الجمعة 26 ابريل 2024

شادية .. الأيقونة التى لا تغيب

20-6-2022 | 12:47

 

قال عنها نجيب محفوظ : إنها لا تناسب الأدوار التى كتبها، ولكنه عدل عن رأيه عندما جسدت دور نور فى "اللص والكلاب  وحميدة فى زقاق المدق وزهرة فى ميرامار"...وأثبتت أنها ممثلة قديرة برغم خلو هذه الأفلام من أى  غناء...وهى الدلوعة التى شبت على الغناء من سن الثامنة عندما أوعزت إلى جدتها التركية أن تناديها للغناء فى حفل عائلى حضره المطرب التركى المشهور منير نور الدين والذى أثنى عليها وطلب من والدها الحفاظ على هذا الكنز وتدريبها فهى تمتلك موهبة غير مسبوقة ، وكان من الصعوبة إقناعه لأنه رفض نفس النهج لأختها عفاف، ولكنه أوكل أمرها إلى من يدربها على البيانو والغناء على العود، بعد أن أبهرت الحضور بأغنية "بتبص لى كده ليه"، وقد تبنتها الأبلة حكمة فى مدرسة الفرير.. وسرعان ما تلقفتها شركات الإنتاج وأعجب بها أحمد بدران وقدم صوتها فى أحد الأفلام وخاصة بعد أن أبدت أم كلثوم إعجابها بصوتها..  ولكن انطلاقتها الحقيقية كانت مع المخرج حلمى رفلة فى فيلم "العقل فى اجازة"، أمام محمد فوزى بعد أن غيرت اسمها من" فتوش"وهو المعنى التركى لفاطمة.. لتصبح شادية بناء على اقتراحين أحدهما من يوسف وهبى والآخر من عبد الوارث عسر وقال إنها شادية الكلمات...وانطلقت فى مسيرة السينما ب١١٢ فيلما منها ٦ أفلام فى قائمة أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية..ولم يكن لها نصيب من الأبناء فقد أجهضت ٣ مرات مرة من عماد حمدى الذى كان أول أزواجها وكان يكبرها بعشرين عاما وانفصلا بسبب الغيرة الشديدة ومشكلاته مع زوجته الأولى، وأحبت بعده فريد الأطرش وأحبها حيث كانا يسكنان فى نفس العمارة، ولكنها لم تتحمل نمط حياته الساهرة دائما فقد كان بيته مفتوحا طوال الليل وكان كريما ومضيافا  و كانت هى تحب أن تركن إلى الهدوء والسكينة ليلا ، ثم تزوجت "مهندس" من أسرة أرستقراطية هو " عزيز فتحى"، الذى عرفته فى بيت فريد وانفصلت لنفس السبب فقد كان يطاردها فى أعمالها ...أما الفصل الأخير فى الزواج كان من صلاح ذو الفقار حيث تحولت قصة فيلم "أغلى من حياتى"،وهى أشهر روايات الرومانسية فى السينما المصرية من إنتاج محمود ذو الفقار الشهيرة ب "أحمد ومنى"،إلى قصة حقيقية وتزوجا بعد الفيلم مباشرة وكادت  تنجب ولكن القدر شاء أن تجهض فى شهرها الخامس وانفصلت عن صلاح ذو الفقار عام ١٩٦٩..وكانت فى بداية مسيرتها قد ارتبطت بمجموعة من الأفلام الكوميدية مع إسماعيل ياسين" ٢٣ فيلما"،وكان أشهرها:" الستات ميعرفوش يكدبوا وحماتى قنبلة ذرية"...وكونت مع كمال الشناوى ثنائيا جميلا ، كذلك مع رشدى أباظة حيث تألقا فى "الزوجة رقم ١٣ و نص ساعة جواز"..أما الصعود الكبير لها كان فى "المرأة المجهولة١٩٥٩ "، الذى قدمته وهى لم تبلغ ال٢٨ عاما.. ثم جاءت العلامة التى وقف عندها الرئيس عبد الناصر حيث عُرض فيلم " شئ من الخوف " و دورها الرائع " فؤادة " مع العملاق محمود مرسى.. حيث تم أجازة عرضه منه شخصيا رغم ما يحمله من إسقاط سياسى..ومن الروائع أيضا التى قدمتها نحن "لانزرع الشوك١٩٧٠"..وختمت  مع مديحة يسرى ويسرا فى رائعة " لاتسألنى من أنا "١٩٨٤...وقد أثبتت أنها ممثلة قديرة حتى بدون الغناء ومغنية مبهرة بعيدا عن التمثيل وكوميديانة لايشق لها غبار .. حسبنا فى دويتو  ياسلام على حبى وحبك مع فريد الاطرش من فيلم " انت حبيبى "... و عبرت بدلع عن مشاعر فرحة كل فتاة ب "  دبلة الخطوبة" و شباكنا ستايره حرير...و غنت ايضا من أغانى الفلكلور فى" قولوا لعين الشمس ماتحماشى"  و"غاب القمر يابن عمى"...وإن راح منك ياعين...وأحلى كلام هتقوله الليلة..والحب الحقيقى و٥٠٠ أغنية كلها روعة وجمال وإحساس... و لا ننسى بالطبع أغنياتها الوطنية الخالدة  .. و منها "الدرس انتهى لموا الكراريس" عقب ضرب مدرسة بحر البقر فى حرب الاستنزاف..وأقوى من الزمان مع عمار الشريعى، وأما الأغنية التى غنتها وسجلتها وهى تبكي بدموع حقيقية  من ألحان  بليغ حمدى و كلمات محمد حمزة "  ياحبيبتى يامصر" والتى أصبحت أيقونة المناسبات الوطنية وهى من تعصر قلوب المصريين فى الغربة" فتسح" من أعينهم الدموع دون أن يدروا، بل كانت أغنية ثورة ٣٠يونيه الصادرة من قلب الشباب النقى الذي لايعرف التعصب ويحب مصر بكل ذرة من كيانه... وهكذا كانت معبودة الجماهير التى قال عنها عبد الحليم: إن صوتها لايعرف النشاز وينطلق من مقام لآخر دون أن تشعر ويأسرك بنعومته.. ولم تنس المسرح فوضعت بصمتها مع كبار نجومه سهير البابلى وعبد المنعم مدبولى على مدار ٣ سنوات فى مسرحية " ريا وسكينة" وكأنها تربت على أعتابه فأبدعت وفى نهاية الرحلة وبعد ٥٠٠ أغنية عندما بلغت الخمسين وهى فى قمة تألقها وفى ليلة المولد النبوى الشريف غنت من كلمات علية الجعار "جه حبيبى ..وخد بإيدى.. قلتله أمرك ياسيدى..وآدى حالى وحال جميع المؤمنين"..وقالت إنها لم تستطع أن تحفظ الآن أى  عبارات ... وتفرغت لرعاية الأيتام وتبرعت بكل ما اكتسبته للجمعيات الخيرية ورفضت أى  ظهور تليفزيونى باستثناء لقاء أجرته معها د. هالة سرحان وهى بالحجاب ورفضت حتى طلبت صديقة عمرها سناء منصور أن تؤدى فوازير رمضان بصوتها لإذاعة الشرق الأوسط... ثم غاب القمر بعد ٣٦ عاما من الاعتزال.