الأحد 23 يونيو 2024

بالمستندات.. «خفي حنين» ضمانات رجال أعمال لجني قروض البنوك

22-7-2017 | 13:48

إهدار 109 مليارات جنيه

قرض بـ450 مليون دولار بضمان 70 فدانًا من أملاك دولة

 

 

ما زالت القروض الضخمة التي تمنحها البنوك الأهلية لبعض رجال أعمال حجر عثرة أمام حركة التنمية وتجاوز الأزمات الاقتصاد، بسبب عدم الالتزام بتسديد الأقساط في موعدها ومحاولة الهروب منها مستغلين نفوذهم في عرقلة إجراءات التسديد ومنع الملاحقة القانونية.

 

هؤلاء المقرضون يحصلون على نصيب الأسد من أموال الدولة عبر بوابة القروض الميسرة؛ دون تقديم سند حقيقي، فضلًا عن محاولاتهم المستميتة التهرب من سدادها في مواعيدها المحددة، بجدولة المليارات، وتعمدهم عدم السداد لعرقلة الإصلاح الاقتصادي، والتنمية الشاملة.

 

المليارات المفقودة

وكشف بلاغ مقدم للنائب العام في 7/6/2017،  عن حجم مليارات الجنيهات المفقودة التي تنتظر المخلص لعودتها من أحضان بعض رجال أعمال المنتفعين، لتنضم إلى منظومة الإصلاح الاقتصادي للدولة، وحتى يتم إزالة شعار المنتفين  والذي يقول:" لا سداد ولا تنمية".

 

وفي البلاغ المقدم رقم (6910) عرائض النائب العام، الذي قدمه المحامي رمضان عبد الحميد محمود، رئيس حزب مصر 2000، وتم تحويله لنيابات شرق لفتح التحقيقات فيه، برز الدور المشبوه للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، بما له من بالغ الأثر على تدمير الاقتصاد المصري على مدى ربع قرن لصالح ثلة من رجال الأعمال؛ والذي تسبب في إهدار 109 مليارات جنيه مصري؛ قبل تحرير سعر الصرف؛ جرّاء بيع شركات القطاع العام والأعمال، وبعض البنوك الوطنية.

ولفت البلاغ إلى أن المركز لعب دور "المحلل" لإتمام صفقة الزواج الحرام بين السلطة والثروة، ونتج على إثرها إهدار المليارات في بيع القطاع العام.

 

وقال رمضان عبد الحميد، رئيس حزب مصر 2000، لـ"الهلال اليوم"، إن المركز المصري للدراسات الاقتصادية تسبب في بيع أصول مصر، حيث قام بتقييم وبيع أكثر من 550 شركة قطاع عام وأعمال؛ باعتباره مركزًا للتحكيم الدولي.

 

القرض الذهبي

وأشار عبد الحميد، إلى أنه من خلال هذا المركز استطاع رجل الأعمال "م.ف" الحصول على قطعة أرض مساحتها (70) فدانًا بمحافظة بورسعيد عام 2007؛ لإقامة الشركة المصرية لإنتاج "البروبلين والبولي بروبلين"، ثم حصل على قرض قيمته (450) مليون دولار أمريكي، من البنوك الوطنية؛ وهي بنك مصر بنسبة 25%، والبنك الأهلي المصري بنسبة 25%،  والبنك التجاري الدولي "استثماري" بنسبة 25%، وبنك القاهرة بنسبة 7,785، والبنك الأهلي سوستيه جنرال "استثماري،  بنسبة 17,22%؛ على أن يقوم بسداد هذا القرض خلال فترة سماح مدتها 13 عامًا، مضى منها 10 سنوات.

 

المماطلة في سداد أصل الدين

وأفاد البلاغ المقدم للنائب العام، وحصلت "الهلال اليوم" على نسخة منه أنه خلال العشر سنوات الأخيرة؛ قام رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لإنتاج البروبلين، بجدولة الديون على مرحلتين؛ ولم يقم بسداد أصل الدين؛ في الوقت الذي تعاني منع الدولة من عجز فادح في الموازنة العامة؛ ما اضطر الحكومة إلى اللجوء إلى العديد من السياسات التقشفية؛ وعلى رأسها خفض الدعم، وتعويم الجنيه؛ ما أثقل كاهل البسطاء بارتفاع نسبة التضخم، وجنون الأسعار.

 

وتساءل مقدم البلاغ عن عدم التساهل مع هؤلاء في عدم سداد القروض؛ رغم أن المهندس "م. ف" المقدم ضده البلاغ؛ قام بإنشاء أكثر من جامعة خاصة، وأنشاء مصنع آخر بمحافظة بورسعيد بالتعاون مع مستثمرين آخرين، بحصة قدرها (24,55%)؛ وذلك بقرض أيضًا من البنوك الوطنية، بلغت قيمته (20) مليار جنيه؛ بخلاف القرض السابق؛ الذي لم يتم سداده طبقًا للبلاغ المقدم للنائب العام.

 

واعتبر "عبد الحميد"، هذه القروض إهدارًا للمال العام؛ حيث تمت باستغلال النفوذ والعلاقات برجال السلطة، والتواطؤ مع رؤساء مجالس إدارات البنوك المانحة لهذه القروض في هذه الفترة، مشددًا إلى أن كل ما تم تقديمه من ضمانات للحصول على هذه القروض هو مجرد خطابات تخصيص لهذه الأرض، لا تمثل أية قيمة سوقية لأصل الدين؛ حيث إنها تأتي ضمن أملاك الدولة، خصصتها المحافظة بالأقساط على عشرين عامًا، ولا تزيد قيمتها السوقية في هذه الفترة عن 140 ألف جنيه؛ متسائلًا كيف يحصل رجل الأعمال على قرض 450 مليون دولار بضمان 140 ألف جنيه.

 

أصحاب الحظوة

من جانبها، أوضحت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن السياسية القديمة كانت تعتمد على تمييز بعض رجال الأعمال، ما أدى إلى تركز القروض واقتصارها على عدد من المستثمرين الكبار الذين حصلوا على النسبة العظمى في معظم البنوك.

وأشارت إلى أن القروض في هذا العصر افتقدت إلى التنويعة المطلوبة، فلم يتم تمويل المشروعات بالتوازي، بما  يشمل الصغيرة منها، والمتوسطة، وليست الكبيرة فقط.

وأضافت أن السمة المميزة لهذه الفترة هي الاعتماد على البنوك في التمويل بشكل رئيسي، وصل إلى 90%، ولم يكن هناك اعتماد على رأس المال.

 

تقليل معدلات الإقراض

فيما نفت الدكتورة سلوى العنتري الخبيرة المصرفية، وجود أرقام دقيقة تحدد حجم القروض التي حصل عليها رجال الأعمال، صادرة عن البنك المركزي؛ موضحة أن النشرات الشهرية تصدر بشكل مجمل من دون توزيع على القطاعات الحكومية، أو الخاصة، أو المشروعات الصغيرة، أو كبار رجال الأعمال.

وأشارت إلى أن السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي حاليًا، تعتمد على امتصاص السيولة من البنوك برفع سعر الفائدة الذي يتعامل به مع البنوك، وعمل مزادات لقبول ودائع من البنوك بأسعار فائدة مجزية، بدلًا من التوسع في معدلات الإقراض.