يوافق اليوم الذكرى الـ53 لرحيل الصوت الخاشع المتفرد في قراءة القرآن الكريم في مصر والعالم الإسلامي، الشيخ محمد صديق المنشاوي، الذي رحل في مثل هذا اليوم عام 1969، والذي يعد أحد أعلام فنّ تلاوة القرآن الكريم، وأحد أشهر رواده الأفذاذ في مصر والعالم كله، والذي عُرفت تلاواته بالخشوع والإتقان.
كان الشيخ المنشاوي صاحب مدرسة أداء خاصة مُتفردة، ذاع صيتها من خلال ختمته القرآنية المُجودة والمرتلة، حيث ترك تراثا صوتيّا ضخمٍا لدى إذاعات القرآن الكريم ومن تسجيلاته الخارجية في مصر والعالم، لا يزال يحرص الكثيرين على الاستماع للقرآن بصوته حتى اليوم.
الشيخ المنشاوي
ولد الشيخ المنشاوي في 20 يناير 1920 الموافق28 ربيع الثاني 1338 هـ، بمركز المنشأة بسوهاج، حيث كانت أسرته من قراء الذكر، فكان والده هو الشيخ صديق السيد المنشاوي الذي اشتهرت قراءته في كل من مصر وسوريا ولندن، وكان عمه الشيخ أحمد السيد المنشاوي الذي دعي للقراءة بالقصر الملكي ورفض ذلك.
أتم الشيخ المنشاوي حفظ القرآن الكريم في وسنه ثمان سنوات في كتاب قريته، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة للنيل من علوم القرآن والقراءات في الثانية عشرة من عمره، ليبدأ رحلته في قراءة القرآن الكريم في المساجد والمحافل، حيث عرف بجمال صوته وتلاوته العذبة، حتى فلُقِّب الشيخ المنشاوي بـ«الصوت الباكي».
التحاقه بالإذاعة المصرية
وما أن ذاع صيته حتى التحق بالإذاعة المصرية وصار معتمدًا فيها كقارئ القرآن، حيث سجل القرآن الكريم كاملًا في ختمة مرتلة، كما سجل ختمة قرآنية مجودة بـالإذاعة المصرية، وله كذلك قراءة مشتركة برواية الدوري مع القارئين كامل البهتيمي وفؤاد العروسي.
قرأ أيضا في المساجد الرئيسية في العالم الإسلامي كالمسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس، وله العديد من التسجيلات في كبرى الدول الإسلامية، التي زارها وحصل فيها على أوسمة عدة من دول مختلفة، كإندونيسيا وسوريا ولبنان وباكستان.
وظل المنشاوي على رأس قراء القرآن الكريم في مصر في حقبة الخمسينات من القرن العشرين حتى اليوم الذين يستمع لهم المصريون منهم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمد رفعت وغيرهما الكثير، حيث قال عنه إمام الدعاة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي: «أنه ورفاقه الأربعة مقرئون؛ الآخرون يركبون مركبًا ويبحرون في بحر القرآن الكريم، ولن يتوقف هذا المركب عن الإبحار حتى يرث الله -سبحانه وتعالى- الأرض ومن عليها».
حياته العائلية
تزوج الشيخ المنشاوي بزوجة أولى أنجبت له أربعة أولاد و بنتين، ثم بزوجة ثانية أنجب منها خمسة أولاد و أربع بنات، وتوفيت زوجته الثانية سنة 1968م خلال تأديتهما لفريضة الحج.
وتوفي محمد صديق المنشاوي يوم الجمعة 20 يونيو 1969م الموافق 5 ربيع الثاني 1389ه عن عمر يناهز 49 عاما، بعد إصابته بمرض دوالي المريء، ليرحل تاركا خلفه العديد من التسجيلات للقرآن الكريم لا تزال حاضرة حتى اليوم.