السبت 20 ابريل 2024

مسابقة المدرسين وشكل معلم المستقبل

مقالات30-6-2022 | 21:43

أعلنت وزارة التعليم منذ أيام عن فتح باب التعاقد لتعيين 30 ألف معلم، يمثلون الدفعة الأولى فى إطار خطة لتعيين 150 ألف معلم على مدار الخمس سنوات  المقبلة، وبعيدًا عن  أن هذا الرقم لن يسد العجز فى أعداد المدرسين والبالغ عددهم كما قال الوزير إن العجز يمثل أكثر من 250 ألف معلم، بمعنى أن الرقم المعلن للتعيين الآن أى فى العام الدراسى المقبل لن يمثل إلا نسبة ١٠٪ فقط لسد العجز.

 إلا أن تلك المبادرة تظل خطوة فى إطار الحل حتى لو استمر سد العجز لعقد كامل  قادم طبقا لأرقام التعيينات الحالية.

وفى إطار ذلك التوجه لسد العجز، أعلنت وزارة المالية أنه تم فى الموازنة الجديدة التى تم الموافقة عليها، توفير المبالغ لذلك البند .
 ولكن توقفت عند الشروط التى أعلن وزير التعليم عن ضرورتها عند التقدم  للمسابقة ثم التعيين وهى قوله أنه ممنوع النقل بعد التعيين ولمدة 5 سنوات مستقبلية وعلى المتزوجين حديثًا أو بيفكروا أن يعيدوا التفكير فى تلك الخطوة  طبقا لهذا الشرط، والملفت أن هذا الشرط  تغير عن مسابقات وإعلانات سابقة، وكانت ثلاث سنوات فقط.

للحقيقة أتساءل: هل هذا الشرط دعوة لرفع سن الزواج أو الإضراب عنه خاصة بين خريجى التربية أم تخييرهم بين البطالة وعدم الزواج! إنها قضية اجتماعية  هامة للغاية فالاستقرار النفسى للمعلمة أو المعلم قضية أساسية، لأن النتيجة ربما تكون  دعوى للزواج العرفى ثم الطلاق الشفوي؟ فأين الدراسات الاجتماعية عند وضع هذه الشروط التى ربما ترفع من تأزم العلاقات فى المجتمع، وربما تزيد وتوطن أمراضه الاجتماعية ومن الآن أتوقع أنه ربما ستضرر منه النساء والخريجات أكثر من غيرهن، فلا يقبلن على العمل أو التقديم، لأن البديل وفق هذا الشرط هو العنوسة أو العرفى؟! فهل تمت دراسة الأثر الاجتماعى لهذا الشرط؟ 

النقطة الأخرى فى حديث الوزير وهى أولا  إجراء امتحان ومسابقة فى جهاز التنظيم والإدارة، وكما صرح رئيس الجهاز أن الأسئلة للامتحان تمت وفق معايير علمية واشتركت بها أيضا كليات التربية، وهذا شيء جيد للغاية وعلمى وصحيح، ولكن لم أفهم قول الوزير عن  المسابقة تالية والتى ستتتم فى وزارة التربية والتعليم  وقال عنها الوزير إنها تشبه كشف الهيئة للكليات العسكرية؟! فما هى المعايير لكشف الهيئة للمعلمين خاصة وأن هذه نقطة جوهرية وموجودة عند الالتحاق بكليات التربية من الأساس أو المنبع ولكنها امتحان وليست كشف هيئة؟! وما نوع التدخل بكشف هيئة هل سيكون مثلا عن نوع الملابس ودلالته الطبقية أم اللون أو الدين  مثلا وهل سيدخل غطاء الرأس المرأة أم لا؟  وما معاييره؟ خاصة أنه شرط الكليات فى البداية؟!

ثم  أضاف الوزير قائلا: وهناك دورة تدريبية على نظام المناهج الجديدة، وهذه الإجراءات وتعدد مراحل الامتحان ومنها كشف الهيئة، تطرح عدة أسئلة: لماذا ازدواجية المسابقات ولماذا لم نوحد الجهود فى مسابقة واحدة  ينظمها الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة؟ ولماذا لا تمد وتساعد وزارة التعليم التنظيم والإدارة فى وضع مواصفات الامتحان (جزء منه نفسى ) والتى يقال كالعادة أنه امتحان إلكترونى والتصحيح كذلك بدون تدخل بشرى؟ رغم أن من وضع البرنامج والأسئلة بشر أولا وأخيرا؟ فلماذا لا تنضم المواصفات النفسية المحايدة بدلا من كشف الهيئة؟ ولماذا تحتفظ وزارة التعليم بهذا السر الامتحانى لنفس الناجحين وما الحكمة من تعدد مرات التصفية فى أعداد المتقدمين؟ وأتصور أن تتعاون أجهزة الدولة فى امتحان واحد  طالما الجهة التى سيذهبون إليها واحدة، وأن يعقد التدريب أولا وحق  حضور التدريب لمن انطبقت عليه الشروط أى التدريب قبل الامتحان وليس بعده   وهذا اقتراح منى حتى نعظم الاستفادة منه حتى لمن لن ينجح فى كشف الهيئة، فنضمن رفع المستوى  لعدد كبير، ولمن سيعمل خارج المسابقة بالحصة أو فى المدارس الخاصة .

ومن القضايا التى لفتت نظرى هى الحديث عن كثرة التطبيقات الإلكترونية والمصادر التى سيتم إعداد وتدريب المعلمين عليها، وهنا لابد أن نطرح السؤال  أيضا على كليات التربية التى تعد المعلمين ما هو تصور الكليات لشكل إعداد المعلم فى المستقبل؟ فى ظل هذه التطبيقات والبرامج الإلكترونية، والتطورات الحالية فى الوزارة، وهل يمكن أن نستبدل المعلم بتطبيق إلكترونى وما هى وظيفة المعلم فى هذه الحالة، هل هو ميسر للخدمة فقط التى تقدمها هذه  البرنامج . 

إن قضية المعلم وإعداده المهنى والنفسى والتربوي منذ البداية تمثل أهم القضايا التى يجب أن تنتبه لها كليات التربية أو من المفترض أن تمد الوزارة كليات التربية بما تتصوره  عن المعلم؟ ولكن أن تظل كل جهة تعمل بمفردها بدون تنسيق خاصة وزارة التعليم التى ستجرى امتحان وكشف هيئة آخر للمتقدمين، وأن لا تحتكر وزارة التعليم المعارف، بل وتمد بها ليس الكليات فقط وإنما الجهاز المركزى  للتنظيم والإدارة كالاختبارات النفسية بدلا من كشف الهيئة ويكفى الكشف الطبى، وأيضا لماذا لا تدخل تلك الإعجوبة (الاختبارات النفسية المتطورة) فى مراحل إعداد المعلمين بكليات التربية، فلا نهدر الإمكانيات والوقت فى إعداد نفسى وتربوى قد لا تعترف به الوزراة وتثق فقط فى برامجها؟

وأن لا يصبح إعداد المعلم والتفكير فى مستقبل  التعليم ليس سرًا حربيًا؟

فغياب التنسيق بين الجهات فى إعداد المعلم وتعدد جهات امتحانه أو البرامج الإلكترونية وهل تكون بديلا للمعلم وأنه يصبح فقط ميسر للخدمة أو (دليفري) بالمعنى العامى. قد يسلب التعليم والمعلم أداته الرئيسية وهويته الإنسانية، ولابد من وجود تنسيق ونقاش بين كليات إعداد المعلم وبين الوزارة، أى بين أصحاب المصلحة والمستفيد من الخدمة  ومقدمها وهم طلاب كليات التربية وأساتذتها وبين الوزراة. لأن تأثير هذه التعددية وعدم التنسيق يعنى أننا نهدر الوقت والثقة فى إعداد جيل إنسانى من المعلمين،  فى امتحانات متعددة للقبول والأغرب أنها لنفس الجهة .