الإثنين 17 يونيو 2024

مصر هترجع تانى تولدك

21-7-2017 | 17:21

بقلم : فريدة الشوباشي

فى الذكرى الخامسة والستين لثورة يوليو، لايزال قائدها جمال عبدالناصر محور الاهتمام، على الصعيدين الداخلى والدولى على السواء..ومن الظواهر التى باتت تسترعى الاهتمام وتوجب التحليل، لغز عبدالناصر، حيث يظل محور التحليلات ولم يتوقف هجوم أعداء مبادئ يوليو لحظة طوال السبعة وأربعين عاما التى مرت على رحيل الرجل..وكأنه مازال حيا يرزق !!..ولذا فإن الهجوم الشرس ومحاولات التشويه المستميتة تؤكد أنه عدو هؤلاء، بمبادئه التى غرسها فى قلوب المصريين والعرب وشعوب العالم الثالث..

 

قال عنه المناضل الكبير نيلسون مانديلا، إنه زعيم زعماء إفريقيا، وعبر صوت أسطورة النضال تشى جيفارا، المحيط ليقول لعبدالناصر وجها لوجه: كان انتصاركم فى بورسعيد أملنا ونحن نحارب فى الجبال..شاهد العالم أجمع كيف كانت الجماهير تستقبل عبدالناصر فى الدول العربية وكذلك فى كل مكان يحل به..ولا ننسى أن الرئيس الأمريكى ايزنهاور هو الذى انتقل إلى مقر جمال عبدالناصر فى الأمم المتحدة عام ١٩٦٠ ..والحديث هنا يحتاج إلى آلاف الصفحات؛ ولكنى أعتقد أن التحقق من التسجيلات على وسائل التكنولوجيا الحديثة يمكن أن تفى بالغرض ..وكما قال صلاح جاهين عن مصر: «وزعيمك خلاكى زعيمة»..ظل عبدالناصر إذن عابرا للأزمات كأسطورة وطنية، قومية إنسانية.. وقد تأكد ذلك على مر السنين وكيف لا تجد الجماهير المتعطشة إلى الحرية والاستقلال ما تؤكد به إصرارها على تحقيق أمانيها إلا صور عبدالناصر..أسطورة عبدالناصر أصابت الأعداء والخصوم بحيرة لا قرار لها..ومن هنا استمر الهجوم والتشويه والافتراء مستمرا بدرجة هيستيرية.. وقد شاهدت يوما برنامجا فى التلفزيون المصرى يهاجم عبدالناصر هجوما مزريا بمناسبة وقوفه مع ثورة اليمن، وأكد البرنامج أن عبدالناصر «تحرش»؟! بأمريكا الحلوة وبالسعودية الجميلة...وقلت يومها لوزير الإعلام كلاما كثيرا أذكر منه «عبدالناصر مات، أحلف لك على مصحف إنه مات..استثمروا شعبيته..لقد جاءت الوفود ودموعها تنهمر كى تعزينا فى وفاته فأخذنا نكيل له الاتهامات وعندها أداروا لنا ظهورهم.و....». عبدالناصر الأسطورة هو أيضا لغز يستعصى حله، تماما مثل لغز الشعب المصرى والعربى، الذى أصاب أصحاب مخطط التفتيت فى الصميم..فقد تبارى أعداء يوليو التى أخرجتنا من براثن وأنياب الاحتلال البريطانى البغيض والملكية الفاسدة المتحالفة مع مصاصى دماء الغلابة، يهاجمون يوليو بلا هوادة ولا توقف، ومع ذلك لم يحظ َزعيم، ربما على مستوى العالم بمثل ما حظى به عبدالناصر من مديح بعد وفاته..أى بعد ان أصبح فى رحاب الله بحيث لا ينتظر من يمدحه ويعدد صفاته النبيلة أى مقابل..وهذه المسألة بالذات يحاول أعداء ناصر فك طلاسمها دون جدوي..وعلى سبيل المثال، أشاعوا أن هبة الجماهير بالملايين فى مصر مساء التاسع من يونيه. كانت بتدبير من الاتحاد الاشتراكي، !!! مع أننا فى ذلك المساء، هزمنا الهزيمة وأحلنا احتفال إسرائيل وأمريكا بهزيمتنا إلى مناحة مازالت مجال فحص وتمحيص ..وجاء دحض هذه الأكذوبة الغبية يوم الرحيل، حيث لاتزال جنازة عبدالناصر، حتى الآن هى أكبر جنازة فى التاريخ، رغم أن تعدادنا كان ثلاثين مليون نسمة وحيث كان يصعب، بل يستحيل على أى قوة فى العالم أن تدفع بالدموع والعويل ومظاهر الحزن فى قلوب الملايين التى كانت تبكيه وتهدر كالزلزال بأعلى صوت: يا جمال يا حبيب الملايين، ثورتك ثورة كفاح عشتها طول السنين..يا جمال..وظل جمال فى قلوب الملايين فى مصر والوطن العربى وشعوب العالم الثالث..وهو ما تؤكده مئات المواقف والمقالات والقصائد التى تمت بعد الرحيل فكتب الأبنودى: أعداؤه كرهوه ودى نعمة من كرهه أعداؤه صادق، فى قلبه كان حاضن امة وضمير وهمة ومبادئ، ساكنين فى صوت عبدالناصر، كان الهلال فى قلبه صليب لا شفنا حزازات فى بلادنا، ولا شفنا ديب بيطارد ديب، ولا جرس خاصم مدنة، وحدنا صوت عبدالناصر..وقال شاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش :نعيش معك نسير معك، نجوع معك، وحين تموت، نحاول ألا نموت معك..ومن اجمل ما قيل، ما عبر به عن مكانة عبدالناصر، الشاعر العربى السورى الكبير نزار قبانى: تضيق قبور الميتين بمن بها وفى كل يوم أنت فى القبر تكبر ... وربما يفسر ذلك موقف الولايات المتحدة من ثورة يونيه وبروز اسم عبدالفتاح السيسى حيث قال عضو مجلس الشيوخ الأمريكى جون ماكين: لن نسمح بظهور ناصر آخر !!!..وواضح أنه لم يقرأ ما كتبه صلاح جاهين: الراسل: شعب مصر، إلى: جمال عبدالناصر، العنوان:قلب مصر، فى ذكرى لحظة مولدك، بنؤيدك، يا أيها المصرى العظيم، بنوعدك، مهما غبت، حنوجدك، ومهما مُت، مصر حترجع مرة تانية، تولدك و....سيظل نداؤه باقيا جيلا بعد جيل:ارفع رأسك يا أخي..