حرص الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، على تهنئة العاملين بالوزارة، وذلك في كلمته بمجلة التنمية الإدارية الصادرة عن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، بمناسبة اليوم العالمي للخدمة العامة، وجاء نص الكلمة:
«في اليوم العالمي للخدمة العامة نذكر بعدة أمور :
- أولًا: العمل شرف ، فقد بين لنا ديننا الحنيف شرف العمل وأهميته، فهو سبيل الرقي والتقدم، والمتأمل في القرآن الكريم يجد فيه دعوة صريحة للعمل الذي يتحقق به إعمار الكون وتحقيق الخير للدنيا كلها، حيث يقول الحق سبحانه: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾(هود: 61)، ويقول تعالى: ﴿هُوَ الذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِليْهِ النُّشُورُ﴾(الملك: 15)، كما أن السنة النبوية المطهرة زاخرةٌ بالدعوة إلى العمل والجدِّ فيه، باعتباره شرفًا يحفظ للإنسان كرامته، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ" (صحيح البخاري)، ويقول ( صلى الله عليه وسلم ) : " مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ"(صحيح البخاري)، ويقول صلى الله عليه وسلم) : " مَنْ باتَ كَالاًّ مِنْ عَمَلهِ بَاتَ مَغفوراً لَه "(تاريخ ابن عساكر)، وكان سيدنا عمر (رضي الله عنه)يقول :" لَا يَقْعُدُ أحدكم عن طلب الرزق يقول: اللهمَّ ارْزُقْنِي؛ فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ السَّمَاءَ لَا تمطر ذهبًا ولا فضة"(إحياء علوم الدين) .
- ثانيًا: مبدأ الحق والواجب ، أو الحق مقابل الواجب ، وهو أحد أهم المبادئ العادلة التي تسهم في إصلاح المجتمع ، ومن ذلك حق العامل وحق العمل معًا .
والقاعدة : أن من أخذ الأجر حاسبه الله على العمل ، وأن العقد شريعة المتعاقدين ، وقد أمرنا رب العزة بالوفاء بالعقود ، فقال سبحانه : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ﴾(المائدة : 1).
- ثالثًا: أهمية إتقان العمل، فقد حثنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) على إتقان العمل ، فقال :"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ" (مسند أبي يعلى).
- رابعًا: مراقبة الله في السر والعلن، فقد حثنا ديننا الحنيف على مراقبة الله (عزو جل) في السر والعلن قبل مراقبة الخلق ، لأن الخلق إن غفلوا عن المراقبة أو المتابعة ، فهناك من لا يغفل ولا تأخذه سنة ولا نوم ، حيث يقول سبحانه : ﴿الله لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾(البقرة : 255) ، ويقول (عز وجل) ﴿ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾(المجادلة : 7)، ويقول على لسان لقمان (عليه السلام) مخاطبًا ولده ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾(لقمان : 16) .
- خامسًا: تطوير الذات بالتعليم المستمر ، فحيث يتوقف الإنسان عن تطوير ذاته يسبقه غيره ، إن لم يكن قاب قوسين أو أدنى من فقد ما وصل إليه ، ولا ينبغي لبرامج التأهيل أن تتوقف ما دام في مجال العلم بقية، وما دامت الوقائع والمستجدات والمستحدثات تتّابع، وهو ما فهمه علماؤنا الأوائل حين قالوا: العلم من المهد إلى اللحد ، والمحبرة إلى المقبرة ، وقدر كل امرئ ما كان يحسنه، وقيمة المرء على قدر ما يجيده ويتقنه ، ولم يعد بإمكان أحد أن يشق طريقه بغير العلم والوطنية والإخلاص والتفاني .
وبمناسبة هذا اليوم نقول لجميع العاملين المجدين المخلصين: أعانكم الله وقواكم، وسدد خطاكم ، وزادكم توفيقًا ، ورزقنا وإياكم العون لخدمة وطننا والإسهام في تقدمه وازدهاره».