أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27، أن التحول لاستخدام الطاقة النظيفة أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، بعد أن أثبتت الحرب في أوكرانيا للعالم خطورة الاعتماد على الوقود الأحفوري، والآثار المدمرة لاضطرابات سوق الوقود على قطاعات الغذاء والزراعة والصناعة، خاصة في ظل أزمة المناخ.
جاء ذلك خلال مشاركته، اليوم الثلاثاء، في قمة الاستثمار في المناخ ضمن فعاليات أسبوع لندن للعمل المناخي.
وقال «محيي الدين» إن العالم يواجه تحديات كبيرة للتحول إلى الطاقة النظيفة، وشدد على أنه رغم الترويج لاستخدام الغاز الطبيعي بوصفه «وقود انتقالي»، إلا أنه من الضروري عدم التباطؤ في التوجه نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة، والاستثمار فيها على النحو المنشود.
وأفاد بأن تراجع معدلات النمو الاقتصادي منذ عام 2018، أظهرت حجم التحديات التي تواجهها دول العالم للحفاظ على قدرتها على تحمل تكاليف الطاقة في مسعاها نحو تنفيذ التحول إلى استخدام الطاقة النظيفة، موضحاً أنه على الرغم من الرقم القياسي المسجل خلال عام 2021 لاستخدام الطاقة المتجددة، بعد أن تمت إضافة نحو 290 جيجاوات لسوق الطاقة العالمي باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أن هذا الرقم يبقى بعيداً كل البعد عن توليد 960 جيجاوات سنوياً بحلول عام 2030 باستخدام الطاقة المتجددة.
وتحدث محيي الدين عن الوضع في أفريقيا قائلاً إن القارة تواجه تحدياً ضخماً لتحقيق التحول إلى الطاقة النظيفة، حيث تعمل دول القارة على محاولة تضييق فجوة الحصول على الطاقة الكهربائية من خلال استخدام مصادر طاقة متنوعة، وذلك بهدف توفير الطاقة الكهربائية لنحو ٦٠٠ مليون أفريقي يفتقرون لها من أصل ١,٢ مليار نسمة هو عدد سكان القارة.
ونوه عن إنفاق دول القارة نحو ٥٪ من إجمالي الناتج المحلي لها على إجراءات كل من التكيف مع التغير المناخي والتخفيف من آثاره، في الوقت الذي تحتاج فيه عشرات المليارات من الدولارات سنوياً حتى تتمكن فقط من التكيف مع التغير المناخي بحلول عام ٢٠٥٠.
وبحسب رائد المناخ، تقدر الدول الأفريقية احتياجها لنحو ٧,٤ مليار دولار سنوياً للتعامل مع ظاهرة التغير المناخي، إلى جانب احتياجها لنحو تريليوني دولار لتنفيذ المساهمات المحددة وطنياً، فضلاً عن حاجتها لنحو ١,٢ تريليون دولار لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
وأوضح محيي الدين أنه إذا كانت أفريقيا مسئولة عن نحو ٣٪ فقط من الانبعاثات الكربونية، ومن ثم يجب عليها تحمل ٣٪ فقط من تكلفة إجراءات التعامل مع ظاهرة الاحتباس الحراري، إلا أن ما يحدث غير ذلك تماماً، حيث تقوم دول القارة وغيرها من الدول متوسطة ومحدودة الدخل حول العالم بالاقتراض بصورة كبيرة من أجل تنفيذ إجراءات مواجهة التغير المناخي حتى أن هذه الدول بلغت الحدود القصوى للديون.
وقال محيي الدين إن تمويل العمل المناخي يبقى عالقاً بين الدول النامية والمتقدمة والخلاف حول أي منها من يجب أن يتحمل هذه التكلفة، مشيراً في هذا السياق إلى أن الدول المتقدمة لم تفي حتى الآن بتعهداتها في مؤتمر كوبنهاجن عام ٢٠٠٩ بشأن تمويل العمل المناخي في الدول الأكثر تضرراً بقيمة ١٠٠ مليار دولار سنوياً.
وأضاف أن تمويل إجراءات التكيف والتخفيف من آثار التغير المناخي مازال بعيداً تماماً عن الحجم المستهدف، لافتاً إلى أنه إذا كانت إجراءات التخفيف تتقدم قليلاً بفضل مشاركة القطاع الخاص، فإن إجراءات التكيف التي تطلب دوراً أكبر من قبل القطاع العام وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص تظل دون المستوى المأمول.
وأفاد بأنه على الرغم من أن اتفاقية باريس تستهدف تحقيق التوازن بين تمويل إجراءات التكيف والتخفيف، إلا أن إجراءات التكيف تتمتع بما لا يزيد عن ٢٠٪ فقط من تمويل العمل المناخي.
ودعا محيي الدين الدول المتقدمة ومؤسسات التمويل الدولية إلى زيادة التمويل الخاص وكذلك التمويل بشروط ميسرة لإجراءات التكيف المناخي، كما دعا إلى زيادة التركيز على الاستثمار في تكنولوجيات التكيف بشكل متساوٍ مع تكنولوجيات التخفيف من آثار التغير المناخي.
كما طالب رائد المناخ حكومات الدول النامية بضرورة التوسع في عقد الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والسماح بدور أكبر للقطاع الخاص في العمل المناخي بهدف جذب المزيد من الاستثمارات ومن ثم تقليص حجم مخاطر التغير المناخي في هذه الدول.