السبت 25 مايو 2024

«عقدة جيش الشعب»

21-7-2017 | 16:41

 

بقلم: عبد اللطيف حامد

استفزتنى بشدة الحملة الضروس فى وسائل التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا» ضد الزعيم جمال عبد الناصر على مدى الأيام الأخيرة، مع اقتراب ذكرى احتفال ثورة ٢٣ يوليو المجيدة، فكلما كتب أحد «بوست» لصالح الرجل، سارع دعاة العلم ببواطن الأمور والنيات إلى النبش فى سيرة الماضى، والتحامل على الثورة وقائدها بكلام أجوف لا يستند إلى دليل أو منطق.

 

فى البداية لم أجد مبررا مقبولا لحالة السعار العضال، والنهش والتقطيع بألسنة حداد فى ناصر حبيب الملايين حتى لو اختلفت معه فى بعض سياساته، فالثورة مر عليها ٦٥ عاما بالتمام والكمال، والرجل ذهب إلى رحاب ربه منذ ٤٧ عاما، وبعد برهة من التفكير والتدبر لفهم هذه الحالة البعيدة عن أخلاقنا كمصريين، اذكروا محاسن موتاكم، ولا شماتة فى ميت، ولو كان كافرا، فما بالك بمؤمن موحد بالله،وزعيم ثورة غيرت وجه مصر والغريب أن غالبية هؤلاء المهاجمين شباب لا عاصروا «ناصر» وزعيم ثورة غيرت وجه مصر ولا سابقيه، ولفت نظرى تعمد الربط بين الزعيم والجيش من أجل فتح الباب بخبث لكيل الاتهامات لهما معا، والإسهاب فى «الكومنتات» الحراقة والخارجة فى الوقت نفسه رغم أن «اللايك» العملة الأكثر تداولا على الفيس، فسألت نفسى هل هذا الموقف مصادفة أم ممنهج؟.

وطالما أن صفحات الفيس بوك فضاحة، ولا تحتاج لمجهود للتوصل إلى قناعات أصحابها الفكرية والسياسية، وحتى التنظيمية قمت بعملية متابعة بسيطة لأصحابها، فوجدت منهم من هو إخوانى صريح بدون لبس، يرفع شعار رابعة، مبكى التنظيم الدولى بقيادة رجب طيب أردوغان، أول من سوق له، وروجه خارجيا، ومنهم من هواه إخوانى أو فوضوى على طريقة الاشتراكيين الثوريين، يضمر العداء للزعيم من بوابة الحقد على القوات المسلحة كمؤسسة، ورجالها على مر العقود والثورات، لا ينسون أنها أفسدت مؤامرات الجماعة وحلفائها لاختطاف مصر، وتحويلها إلى ولاية فى خلافتهم المزعومة، من ٢٣ يوليو إلى ٢٥ يناير ثم ٣٠ يونيه التى أسقطت حكمهم قصير الأجل والنظر، وكشفت نوايا فرض الوصاية على المصريين ٥٠٠ سنة كما قال نائب المرشد خيرت الشاطر ـ لكن الله سلم ـ.

عقدة وقوف الجيش مع الشعب ستظل تطاردهم، ولن يرضوا عنه أبدا، حتى يتبع ملتهم، ولن يكون، فلا معنى للوطن فى أدبياتهم إلا كرسى الحكم، وإلا أحرقوه، ودمروه كما دأبوا منذ الإطاحة بالمعزول، وما فيديو محمد البلتاجي، القيادي الإخوانى، الذى أكد خلاله أن «أحداث العنف التي تشهدها سيناء ستتوقف في الثانية التي يعلن فيه الفريق عبدالفتاح السيسي تراجعه، ومع عودة محمد مرسي لأداء مهامه» بخافٍ على أحد، وسيظل دليل إثبات عليهم لا يقبل التأويل ولا التشكيك.

«بوستات» الردح لثورة يوليو وقائدها تنزل بردا وسلاما على كارهى القوات المسلحة، وتجدهم يتنافسون فى «الشير» و»الكومنت» مع الرجاء بالقول كمان وكمان، وأن يعطى لها حقها وزيادة من القدح والإساءات، وترديد العبارات الممجوجة «عمال على بطال»، تلميحا وتصريحا أما «بوستات» المدح فى الثورة البيضاء، التى لم ترق فيها دماء، تنزل على كارهى القوات المسلحة، نارا حامية تحرق القلوب، وتدمى العيون، رغم أن الجماعة وأتباعها من التنظيمات المتطرفة أذاقوا قبل ثورة يونيه وفيها وبعدها المصريين الأمرين، من مذبحة الاتحادية فى حكم المعزول إلى مكتب الإرشاد بالإضافة إلى موجات التفجيرات من سيناء ضد رجال الجيش إلى مديريات الأمن فى القاهرة والمنصورة واغتيال النائب العام، مع ثلة من العمليات الإجرامية بطول البلاد وعرضها، وجنازات الشهداء لم تتوقف حتى اليوم والغد.

التحليلات فى الداخل والخارج التى ربطت بين الزعيمين ناصر والسيسي من ناحية وبين ثورتى يوليو ويونيه من ناحية أخرى تشعل نار الحقد فى أتباع الجماعة ومليشياتها الإليكترونية فيصبون أحقادهم على الأول بطريقة الهمز واللمز للثاني، والمؤسسة العسكرية بصفة عامة، وعلى ما يبدو من الشواهد أن عقدة كراهية جيش الشعب ستظل مرضا مزمنا لن يبرأوا منه حتى لو بالكى.

 

 

    الاكثر قراءة