعلى مستوى العلاقات الثنائين بين مصر والدول الصديقة والشقيقة توجد العديد من الوكالات، مثل الوكالة الفرنسية للتنمية والوكالة الكورية للتعاون الدولي والوكالة اليابانية وغيرها من بنوك التنمية، بينما على مستوى التعاون متعدد الأطراف هناك البنك الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وغيرها من مؤسسات التمويل الدولية باستثناء صندوق النقد الدولي الذي يختص بالسياسات المالية والنقدية".
وأوضحت أن التمويلات التنموية دائما ما تكون طويلة الأجل وبفائدة ميسرة للغاية، وتصل فترات السماح والسداد لنحو 30 عاما، منوهة بأن ما تتمتع به مصر من علاقات قوية مع شركاء التنمية يرجع إلى قوة وتوازن الدبلوماسية السياسية المصرية، والتي مهدت الطريق لنمو العلاقات بشكل كبير مع شركاء التنمية.
وقدمت وزيرة التعاون الدولي عرضا حول دور الوزارة وفقًا للقرار الجمهوري رقم 303 لعام 2004، والذي يأتي في إطار رؤية الدولة 2030 وبرنامج الحكومة المصرية "مصر تنطلق"، مبينة أن الوزارة لخصت المهام التي تقوم بها في ثلاثة مبادئ للدبلوماسية الاقتصادية، هي: منصة التعاون التنسيقي المشترك، ومطابقة التمويل التنموي مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، وتوثيق قصص مصر التنموية.
وأشارت إلى أن منصة التعاون التنسيقي المشترك كان لها دور كبير خلال جائحة كورونا، حيث تم من خلالها عقد اجتماعات متتالية جمعت بين شركاء التنمية والمؤسسات والوزارات الوطنية لعرض الخطط التنموية والأولويات في ظل الظروف التي فرضتها جائحة كورونا خلال عام 2020، موضحة أنه من خلال مطابقة التمويل التنموي مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة تم تصنيف المحفظة الجارية للوزارة التي تصل لنحو 26 مليار دولار تضم 377 مشروعا وفقا لكل هدف من أهداف التنمية المستدامة، بما يعزز الرؤية التفصيلية للعائد المحقق من التمويلات التنموية وانعكاسها على رؤية الدولة التنموية، ومن بين هذه المشروعات 145 مشروعًا في مجال الاستثمار في رأس المال البشري.
ولفتت إلى التمويلات التي اتفقت عليها الوزارة في عامي 2020 و2021، والتي بلغت نحو 20 مليار دولار بواقع 9.8 مليار دولار خلال عام 2020، بينما في عام 2021 بلغت التمويلات التنموية 10.2 مليار دولار، واستفاد من هذه التمويلات العديد من القطاعات التنموية، من بينها النقل والمواصلات والطاقة المتجددة والكهرباء والبنية التحتية والصحة والإسكان ومعالجة المياه وتمويل شراء القمح وبناء الصوامع، وغيرها من القطاعات ذات الأولوية بالنسبة للدولة.
ونوهت بأن نصيب القطاع الخاص من التمويلات خلال العامين نحو 5 مليارات دولار، جزء منها تمويلات وخطوط ائتمان للبنوك، والجزء الآخر مساهمات من المؤسسات الدولية في الشركات الخاصة، مضيفة أن التمويلات التي تم الاتفاق عليها خلال عامين لا تعني أن الدين الخارجي ارتفع بنفس القيمة، حيث أن هذه التمويلات يتم الاستفادة منها تباعا وسحبها على مراحل وفقًا لجدول تنفيذ المشروعات.
وذكرت أن هناك إجراءات حوكمة دقيقة معمول بها وشفافية يتم من خلالها اتخاذ قرار الحصول على التمويل التنموي، من بينها العرض على لجنة الدين الخارجي، ودراسة كافة بدائل التمويلات المحلية المتاحة والمصادر البديلة قبل اللجوء للتمويلات التنموية، وعقب الحصول على موافقة لجنة الدين يتم الحصول على موافقات متتالية من قبل الجهات المعنية على كافة المستويات الفنية والتشريعية والمالية والسياسية، ثم الموافقات النهائية من مجلس النواب ورئاسة الجمهورية.
وشددت على أن جهود التعاون الدولي والتمويلات التنموية تتماشى مع برنامج الحكومة "مصر تنطلق" 2018 - 2022 ومحاوره الخمسة، مبينة أنه يتم في هذا الإطار تنفيذ العديد من المشروعات، من بينها مشروعات البنية التحتية التي تم الموافقة عليها في ضوء برنامج الحكومة لتطوير وسلامة السكك الحديدية وتطوير مترو الأنفاق ومشروع تطوير سكك حديد مصر وتطوير نظام الإشارات.
وفيما يتعلق بقطاع الكهرباء، قالت المشاط "إن هناك مشروع بنبان للطاقة الشمسية، الذي نجح نتيجة الإصلاحات الهيكلية التي نفذتها الدولة كمشروع تعزيز كفاءة الطاقة وتحسين استقرار شبكة الكهرباء وإعادة تاهيل المحطات الكهربائية وبرنامج دعم الكهرباء والنمو الأخضر والغاز الطبيعي للمنازل، بالإضافة إلى مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي في العديد من المحافظات في أسيوط والمنيا".
كما شددت على أن الأمن الغذائي يأتي على رأس اهتمامات وزارة التعاون الدولي، في ضوء رؤية الدولة، وأنه لذلك يتم تنفيذ العديد من المشروعات في مجال الأمن الغذائي مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي، من بينها مشروع تحقيق التنمية الزراعية والريفية في 63 قرية بمحافظات الصعيد، ومشروعات تعزيز القدرات التسويقية لصغار المزارعين بالريف المصري، ومشروعات الاستثمارات الزراعية المستدامة وتحسين سبل المعيشة، ومشروع تعزيز الموائمة في البيئات الصحراوية، والتي يتم تنفيذها مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية.
وأشارت وزيرة التعاون الدولي أيضا إلى تنمية سيناء، موضحة أن الشراكات الدولية تسهم في تنفيذ البرنامج الحكومي الطموح لتنمية شبه جزيرة سيناء، حيث تستفيد نحو 150 قرية من التمويلات التنموية من الصناديق العربية من خلال توفير 2600 مسكن جديد واستصلاح وزراعة 18 ألف فدان، بالإضافة إلى الخدمات الأساسية التي يستفيد منها أكثر من 558 ألف مواطن.
ونوهت بأن التمويلات التنموية التي تم توقيعها مع الصناديق العربية لتنمية شبه جزيرة سيناء بلغ نحو 804 ملايين دولار في قطاعات تحلية المياه والبنية التحتية والتعليم والصرف، بما يعزز جهود تحقيق التنمية المستدامة.
وتابعت: "تعمل وزارة التعاون الدولي على تنمية العلاقات الثنائية من خلال اللجان المشتركة، وذلك برئاسة 68 لجنة ما بين لجان عليا ووزارية وقطاعية مع دول آسيوية وقارة أوروبا ودول عربية وقارة أفريقيا وأمريكا اللاتينية.. ومنذ بداية يوليو 2021 وحتى الآن، قامت الوزارة بعقد 7 لجان مشتركة مع دول (الأردن وتونس وليبيا وجنوب السودان وأوكرانيا وأذربيجان) وغيرها من الدول، فضلا عن التنسيق على مستوى الوزارات ومتابعة التنفيذ والمخرجات التي حدثت بين مصر والأردن والإمارات"، كما أشارت إلى العلاقات المتنوعة والشراكات مع المؤسسات الدولية، مثل المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي تم تعزيز الشراكة معه وإطلاق محفز سد الفجوة بين الجنسين بهدف سد الفجوة بين الجنسين في سوق العمل.
وأوضحت أن الوزارة تعمل من خلال إدارة التخطيط والمتابعة على متابعة موقف المشروعات الجارية مع شركاء التنمية، لافتة إلى أنه بنهاية عام 2021، فإن المحفظة كانت تسجل نحو 25 مليار دولار، يتصدرها قطاع النقل بنحو 6.2 مليار دولار، و5.8 مليار دولار في قطاع الإسكان والمرافق، و3.2 مليار دولار في قطاع الكهرباء والطاقة، و1.2 مليار دولار في قطاع البترول، و937 مليون دولار في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، وذلك في إطار أولويات واهتمامات الدولة، كما أوضحت أنه كل ثلاثة أشهر يتم عقد اجتماعات دورية لمناقشة التحديات التي تواجه المشروعات وتذليلها بالتعاون مع الجهات المعنية، وأنه حتي ديسمبر 2021 فهناك 2% من المشروعات فقط مازالت تواجه تحديات.
وعرضت وزيرة التعاون الدولي على السادة النواب الأفلام الترويجية التي تم إعدادها بالشراكة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية الإعلامية للترويج لقصص مصر التنموية في مجال التعليم والبنية التحتية والمياه والطاقة بما يعظم من القصص التنموية وجهود التعاون الدولي أمام المجتمع الدولي والقطاع الخاص.
وأكدت استعدادات مصر لتنظيم مؤتمرالأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27)، وسعي الدولة لتعزيز العمل المناخي وزيادة الاستثمارات الخضراء، مبينة أنه عقب إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية يتم الاتفاق على مجموعة من المشروعات الصديقة للبيئة لترويجها على المؤسسات الدولية.
ولفتت إلى أن الوزارة تعمل في الوقت الحالي على إعداد الاستراتيجيات مع شركاء التنمية للخمس سنوات المقبلة، وأن هذه الاستراتيجيات تحكمها رؤية مصر التنموية 2030 وبرنامج الحكومة والاستراتيجيات الأخرى، ومن بينها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والمبادرة الرئاسية "حياة كريمة".