الأربعاء 22 مايو 2024

ثورة غيرت وجه الحياة

21-7-2017 | 17:34

بقلم: سناء السعيد

الأحد القادم تحل الذكرى الخامسة والستون لثورة الثالث من يوليو ١٩٥٢، وهى التى توجت بوصفها الحدث الأهم فى القرن العشرين بما خلفته من آثار سياسية واقتصادية واجتماعية غيرت وجه الحياة فى مصر وفى الوطن العربى كله وعلى امتداد العالم الثالث حتى آسيا وأمريكا اللاتينية.

وانعكس هذا بالتبعية على دور مصر الإقليمى والدولى، فكان أن ظهرت كإحدى القوى المؤثرة فى العالم وتجلى ذلك فى دورها فى العالم العربى والعالم الثالث وحركة عدم الانحياز، إنها الثورة التى قادها مجموعة الضباط الأحرار برئاسة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ولهذا رأينا زعماء كـ»كاسترو»، و»شى جيفارا»، و»مانديلا» يعتبرون عبدالناصر رائدهم ومثلهم الأعلى، إنها الثورة التى امتشقت حسام الصمود والتحدى فى مواجهة الهجمة الصهيونية الأمريكية، ونجحت فى إجراء تغيير جذرى سياسى واقتصادى واجتماعى وثقافى شامل استطاع أن يغير كل أشكال الحياة فى مصر لتطال التغييرات كل المجالات وليمتد تأثيرها إلى الوطن العربى الذى تأثر بكل ثوابتها، ومن ثم وبفضل إشعاعها سرى التغيير فى مجتمعاته.

جاءت ثورة الثالث والعشرين من يوليو لتحرك مياه الثقافة الراكدة، وترسم ملامح الحياة على وجه الوطن العربى، ولتضع نهاية لحكم الاستعمار البغيض، وترفع رايات الحرية، ولا يمكن للمرء أن ينسى قرار ناصر بتأميم قناة السويس وهو القرار الذى جاء ليسدل الستار على النفوذ الأجنبي، وعوضا عن هذا استطاعت مصر من خلال هذه الثورة المباركة تحقيق إنجازات اقتصادية كبيرة، وشهدت مصر معها التوسع الزراعى غير المسبوق، كما شهدت بناء السد العالى وأكثر من ألف ومائتي مصنع للصناعات الاستراتيجية والثقيلة أرست من خلالها أكبر قاعدة صناعية فى العالم الثالث، وتم كل ذلك بدون أية ديون؛ إذ إن الدين الوحيد انحصر فى مليار دولار كان ثمنا لأسلحة اشترتها مصر من الاتحاد السوفييتى وتنازل عنها السوفييت فيما بعد، إنها الفترة الذهبية التى رأينا فيها الجنيه المصرى يساوى ثلاثة دولارات ونصف الدولار.

نجحت تجربة التنمية التى قادها بحرفية جمال عبدالناصر وهى التجربة التى أفزعت أمريكا والغرب، فكان أن تم نصب فخ له تجسد فى عدوان الخامس من يونيو ٦٧ والذى أريد به القضاء على مشروع النهضة العربى. وبفضل الشعب الذى آمن بثورته وتحلق حول رئيسه البطل عبدالناصر أمكن تجاوز الهزيمة التى سلطت على مصر كنوع من العقاب الأمريكى على نجاح الزعيم فى بناء نموذج ثورى واقتصادى ناجح شكّل خطرا جسيما على المشروع الأمريكى الصهيونى فى الوطن العربى، ولقد أفصح الرئيس الفرنسى شارل ديجول عن حقيقة عدوان يونيو ٦٧ عندما قال:( المعركة أمريكية والأداء إسرائيلى).

لم تخبُ عزيمة ثورة يوليو العصماء، تجاوزت مصر النكسة وجرى تفعيل إنجازات كثيرة تصدرها إعادة بناء الجيش المصرى من جديد، ورأينا حائط الصواريخ الذى حركه عبدالناصر لحافة القناة قبل وفاته. إنها ثورة يوليو ٥٢ التى جسدت الأمل فى حياة وارفة الظلال من خلال مبادئها التى جاء فى صدارتها القضاء على الاستعمار وأعوانه، والقضاء على الإقطاع وعلى الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، إنها الثورة الذهبية التى ارتكزت على إقامة عدالة اجتماعية، وإقامة جيش وطنى قوى، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة، إنها الملحمة البطولية الرائعة لشعب أراد الحياة، فكان لابد للقيد أن ينكسر..