الخميس 21 نوفمبر 2024

مقالات

تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الإعلامى


  • 26-6-2022 | 21:10

عبد الرازق توفيق

طباعة
  • عبد الرازق توفيق

نحن‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعلام‭ ‬يرصد‭ ‬المستجدات‭ ‬فى‭ ‬التحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬وإضافة‭ ‬قضايا‭ ‬وملفات‭ ‬تستحق‭ ‬المواجهة،‭ ‬فلدينا‭ ‬مساحات‭ ‬كبيرة‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نتحرك‭ ‬فيها‭ ‬بشرط‭ ‬الموضوعية‭ ‬والفهم‭ ‬والإدراك‭ ‬والإلمام‭.‬

هل‭ ‬اختلطت‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬الإعلام؟‭..‬ وهل‭ ‬انحرف‭ ‬عن‭ ‬بوصلة‭ ‬الأولويات‭ ‬وتفرغ‭ ‬للتنظير‭ ‬والفلسفة‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التحديات‭ ‬الحقيقية‭ ‬للوطن،‭ ‬لذلك‭ ‬نسأل‭ ‬هل‭ ‬نحتاج‭ ‬ترتيب‭ ‬الأولويات‭ ‬ليس‭ ‬فى‭ ‬الإعلام‭ ‬فحسب‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬الثقافة‭ ‬بكل‭ ‬مكوناتها؟‭.‬

أين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬المجتمع‭ ‬والدخول‭ ‬فى‭ ‬عمق‭ ‬الشارع‭ ‬المصرى‭ ‬وقضاياه،‭ ‬وكيف‭ ‬نتعامل‭ ‬معها،‭ ‬هل‭ ‬رصدنا‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬مصادر‭ ‬الخطر،‭ ‬فالدولة‭ ‬تسابق‭ ‬الزمن‭ ‬فى‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية‭ ‬والوفاء‭ ‬باحتياجات‭ ‬المواطن‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬تداعيات‭ ‬قاسية‭ ‬لأزمات‭ ‬عالمية،‭ ‬وتحقق‭ ‬نجاحات‭ ‬وإنجازات‭..‬ هل‭ ‬سألنا‭ ‬أنفسنا‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬والنجاح‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭.‬

ربما‭ ‬تكون‭ ‬المشكلة‭ ‬فى «بوصلة» الإعلام‭ ‬واهتماماته‭ ‬وأولوياته‭ ‬وتحديد‭ ‬القضايا‭ ‬الملحة‭ ‬التى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬معها‭ ‬بالرؤى‭ ‬والعلاج‭ ‬ودق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬بصددها‭ ‬والتحذير‭ ‬من‭ ‬خطورتها،‭ ‬هل‭ ‬وصل‭ ‬الإعلام‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬الناس‭ ‬ليست‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬همومهم‭ ‬ومخاوفهم‭ ‬وما‭ ‬يتعرضون‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬منغصات‭ ‬مثل‭ ‬البلطجة‭ ‬والمسجلين‭ ‬خطر،‭ ‬والمخدرات‭ ‬وفوضى‭ ‬الشارع‭ ‬وغياب‭ ‬الانضباط‭.‬

لم‭ ‬يعط‭ ‬الإعلام‭ ‬الاهتمام‭ ‬الكامل‭ ‬لقضايا‭ ‬مهمة‭ ‬فى‭ ‬حجم‭ ‬قضية‭ ‬النمو‭ ‬السكانى‭ ‬العشوائى‭ ‬وما‭ ‬تشكله‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬الوطن،‭ ‬وجهود‭ ‬التنمية‭ ‬وما‭ ‬تخلفه‭ ‬من‭ ‬ظواهر‭ ‬اجتماعية‭ ‬خطيرة‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬بعينها‭ ‬ولكن‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬المفهوم‭ ‬الشامل‭ ‬للوعى‭ ‬سواء‭ ‬القضايا‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والأمنية،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يسمع‭ ‬الإعلام‭ ‬للمواطن‭ ‬ويتعمق‭ ‬فيما‭ ‬يدور‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭ ‬المصرى‭ ‬يرصد‭ ‬حالة‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬من‭ ‬التدنى‭ ‬والعنف‭ ‬والتلوث‭ ‬اللفظى‭ ‬والسمعى‭ ‬والفوضى‭ ‬والانفلات،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬بعينها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬قضايا‭ ‬أخري‭.‬

نجح‭ ‬الإعلام‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬إيصال‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬ونجاحاتها‭ ‬وإنجازاتها‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭..‬ وتلبيتها‭ ‬لاحتياجات‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬والخدمات،‭ ‬وتبذل‭ ‬جل‭ ‬جهودها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوفاء‭ ‬بها‭..‬ لكنه‭ ‬تجاهل‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تحديات‭ ‬وشواغل‭ ‬وظواهر‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬قضايا‭ ‬التعليم‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬النشء‭ ‬والتلاميذ،‭ ‬وما‭ ‬يدور‭ ‬داخل‭ ‬المدارس،‭ ‬تجاهل‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬خطاب‭ ‬إعلامى‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬الأطفال‭ ‬فى‭ ‬مراحل‭ ‬مختلفة،‭ ‬غض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬إعلام‭ ‬الأسرة،‭ ‬وانشغل‭ ‬بالأكل‭ ‬وأصناف‭ ‬الطعام‭ ‬ومطبخ ‭ ‬‮«فلان‭ ‬وعلان‮»‬ وترك‭ ‬غذاء‭ ‬الروح‭ ‬والسلوك‭..‬ وسبل‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الأسرية،‭ ‬والدراما‭ ‬أيضا‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬حققت‭ ‬نجاحات‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬وميراث‭ ‬المساوئ‭ ‬الذى‭ ‬ورثته‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬دراما‭ ‬العشوائيات‭ ‬والقبح‭ ‬والبلطجة‭ ‬والمخدرات‭ ‬والانتصار‭ ‬للمجرم‭ ‬والبلطجى‭ ‬وتاجر‭ ‬المخدرات‭ ‬وهدم‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬وترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬الانتهازية‭ ‬والأنانية،‭ ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الدراما‭ ‬التى‭ ‬حققت‭ ‬نجاحات‭ ‬كبيرة‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬الأخيرة‭ ‬مازال‭ ‬أمامها‭ ‬قضايا‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬دراما‭ ‬الأطفال،‭ ‬والإعلام‭ ‬أيضاً‭ ‬مطالب‭ ‬بتخصيص‭ ‬مساحات‭ ‬زمنية‭ ‬للأطفال‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬تهدد‭ ‬عقل‭ ‬ووعى‭ ‬وشخصية‭ ‬الطفل‭ ‬المصرى‭ ‬من‭ ‬أفلام‭ ‬كرتون‭ ‬تدعم‭ ‬الشذوذ‭ ‬والمثلية‭ ‬والرذيلة‭ ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬بداخلنا‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬ورؤى‭ ‬للمواجهة‭ ‬مثل‭ ‬إنتاج‭ ‬برامج‭ ‬ومواد‭ ‬إعلامية‭ ‬ودرامية‭ ‬للأطفال‭ ‬أو‭ ‬إنشاء‭ ‬قنوات‭ ‬خاصة‭ ‬للطفل‭ ‬يجد‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يبحث‭ ‬عنه‭ ‬وفق‭ ‬أخلاقياتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬وثوابتنا‭.‬

ودعونى‭ ‬أطرح‭ ‬بعض‭ ‬الأسئلة‭ ‬حول‭ ‬محتوى‭ ‬ومضمون‭ ‬برامجنا‭ ‬الإعلامية‭ ‬التى‭ ‬انشغلت‭ ‬بقضايا‭ ‬وأزمات‭ ‬دولية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬قضايانا‭ ‬وتحدياتنا‭ ‬الداخلية‭ ‬وظواهر‭ ‬اجتماعية‭ ‬فتاكة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬تناول‭ ‬القضايا‭ ‬والأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬يأتى‭ ‬من‭ ‬بوابات‭ ‬التنظير‭ ‬والفلسفة‭ ‬دون‭ ‬ربط‭ ‬حقيقى‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬على‭ ‬الداخل‭ ‬لتجد‭ ‬لها‭ ‬مساحة‭ ‬فى‭ ‬وعى‭ ‬المواطن‭ ‬المصري‭.‬

والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬متابعتى‭ ‬لتنظير‭ ‬خبراء‭ ‬وأساتذة‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬أجد‭ ‬معظمهم‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬الشطحات‭ ‬وفشل‭ ‬كل‭ ‬توقعاتهم‭ ‬وإصرارهم‭ ‬على‭ ‬الاجابة‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬مذيعين‭ ‬ومذيعات‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬طبيعة‭ ‬الأسئلة‭ ‬التى‭ ‬توجه‭ ‬لمتخصص‭ ‬فى‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية،‭ ‬ويوجهون‭ ‬أسئلة‭ ‬ترتبط‭ ‬بالأمور‭ ‬العسكرية‭ ‬فى‭ ‬المواجهة‭ ‬الروسيةـ‭ ‬الأوكرانية‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬تخصصهم‭..‬ ولا‭ ‬أدرى‭ ‬لماذا‭ ‬يُصر‭ ‬المذيع‭ ‬أو‭ ‬المذيعة‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬أسئلة‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬سياسية‭ ‬وأخرى‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬عسكرية‭ ‬شديدة‭ ‬التخصص‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬غائب‭ ‬عن‭ ‬الشارع،‭ ‬وعن‭ ‬عمق‭ ‬المجتمع،‭ ‬عن‭ ‬الجامعة‭ ‬والمدرسة،‭ ‬عن‭ ‬الحارة‭ ‬والحى‭ ‬الشعبي،‭ ‬عن‭ ‬أحاديث‭ ‬المقاهي،‭ ‬عن‭ ‬تجاوزات‭ ‬وفساد‭ ‬الأحياء،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لدينا‭ ‬تقريباً‭ ‬مليونا‭ ‬‮«‬مقهى‭ ‬وكافيه‮»‬ لا‭ ‬تقارن‭ ‬بأعداد‭ ‬المساجد‭ ‬والمدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬والمستشفيات‭ ..‬والسؤال‭ ‬هل‭ ‬هذه ‬‮«‬المقاهي» ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬تراخيص‭ ‬وهل‭ ‬تسدد‭ ‬ضرائب‭ ‬للدولة‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬تحظى‭ ‬برعاية‭ ‬وحماية‭ ‬بعض‭ ‬موظفى‭ ‬الأحياء‭ ‬الفاسدين‭ ‬الذين‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬راتب‭ ‬شهرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬المقاهى‭ ‬‮«‬أبوابها‮»‬ وأزيدك‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬بيتاً،‭ ‬فى‭ ‬أوج‭ ‬أزمة «‬كورونا‮»‬ والدولة‭ ‬قررت‭ ‬عدم‭ ‬تقديم ‭»‬الشيشة‮»..‬ كان‭ ‬الموظف‭ ‬الفاسد‭ ‬يسمح‭ ‬لبعض‭ ‬المقاهى‭ ‬بتقديم‭ ‬الشيشة‭ ‬فى‭ ‬‮«‬البدروم»‬‭ ‬أو‭ ‬المخزن‭ ‬فى‭ ‬مقابل‭ ‬زيادة‭ ‬الراتب‭ ‬الشهري‭.‬

السؤال‭ :‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬قررت‭ ‬الدولة‭ ‬ترخيص‭ ‬هذه‭ ‬المقاهى‭ ‬وكونها‭ ‬أمراً‭ ‬واقعاً‭..‬ واستفادت‭ ‬بدفع‭ ‬فواتير‭ ‬المياه‭ ‬والكهرباء‭ ‬وتسديد‭ ‬الضرائب،‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مقهى‭ ‬سدد‭ ‬سنوياً ‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬جنيه‭ ‬وهو‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسدد‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬المكاسب‭ ‬الكبيرة‭ ‬التى‭ ‬تحققها‭ ‬المقاهى‭ ‬لذلك‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نضرب‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬فى‭ ‬مليونى‭ ‬مقهي‭.‬

السؤال‭ ‬أيضاً‭..‬ هل‭ ‬أفسح‭ ‬الإعلام‭ ‬الوقت‭ ‬الكافى‭ ‬لقضايا‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬وانتشار‭ ‬البلطجة‭ ‬والمخدرات‭ ‬والعنف‭ ‬وأهمية‭ ‬قضية‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية،‭ ‬هل‭ ‬ناقش‭ ‬قضايا‭ ‬التعليم‭ ‬واستمع‭ ‬إلى‭ ‬التلاميذ‭ ‬والطلاب‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬وخبراء‭ ‬التعليم‭ ‬والمسئولين‭ ‬عنه‭ ‬حتى‭ ‬نخرج‭ ‬بخارطة‭ ‬طريق‭ ‬أو‭ ‬توافق‭ ‬مجتمعي،‭ ‬هل‭ ‬ناقشنا‭ ‬تجاوزات‭ ‬الشارع‭ ‬من‭ ‬نظافة‭ ‬وإلقاء‭ ‬القمامة‭ ‬وفوضى‭ ‬وسيارات‭ ‬بدون‭ ‬تراخيص،‭  ‬وقاموس‭ ‬الألفاظ‭ ‬النابية‭.‬

لماذا‭ ‬يتناقض‭ ‬الإعلام‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬مضامينه،‭ ‬يسمح‭ ‬بالإساءة‭ ‬للأديان‭..‬ والتشكيك‭ ‬فى‭ ‬الثوابت‭ ‬وإنكارها‭..‬ لدرجة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إعلامياً‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬وأصبح‭ ‬يحظى‭ ‬بسخط‭ ‬وكراهية‭ ‬الناس،‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬نظهر‭ ‬النقيض‭ ‬ممن‭ ‬يتحدثون‭ ‬فى‭ ‬صحيح‭ ‬الدين‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬العلم‭ ‬والذكر،‭ ‬فلماذا‭ ‬نغامر‭ ‬ونستدعى‭ ‬الفتنة‭ ‬وتأجيج‭ ‬المشاعر‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الحديث‭ ‬فى‭ ‬الدين‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتخصصين‭ ‬والعلماء‭ ‬هو‭ ‬خط‭ ‬أحمر‭ ‬وقنابل‭ ‬موقوتة‭.‬

الإعلام‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يجدد‭ ‬بوصلته،‭ ‬وأن‭ ‬يغادر‭ ‬الاستديوهات‭ ‬وينزل‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭ ‬سواء‭ ‬لتسجيل‭ ‬النجاحات‭ ‬والإنجازات‭ ‬أو‭ ‬رصد‭ ‬الظواهر‭ ‬المجتمعية‭ ‬التى‭ ‬تشكل‭ ‬خطراً‭ ‬على‭ ‬حياتنا،‭ ‬فما‭ ‬حدث‭ ‬طيلة‭ ‬العقود‭ ‬الخمسة‭ ‬الماضية‭..‬ وما‭ ‬جرى‭ ‬من‭ ‬إجرام‭ ‬خلال‭ ‬أحداث‭  ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬الإخوان‭ ‬المجرمين‭ ‬يحتاج‭ ‬وقفة‭ ‬وتحليلا‭ ‬ودراسة‭.. ‬لنعرف‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭..‬ وكيف‭ ‬نالت‭ ‬هذه‭ ‬العقود‭ ‬المظلمة‭ ‬والسنوات‭ ‬القاحلة‭ ‬التى‭ ‬عمت‭ ‬فيها‭ ‬الفوضى‭ ‬والانفلات‭ ‬الأخلاقى‭ ‬فى‭ ‬قطاعات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬لنخرج‭ ‬بالأسباب‭ ‬ونضع‭ ‬العلاج‭ ‬بالمواجهة‭ ‬والمصارحة‭ ‬وبرامج‭ ‬الاستشفاء‭ ‬المجتمعى‭ ‬من‭ ‬منغصات‭ ‬وخطايا‭ ‬الماضي‭.‬

تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الإعلامى‭ ‬أصبح‭ ‬أمراً‭ ‬ملحاً‭ ‬للغاية،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬التجديد‭ ‬تصحيح‭ ‬‮ «البوصلة‮»‬ وإضافة‭ ‬قضايا‭ ‬جديدة‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬الرئاسى‭ ‬الذى‭ ‬يمثل‭ ‬القاعدة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التناول‭ ‬الموضوعى‭ ‬والمهنى‭ ‬الذى‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الإلمام‭ ‬والفهم‭ ‬والعلم‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬التنظير‭ ‬والخطب‭ ‬المسيئة،‭ ‬فليس‭ ‬شرطاً‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬كلاماً‭ ‬إيجابياً‭ ‬ولكن‭ ‬الشرط‭ ‬أن‭ ‬يتناول‭ ‬بموضوعية‭ ‬وإدراك‭ ‬وإلمام‭ ‬وفهم‭ ‬ودراسة‭ ‬متعمقة‭ ‬للأسباب‭ ‬وطرح‭ ‬الحلول‭ ‬والرؤى‭ ‬وعرض‭ ‬القضية‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬محاورها‭ ‬وزواياها‭ ..‬الإعلام‭ ‬ليس‭ ‬بالتشنج‭ ‬أو‭ ‬العصبية‭ ‬أو‭ ‬الانفعال‭ ‬ولكن‭ ‬بإدراك‭ ‬نقاط‭ ‬وقضايا‭ ‬تحتاج‭ ‬تناولاً‭ ‬ومعالجة‭ ‬لتشمل‭ ‬كل‭ ‬الموضوعات‭ ‬دون‭ ‬خجل‭ ‬أو‭ ‬حياء‭ ‬أو‭ ‬مواربة‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬الوطن‭ ‬والمجتمع‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬المظهرية‭ ‬والاستعراض‭ ‬والشو‭ ‬أو‭ ‬مجرد‭ ‬استهلاك‭ ‬مساحات‭ ‬وتوقيتات‭ ‬فى‭ ‬أحاديث‭ ‬الغث‭ ‬واللامضمون‭.‬

ربما‭ ‬نحتاج‭ ‬فى‭ ‬الإعلام‭ ‬وجوهاً‭ ‬جديدة‭ ‬تدعم‭ ‬الوجوه‭ ‬المهنية‭ ‬والموضوعية‭ ‬التى‭ ‬تحظى‭ ‬بالقبول‭ ‬والمصداقية،‭ ‬أجيال‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الإعلاميين‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬تنزل‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭ ‬والشارع‭ ‬وترصد‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة‭ ‬الأحداث‭ ‬والظواهر‭ ‬وتقرع‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر،‭ ‬وتطرح‭ ‬الرؤى‭ ‬والعلاج‭.‬

الإعلام‭ ‬يحتاج‭ ‬وجوها‭ ‬نظيفة‭ ‬متجردة‭ ‬تحظى‭ ‬باحترام‭ ‬الناس‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬أعطاب‭ ‬النفس‭ ‬وسوء‭ ‬السمعة‭..‬ وصاحبة‭ ‬تاريخ‭ ‬مشرف‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الانحراف‭ ‬والذاتية،‭ ‬ومصدر‭ ‬جمع‭ ‬المغانم‭ ‬والمكاسب،‭ ‬تدرك‭ ‬طبيعة‭ ‬اللحظة‭ ‬التى‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬الوطن،‭ ‬تكون‭ ‬مثالاً‭ ‬وقدوة‭ ‬وعنواناً‭ ‬لجمهورية‭ ‬جديدة‭ ‬عقيدتها‭ ‬الشرف‭ ‬والإبداع‭ ‬والإرادة‭ ‬والرؤى‭ ‬والعلم،‭ ‬وليس‭ ‬لمجرد‭ ‬وجه‭ ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬باحثاً‭ ‬عن‭ ‬نجومية‭ ‬ومظهرية‭ ‬دون‭ ‬أداء‭ ‬مستحق‭ ‬أو‭ ‬جدارة‭ ‬مهنية‭.‬

الطبيب‭ ‬والمهندس‭ ‬والمدرس‭ ‬والضابط‭ ‬ينال‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬لكن‭ ‬الإعلامى‭ ‬يعتمد‭ ‬على «‬الفهلوة‮» ‬والقدرات‭ ‬الشخصية‭ ‬المزعومة،‭ ‬فليس‭ ‬لمجرد‭ ‬شخص‭ ‬وسيم‭ ‬أو‭ ‬نجم‭ ‬فى‭ ‬الكرة‭ ‬أو‭ ‬الفن‭ ‬يتحول‭ ‬فجأة‭ ‬إلى‭ ‬مذيع‭ ‬وليس‭ ‬لفتاة‭ ‬جميلة‭ ‬نأتى‭ ‬بها‭ ‬لتكون‭ ‬مذيعة‭ ‬وهى‭ ‬خاوية‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬مضمون‭ ‬أو‭ ‬قدرات‭.‬

تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الإعلامى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصدى‭ ‬لظواهر‭ ‬مجتمعية‭ ‬خطيرة‭ ‬أمر‭ ‬بات‭ ‬ضرورياً‭ ‬يستلزم‭ ‬إضافات‭ ‬فى‭ ‬المضمون‭ ‬الإعلامى‭ ‬ليشمل‭ ‬قضايا‭ ‬وملفات‭ ‬وتحديات‭ ‬جديدة‭ ‬ويستلزم‭ ‬اختيار‭ ‬الكوادر‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬التعاطى‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القضايا،‭ ‬فالإعلام‭ ‬يقف‭ ‬مكتوف‭ ‬الأيدى‭ ‬أمام‭ ‬قضايا‭ ‬مهمة‭ ‬مثل‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬والإلحاد‭ ‬والإساءة‭ ‬للأديان‭ ‬والمخدرات‭ ‬والعنف‭ ‬المجتمعي‭ ..‬وفى‭ ‬اعتقادى‭ ‬أن‭ ‬جريمة‭ ‬المنصورة‭ ‬وما‭ ‬سبقها‭ ‬وتلاها‭ ‬هى‭ ‬جرس‭ ‬إنذار‭ ‬للإعلام‭ ‬الذى‭ ‬هو‭ ‬أقوى‭ ‬أسلحة‭ ‬المواجهة‭ ‬والرصد‭ ‬والتناول‭ ‬وطرح‭ ‬الرؤى‭ ‬والحلول‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متصدياً‭ ‬للمغالطات‭ ‬والمزايدات‭ ‬والإساءة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تغل‭ ‬أيدى‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬المجتمع‭..‬ وعلى‭ ‬الإعلام‭ ‬أن‭ ‬يتصدى‭ ‬للمتشدقين‭ ‬بالحرية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬المزعومة‭ ‬إذا‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بسلامة‭ ‬المجتمع‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬بأى‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬ألا‭ ‬يقف‭ ‬الإعلام‭ ‬داعماً‭ ‬ومسانداً‭ ‬لرجل‭ ‬الأمن‭ ‬حتى‭ ‬يواجه‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬بل‭ ‬التهديدات‭ ‬التى‭ ‬تتعلق‭ ‬بالجرائم‭ ‬والعنف‭ ‬المجتمعى‭ ‬والمخدرات‭ ‬ويوفر‭ ‬له‭ ‬الحماية‭ ‬والغطاء‭ ‬وساعتها‭ ‬سوف‭ ‬يسعد‭ ‬ويصفق‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬لأنهم‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬وإرهاب‭ ‬البلطجة‭ ‬والمسجلين،‭ ‬على‭ ‬الإعلام‭ ‬أن‭ ‬يطالب‭ ‬بدعم‭ ‬الجهود‭ ‬الأمنية‭ ‬لمواجهة‭ ‬تيار‭ ‬العنف‭ ‬والبلطجة‭ ‬والفوضى‭ ‬فى‭ ‬الشارع،‭ ‬ودعم‭ ‬الردع‭ ‬المجتمعى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشرطة‭ ‬ثم‭ ‬القضاء،‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نصنع‭ ‬بأيدينا‭ ‬فزاعات‭ ‬تجعلنا‭ ‬نصاب‭ ‬بالارتعاش‭ ‬والخوف‭..‬ فوطأة‭ ‬الخوف‭ ‬قاسية‭ ‬للغاية‭ ‬فما‭ ‬أكثر‭ ‬البلطجية‭ ‬والمسجلين‭ ‬وأرباب‭ ‬السوابق‭ ‬والمجرمين‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭ ‬والحارة‭ ‬والأحياء‭ ‬المصرية‭.‬

لا بد‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬الإعلام‭ ‬ويساند‭ ‬إصدار‭ ‬التشريعات‭ ‬والقوانين‭ ‬التى‭ ‬تتصدى‭ ‬للبلطجة‭ ‬والمجرمين‭ ‬والمسجلين‭ ‬خطر‭ ‬وتدعم‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬الذين‭ ‬يعرضون‭ ‬حياتهم‭ ‬للخطر،‭ ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬حالنا‭ ‬فى‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الفزاعات‭ ‬سوف‭ ‬نجنى‭ ‬أشواكاً‭ ‬كثيرة،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬الاعتبار‭ ‬لرجل‭ ‬الأمن‭..‬ وأن‭ ‬يخشاه‭ ‬المجرم‭ ‬والبلطجى‭ ‬والمسجل‭ ‬وألا‭ ‬نسمح‭ ‬بوجود‭ ‬ثغرات‭ ‬فى‭ ‬القانون‭ ‬تحمى‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمين‭.‬

لا بد‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬الإعلام‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬إعادة‭ ‬الانضباط‭ ‬للشارع،‭ ‬وكيفية‭ ‬التصدى‭ ‬للظواهر‭ ‬الإجرامية،‭ ‬التى‭ ‬باتت‭ ‬تؤرق‭ ‬المواطنين‭ ‬الأبرياء‭ ‬المسالمين‭ ..‬فكما‭ ‬أجهزنا‭ ‬على‭ ‬الإرهاب،‭ ‬يجب‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬البلطجة‭ ‬والعنف‭ ‬والخروج‭ ‬على‭ ‬القانون،‭ ‬وفرض‭ ‬السطوة‭ ‬والإتاوات‭ ‬وترهيب‭ ‬الناس‭.‬

نحتاج‭ ‬من‭ ‬الإعلام‭ ‬أن‭ ‬يساند‭ ‬الحملات‭ ‬الأمنية‭ ‬لتطهير‭ ‬الشارع‭ ‬المصرى‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مظاهر‭ ‬الإجرام‭ ‬والخروج‭ ‬على‭ ‬القانون‭..‬ ولا‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬حسابات‭ ‬أخرى‭ ‬يروجها‭ ‬المتشدقون‭ ‬والمزايدون‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المواطن‭ ‬المسالم‭ ‬والصالح‭ ‬والمحترم‭.‬

تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الإعلامى‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الدينى‭ ‬والثقافى‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬حالة‭ ‬إعلامية‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬معينة‭ ‬وهى‭ ‬مهمة‭ ‬للغاية‭..‬ لذلك‭ ‬نحتاج‭ ‬إضافة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬والملفات‭ ‬يجب‭ ‬التركيز‭ ‬عليها‭ ‬وإيلاؤها‭ ‬اهتماماً‭ ‬كبيراً،‭ ‬ونتناولها‭ ‬بعمق‭ ‬وموضوعية‭ ‬ودون‭ ‬مواربة‭ ‬أو‭ ‬حياء‭ ‬أو‭ ‬خجل‭..‬ لأن‭ ‬الأمر‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬فيه‭ ‬رفاهية‭.‬

يقيناً‭..‬ الإعلام‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬الفارق‭ ‬فى‭ ‬التصدى‭ ‬لتحدياتنا‭ ‬المجتمعية‭ ‬الخطيرة‭ ..‬حتى‭ ‬تجسدت‭ ‬فى‭ ‬قضية ‭»‬نيرة»‬‭ ‬وما‭ ‬قبلها‭ ‬وبعدها‭..‬ لذلك‭ ‬نحتاج‭ ‬وقفة‭ ‬إعلامية‭ ‬شديدة‭ ‬الخصوصية‭ ‬تسفر‭ ‬عن‭ ‬تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الدينى‭ ‬يواكب‭ ‬الواقع‭ ‬والمستجدات‭ ‬والتحديات‭..‬ بدلاً‭ ‬من‭ ‬الاستغراق‭ ‬فى‭ ‬تنظير‭ ‬لن‭ ‬يفضى‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭.‬

على‭ ‬الكاميرات‭ ‬والأقلام‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬التحديات‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتكشف‭ ‬بوضوح‭ ‬مواطن‭ ‬الخلل،‭ ‬وأسباب‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬الغريبة‭ ‬والشاذة‭ ‬والدخيلة‭ ‬على‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬شمروا‭ ‬عن‭ ‬أيديكم‭ ‬واستعدوا‭ ‬للمواجهة‭.‬

فى‭ ‬تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الإعلامى‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نستلهم‭ ‬روح‭ ‬الحوار‭ ‬الوطنى‭ ‬الذى‭ ‬يستهدف‭ ‬صياغة‭ ‬المستقبل‭ ‬وتحديد‭ ‬أولويات‭ ‬العمل‭ ‬الوطنى‭ ‬فى‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬الإعلام‭ ‬بوضع‭ ‬أهم‭ ‬القضايا‭ ‬والشواغل‭ ‬والتحديات‭ ‬الوطنية‭ ‬أمام‭ ‬طاولة‭ ‬الحوار‭ ‬الوطنى‭ ‬ويتحلى‭ ‬بالجرأة‭ ‬والشجاعة‭ ‬والشفافية‭ ‬ويضع‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬أهم‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التى‭ ‬تشكل‭ ‬تحديًا‭ ‬أمام‭ ‬شركاء‭ ‬المستقبل،‭ ‬فالحوار‭ ‬الوطنى‭ ‬يتسم‭ ‬بالأفق‭ ‬الواسع‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬المقولة‭ ‬الرئاسية ‭»‬الاختلاف‭ ‬لا‭ ‬يفسد‭ ‬للوطن‭ ‬قضية،‭ ‬وأن‭ ‬الوطن‭ ‬يتسع‭ ‬للجميع‮»‬،‭ ‬فالإعلام‭ ‬مطالب‭ ‬بأن‭ ‬يقرأ‭ ‬المستجدات‭ ‬التى‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬ويتجه‭ ‬نحو‭ ‬بوصلة‭ ‬الوطن‭ ..‬ويتفهم‭ ‬مقاصد‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أمنت‭ ‬واستقرت‭ ‬البلاد‭ ‬وآن‭ ‬لها‭ ‬الأوان‭ ‬أن‭ ‬تتحاور‭ ‬وتتناقش‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬وتحديات‭ ‬وأولويات‭ ‬الوطن‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬الحوار‭ ‬الوطنى‭ ‬يتصدى‭ ‬لقضايا‭ ‬وتحديات‭ ‬الوطن،‭ ‬ويخرج‭ ‬برؤى‭ ‬وتوافقات‭ ‬فإن‭ ‬الإعلام‭ ‬لديه‭ ‬القدرة‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬طاقة‭ ‬للوعى‭ ‬والمعلومات‭ ‬والأطروحات‭ ‬أو‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬سقطت‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬القضايا‭ ‬المهمة‭ ‬التى‭ ‬سيتناولها‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭.‬

فى‭ ‬تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الإعلامى‭ ‬أيضًا‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يعظم‭ ‬الوعى‭ ‬والفهم‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬أن‭ ‬أى‭ ‬خلاف‭ ‬أو‭ ‬خصام‭ ‬أو‭ ‬جفاء‭ ‬لا‭ ‬يدوم،‭ ‬وأن‭ ‬سياسات‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالعواطف‭ ‬ولكن‭ ‬بالمصالح‭ ‬ومصير‭ ‬الأوطان‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬الأمة‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬دولها‭ ‬التقارب‭ ‬والوحدة‭ ‬والتضامن‭ ‬والتكاتف‭ ‬والتكامل‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬مستجدات‭ ‬وتحديات‭ ‬فرضتها‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭- ‬الأوكرانية‭ ‬وبزوغ‭ ‬عصر‭ ‬نظام‭ ‬عالمى‭ ‬جديد‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يستحوذ‭ ‬العرب‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬تليق‭ ‬بقدرات‭ ‬وموارد‭ ‬وثروات‭ ‬وثقل‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يتأتى‭ ‬إلا‭ ‬بالوحدة‭ ‬والتكامل‭ ‬ولم‭ ‬الشمل‭ ‬والعمل‭ ‬العربى‭ ‬المشترك‭.‬

الإعلام‭ ‬أيضًا‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬ويعى‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬أصبحت‭ ‬دولة‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬شديدة‭ ‬الصلابة،‭ ‬وقد‭ ‬تجاوزت‭ ‬مراحل‭ ‬شبه‭ ‬وأشلاء‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬حقيقية‭ ‬قوية‭ ‬وقادرة‭ ‬ذات‭ ‬ثقل‭ ‬ومكانة‭ ‬ودور‭ ‬فعال‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمى‭ ‬والدولي‭..‬ لذلك‭ ‬فإن‭ ‬تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الإعلامى‭ ‬لا بد‭ ‬أن‭ ‬يلتفت‭ ‬إلى‭ ‬التغييرات‭ ‬التى‭ ‬حدثت‭ ‬فى‭ ‬المشهد‭ ‬المصرى‭ ‬وارتفاع‭ ‬ترمومتر‭ ‬الثقة‭ ‬فى‭ ‬النفس‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوي،‭ ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تنضج‭ ‬العقول‭ ‬والصدور‭ ‬لتتسع‭ ‬لكل‭ ‬الآراء‭ ‬الموضوعية‭ ‬المرتكزة‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬ومراعاة‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يصب‭ ‬فى‭ ‬اتجاه‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬أحلام‭ ‬وطموحات‭ ‬وتطلعات‭ ‬المصريين‭.‬

تجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الإعلامى‭ ‬لا‭ ‬يخجل‭ ‬من‭ ‬مصارحة‭ ‬ومكاشفة‭ ‬تكشف‭ ‬مساوئ‭ ‬وظواهر‭ ‬سلبية‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬الماضى‭ ‬وما‭ ‬طرأ‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المواجهة‭ ‬والإصلاح‭ ‬والعلاج‭ ‬الذى‭ ‬يتصدى‭ ‬سواء‭ ‬لعنف‭ ‬مجتمعي،‭ ‬أو‭ ‬أفكار‭ ‬شاذة‭ ‬وغريبة‭ ‬ومستوردة‭..‬ لابد‭ ‬أن‭ ‬يطرق‭ ‬الإعلام‭ ‬كل‭ ‬أبواب‭ ‬الرصد‭ ‬للمخاطر‭ ‬المجتمعية‭ ‬ويدق‭ ‬ناقوس‭ ‬التحذير‭ ‬والخطر‭ ‬ويساهم‭ ‬فى‭ ‬وضع‭ ‬الرؤى‭ ‬والحلول‭ ‬وأساليب‭ ‬المعالجة‭ ‬والتعامل‭.‬

فى‭ ‬خندق‭ ‬الوطن

الإعلام‭ ‬الوطنى‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أسلحة‭ ‬الدولة‭ ‬يقترب‭ ‬فى‭ ‬أهميته‭ ‬من‭ ‬الجيوش‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويتشابه‭ ‬فى‭ ‬مهامه‭ ‬معها‭..‬ فإذا‭ ‬كانت‭ ‬الحروب‭ ‬النظامية‭ ‬والتقليدية‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬إحلال‭ ‬السلام،‭ ‬وزوال‭ ‬أسباب‭ ‬الصراع‭ ‬والحرب،‭ ‬فإن‭ ‬الإعلام‭ ‬أيضاً‭ ‬كسلاح‭ ‬يصوب‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬أعداء‭ ‬الوطن‭ ‬تختلف‭ ‬رسالته‭ ‬فى‭ ‬أوقات‭ ‬الحروب‭ ‬والصراع،‭ ‬والسلام‭ ‬لكنه‭ ‬دائماً‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬تأهب‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬الاسترخاء‭ ‬ولكن‭ ‬الاستعداد‭ ‬والجاهزية‭ ‬والتطور‭ ‬لأن‭ ‬أمامه‭ ‬مهمة‭ ‬مقدسة‭ ‬هى‭ ‬بناء‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬الذى‭ ‬يوفر‭ ‬الحماية‭ ‬للأوطان‭.‬

نعم‭ ‬تختلف‭ ‬خطابات‭ ‬الإعلام‭ ‬فى‭ ‬أوقات‭ ‬العداء‭ ‬والحروب‭ ‬عنها‭ ‬فى‭ ‬أوقات‭ ‬السلام‭ ‬والعلاقات‭ ‬الطبيعية‭ ‬للدول‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬هذا‭ ‬رد‭ ‬للمزايدين‭ ‬والموتورين‭ ‬والأغبياء‭ ‬والجهلاء‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يفهمون‭ ‬رسالة‭ ‬الإعلام‭ ‬الوطنى‭ ‬كأحد‭ ‬أسلحة‭ ‬الوطن‭ ‬تتحدد‭ ‬بوصلته‭ ‬وقبلته‭ ‬طبقاً‭ ‬لبوصلة‭ ‬واتجاه‭ ‬الوطن،‭ ‬والحقيقة‭ ‬ان‭ ‬الإعلام‭ ‬الوطنى‭ ‬المصرى‭ ‬يدرك‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬جيداً‭ ‬فلا‭ ‬يعبأ‭ ‬بالمزايدين‭ ‬والمشوهين،‭ ‬فالإعلام‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬وأسلحة‭ ‬الدولة‭ ‬حرباً‭ ‬وسلماً‭ ‬لذلك‭ ‬أطالب‭ ‬زملائى‭ ‬الإعلاميين‭ ‬إذا‭ ‬خاطبهم‭ ‬الجاهلون‭ ‬قالوا‭ ‬سلاما‭ ..‬الإعلام‭ ‬الوطنى‭ ‬يحب‭ ‬من‭ ‬يحب‭ ‬الوطن،‭ ‬ويعادى‭ ‬من‭ ‬يعاديه‭ ‬هذا‭ ‬باختصار‭.‬

الاكثر قراءة