وزير الخارجية العماني في حوار مع الأهرام العربي:
- العلاقات بين مصر وسلطنة عمان نموذج للعلاقات العربية
- المرحلة المقبلة ستشهد مبادرات ومشاريع تهدف إلى تنمية التجارة والاستثمار بين مصر وسلطنة عمان
- التزام مصر وسلطنة عمان بالعمل العربي المشترك لن يتزعزع
- السلطان هيثم بن طارق يرى في الرئيس السيسي أخا وصديقا وشريكا قويا
- حل القضية الفلسطينية يكمن في مقايضة الأرض مقابل السلام استنادا إلى مبادرة السلام العربية
أكد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عمان، أن العلاقات بين مصر وسلطنة عمان هي نموذج للعلاقات العربية، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مبادرات ومشروعات تهدف إلى تنمية مزيد من فرص التجارة والاستثمار بين البلدين ومختلف مجالات التعاون والشراكة.
وشدد الوزير العماني، في حوار مع الكاتب الصحفي جمال الكشكي، رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي، يُنشر في عددها الصادر غدًا الخميس، على أن التزام مصر وسلطنة عمان بالعمل العربي المشترك لن يتزعزع، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن بلاده تؤمن وتمارس الحياد الإيجابي والبناء للصالح الجماعي.
وأشار إلى أن السلطان هيثم بن طارق يرى في الرئيس عبد الفتاح السيسي، أخًا وصديقًا وشريكًا قويًا ليس على المستوى الثنائي فحسب، وإنما أيضًا في الإطار العربي الأوسع والدولي، ونبه إلى أن حل القضية الفلسطينية يكمن في مقايضة الأرض مقابل السلام، استنادًا إلى مبادرة السلام العربية وإقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
وأعرب عن أمله في أن يكون لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة، المقرر لها منتصف الشهر المقبل، تأثير إيجابي ونتائج مثمرة على العلاقات العربية – الأمريكية.
وحول الدبلوماسية العمانية وقدرتها على التواصل مع الجميع سواء في المنطقة أو خارجها، قال الوزير إنه إذا كانت الدبلوماسية تهدف إلى إيجاد الحلول بالطرق السلمية، فإن أهم طريق سلمي علينا أن نسلكه، هو طريق الحوار الذى يمكن أن يستفيد منه الجميع، لذلك علينا أن نتمسك بهذا المسلك تماما لتحقيق التفاهم والحلول، التى تجمع ولا تفرق بين الأطراف المختلفة، مضيفا أن "هذا مبدأ تعتنقه الدبلوماسية العمانية، وتعمل به على الدوام فى إطار العلاقات الخارجية، ومن أجل ضمان استمرارية وصون السلام والوئام، كما أن سلطنة عُمان تؤمن بانتهاج سياسة حسن الجوار، بكل ما تعنيه هذه العبارة جملة وتفصيلا".
وتابع البوسعيدي "لنأخذ قضيتين حاليتين فى هذا السياق: أولاهما مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة بين إيران، والأعضاء الخمسة الدائمين فى مجلس الأمن وألمانيا، فالتوصل إلى نتيجة إيجابية لهذا الملف - عبر الحوار - سيمثل مكسبا كبيرا للسلم والأمن والاستقرار الإقليمى والعالمي، سيستفيد الجميع، ولن يكون هناك خاسرون، أما القضية الثانية، فهى اليمن، وإن المعاناة الإنسانية في هذا البلد العربي والجار الشقيق، هائلة والخسائر فادحة، وكل يمني سوف يستفيد، إذا أفضى وقف إطلاق النار الحالي إلى سلام دائم.
وحول إمكانية البناء على العلاقات المصرية - العمانية، قال الوزير البوسعيدي إن البناء على هذه العلاقات السياسية المتينة يتطلب منا جميعا الدفع بالتعاون بين البلدين في كل القطاعات الحيوية الاقتصادية منها والثقافية وغيرها، وفى ضوء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى سلطنة عمان والمحادثات الإيجابية جدا والمثمرة التي تمت مع أخيه السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، فإن المرحلة المقبلة سوف تشهد مبادرات ومشاريع، تهدف إلى تنمية مزيد من فرص التجارة والاستثمار بين البلدين ومختلف مجالات التعاون والشراكة.
وأضاف: "تتمتع جمهورية مصر العربية، وسلطنة عمان بهويتين تعودان إلى آلاف السنين، فجذورنا عميقة، وهذا شيء مهم جدا يشترك فيه البلدان، وفي العصر الحديث، نشأت علاقة أخوية وعميقة بين السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه - والرئيس الراحل محمد أنور السادات، وهذه العلاقة وضعت إطارا إستراتيجيا، بعيد المدى للتعاون بين البلدين، وبالتالى فنحن ماضون في البناء على هذا الأساس القوي، فى ظل رعاية وتوجيهات قيادتى البلدين".
وأشار إلى أن السلطان هيثم بن طارق يرى فى الرئيس عبد الفتاح السيسي، أخا وصديقا وشريكا قويا ليس على المستوى الثنائى فحسب، وإنما أيضا في الإطار العربي الأوسع والدولي.
وحول الإمكانيات التي تتمتع بها مصر وسلطنة عمان وكيف يمكن تعظيم التعاون الاقتصادي بين القاهرة ومسقط، قال وزير الخارجية العماني، إنه "عندما يأتي أشقاؤنا المصريون إلى سلطنة عمان، فإنهم يأتون كأصدقاء وأخوة أعزاء، يحظون بكل الاحترام والترحاب، هناك الكثير الذى يمكن أن نكسبه من هذا التفاعل الإيجابي، على مستوى التواصل بين الأفراد، لذلك نقول للقطاع الخاص وأصحاب الأعمال فى مصر، مرحبا بكم فى سلطنة عمان، ومرحبا بالشراكة معكم لتطوير مشاريع جديدة، وتعزيز التجارة بيننا وتحقيق المكاسب، التى تعود بالمنفعة المتنامية والمستدامة على الجانبين".
وبشأن أجندة سلطنة عمان في قمة "التغير المناخي" التى تستضيفها شرم الشيخ في نوفمبر المقبل، أعرب الوزير العماني عن أمله في أن تسهم سلطنة عمان مع المجتمع الدولي، فى تعزيز الالتزام نحو الوصول بانبعاثات الكربون إلى الصفر، مبديا تفاؤله بما تتمتع به، كل من سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية من مستقبل واعد فى مجال الطاقة النظيفة والخضراء، فلدى البلدين إمكانيات كبيرة فى ثلاثة عوامل رئيسية، ألا وهى الأرض وأشعة الشمس والرياح، وقربهما من ممرات الشحن الرئيسية.. وقال: "أعتقد أن هذه الإمكانات الهائلة، ستكون عاملا مهما للغاية فى المستقبل الاقتصادى لكلا البلدين".
وأضاف "أعتقد أنه مع رئاسة مصر لقمة المناخ فى شرم الشيخ، فإن المجتمع الدولى سيعلن عن المزيد من الالتزامات، لتسريع جهود القطاعات العلمية، لمواجهة التحديات التقنية المتبقية، مما يشجع المزيد من الاستفادة من الإمكانات الكاملة للهيدروجين الأخضر".
وبشأن سبل تعظيم العائد من نجاح منظومة مجلس التعاون الخليجي، قال: "ينبغى علينا مواصلة العمل الجماعي والاستفادة من التجارب الناجحة لنا، والتركيز على التعاون الاقتصادي، وتطوير البنى الأساسية المشتركة لتعزيز الترابط بين جميع الدول العربية، مثل الطرق والسكك الحديدية، وخطوط الأنابيب، وكذلك تعزيز التجارة البينية والاستثمار.. نحن نشترك فى علاقات عميقة جدا على المستوى الثقافى والاجتماعي، وفوق كل هذا وذاك، نحن جميعا عرب، وهذا فى حد ذاته يمثل أساسا مهما لأمن شعوبنا وتعاونها ورفاهيتها. وليس هناك أدنى شك، فى أن التزامنا بالعمل العربى المشترك، لن يتزعزع".
وفيما يتعلق برؤية السلطنة للحل الشامل في اليمن، قال وزير الخارجية العماني: "نعتقد أن النهج، الذي اقترحه مبعوث الأمم المتحدة لليمن جيد، ونحن نؤيده تماما.. وتتلخص رؤيتنا للسلام باليمن، فى تشكيل حكومة وطنية شاملة، تتمثل فيها جميع المصالح وأصحاب الشأن من أشقائنا اليمنيين. وخلاصة القول هي إن السلام فى اليمن ومستقبله، هو قرار إستراتيجي، يتخذه فى الأساس اليمنيون أنفسهم، ولا يمكن فرضه من الخارج، لأن هذا لن يجلب سلاما حقيقيا ولا دائما".
وأضاف: "أما دورنا ودور المجتمع الدولي، فهو دعم جميع الأطراف اليمنية، وهم يتخذون الخطوات الصعبة والشجاعة، ويقدمون التنازلات اللازمة، لتحقيق السلام الذى يعكس تطلعاتهم المشتركة لمستقبل اليمن، والمصالح العليا له".
وبشأن النظرة العمانية للمتغيرات التي تمر بها المنطقة العربية، قال: "نحن ننظر إلى هذه المتغيرات، بشكل إيجابي.. التغيير هو من سنن الحياة لكن التحدي، يكمن فى قدرتنا على إدارة التغيير من الداخل، وتوجيهه لخدمة مصالح دولنا وشعوبنا، وعبر اقتناص أفضل الفرص التى تتولد من المتغيرات، وكبح جماح العوائق أو السلبيات، التى قد تبرز. وبالتالى لا شك أن التغيير، يمكن أن يكون عملية صعبة، لأنه يتطلب استحداث إجراءات تصحيحية، واتخاذ قرارات حازمة تؤدى إلى تغيير فى ثقافة التفكير وثقافة العمل والممارسات، التى ربما كانت تشكل عقبات على مسار التطور الاقتصادى والاجتماعي".
ودلل الوزير العماني على ذلك بقوله: "على سبيل المثال، فى سلطنة عمان، نحن ماضون فى تطبيق الرؤية الحكيمة، للسلطان هيثم، فيما يتعلق بترسيخ العدالة الاجتماعية، حيث تقوم الحكومة بإدخال العديد من الإصلاحات، فى القطاع الحكومى والقطاع الخاص، وفى المجالات الاجتماعية المتنوعة، وهذا ينطوى فى بعض الأحيان على مواجهة ممارسات متجذرة، ومصالح أو عادات وأساليب بيروقراطية معيقة، لكنها وُجِدت منذ زمن طويل. لذلك تقوم الحكومة على اتخاذ وتطبيق قرارات وسياسات متدرجة، لكنها حازمة فى تحقيق التغيير الإيجابى المنشود".
وأشار إلى أنه في العالم العربى ككل، فإن أجندة التحديث، تُعد مكونا حيويا فى بناء عالم أفضل لأجيالنا من الشباب وللأجيال المقبلة.
وحول إمكانية تحقيق تقارب عربي أكبر بين الدول العربية لمواجهة التحديات الراهنة والطارئة.. قال وزير الخارجية إنه "ينبغى علينا العمل من أجل تعزيز التعاون الجماعى بيننا، وعلى قاعدة لا ضَرر ولا ضِرار، وهذه مهمة يجب أن تكون ثابتة ومستدامة. وأعتقد على وجه الخصوص، أنه من المفيد جدا، أن نعمل على تعزيز مهارة الإنصات والاستماع، إلى هواجس بعضنا بعضًا، لاسيما شواغل أولئك الذين، قد نختلف معهم بشأن بعض القضايا والتوجهات".
وردا على سؤال حول ما تعانيه بعض الدول العربية، من ارتدادات وتداعيات ما يسمى بـ «الربيع العربى» عام 2011، ورؤية السلطنة لدعم تلك الدول.. قال: "مما لا شك فيه، أن الازدهار هو مفتاح النجاح فى ذلك.. فبالازدهار نستطيع تلبية تطلعات شبابنا. نحن نود أن نوفر المزيد من الوظائف، والكثير من الفرص للشباب، لكى نضمن استدامة دورهم المحورى والبناء فى التنمية".
وأضاف أن التدخل الخارجي، يكون سهلا ومتاحا، عندما تكون الأوضاع الاقتصادية سيئة.. موضحا أن الاقتصاد، هو القضية الأولى بالنسبة للأمن الوطني.
وبشأن رؤيته للدور الذي تلعبه الدبلوماسية في تأمين الغذاء والطاقة، أكد وزير الخارجية العماني أنه "ينبغى على الدول العربية أن تتعاون، ونساعد بعضنا البعض قدر الإمكان".. وقال: "أنا شخصيا أرى أن الشراء الموحد للقمح، قد لا يكون مفيدا بالضرورة، حيث إنه قد يؤدى إلى ظهور عقبات بيروقراطية جديدة، وقد يكون ضررها أكثر من نفعها. لكن، أرجو أن تطمئن لأننا نتواصل باستمرار مع الأصدقاء والجيران، لتعزيز مصادرنا للأمن الغذائى وتقاسمها".
ولفت إلى أن قضية القمح تحديدا، تمثل مصدر قلق كبيراً، وأخشى أن يكون العام المقبل أكثر صعوبة من هذا العام. وأرى أنه من الآن فصاعدا، من الضرورى أن تتكاتف دول المنطقة فى تأمين الأمن الغذائى، وأمن الطاقة من خلال الاستثمار المشترك فى مشاريع إستراتيجية، وذات استدامة وجدوى وفوائد اقتصادية متبادلة، بين مختلف الدول العربية.. وأعتقد من المفيد دعوة شركاء عالميين، ضمن هذه المشاريع، لأن ذلك سيجلب معه التقنيات المتطورة، ومزيدا من فرص العمل والقدرات، ونمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، على امتداد خطوط الإنتاج وسلاسل الإمداد والتوريد.
وبشأن رؤيته للطرح الذي يقول إنه "لم يصبح هناك مكان للحياد فى عالم اليوم، ومن ليس معنا فهو علينا".. قال الوزير: "لا أتفق مع هذا الطرح.. هناك بالتأكيد مكان حيوى للحياد، فى عالم اليوم وفى العقلية.. كما أن مقولة (من ليس معنا فهو علينا)، تعبير غير صحي، وغير مفيد ويجب رفضه تماما.. وأنا أقول هذا الكلام من منطلق سياسة عمان، ذات المبادئ الثابتة.. فنحن نؤمن ونمارس الحياد الإيجابي، والبناء للصالح الجماعي.. ومن واجبنا الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة، لكى نتمكن من التواصل مع جميع الأطراف، الذين قد يواجهون بعض المشاكل والصعوبات.. كما أننا ندعم الأمم المتحدة وسيادة القانون الدولى بقوة، ونحترم سيادة جميع أعضائها، ونحترم قراراتهم السيادية، سواء اتفقنا مع هذه القرارات أم اختلفنا".
وحول رؤيته للوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، قال الوزير إنه "لا تمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لكن، بإيجاز شديد، فإن الحل يكمن فى مقايضة الأرض مقابل السلام، على أساس قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، مما يعنى تنفيذ قرارات مجلس الأمن، والعودة إلى سيادة القانون. وينبغى الإشارة هنا إلى أن مبادرة السلام العربية مازالت مطروحة على الطاولة، منذ عشرين عاما، وهى مبادرة جيدة، تحظى باحترام المجتمع الدولى والمراقبين، باعتبارها مبادرة عادلة ونحن نؤيدها".
وفيما يتعلق بدور الدبلوماسية لحل الأزمة الروسية – الأوكرانية، قال: "كان هناك سوء تقدير من جميع الأطراف، لكننا نأمل بكل صدق أن تسود الدبلوماسية.. فنحن لا نرغب فى أن تطول هذه الحرب، لما لها من آثار مدمّرة.. ونحب هنا أن نشير إلى ملاحظات بعض المعلقين الحكماء، حول الشئون الدولية، حيث قالوا إنه من الضروري، التوصل إلى حل وسط. أحيانا تكون الحلول التوافقية عملا مؤلما، لكنها فى أغلب الأحيان، هى الخيار الذى يمثل الأقل ضررا فى هذا العالم المضطرب".
وأشار إلى أن هناك خطورة حقيقية من التصعيد، ولذلك ندعو جميع الأطراف إلى الحوار والتوصل إلى حل سياسى ودبلوماسى، مراعين فى ذلك الجانب الإنساني، وكما هو معلوم، فإن الإنسان هو الضحية فى هذه الحرب وأمثالها.
وبشأن رؤيته للزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكى جو بايدن إلى المنطقة، أكد البوسعيدي أن الولايات المتحدة، دولة صديقة، ومن الجيد أن نرى الرئيس جو بايدن، فى زيارة إلى المنطقة.. ونأمل أن يكون لهذه الزيارة، تأثير إيجابي، ونتائج مثمرة على صعيد العلاقات العربية - الأمريكية.