أصدر المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، رئيس مجلس الشيوخ، بيانًا هامًا منذ قليل.
وجاء فى بيان رئيس الشيوخ: «إن التحليل السياسي يجب ألا يكون عفو الخاطر، وإنما يجب أن ينبني على منهجية محددة المعالم، تقوم على الفهم الدقيق لمسار الأحداث والغوص في أعماقها دون الوقوف عند حد المعرفة السطحية، سيَّما وأن الحدث السياسي قد تنضوي تحت لوائه معان عدة، كما تقوم أيضًا على الإلمام بالمعلومات المرتبطة بالحدث، بما يكفل البعد عن إطلاق الاتهامات والتحليلات التي ليس لها ما يُساندها من الواقع، وذلك حتى لا يتحول التحليل السياسي من أداة للتقييم والرصد بهدف حل الإشكاليات السياسية إلى معول للهدم في المجتمع ومؤسسات الدولة».
وقد رَصَدْت خلال الأيام القليلة الماضية تصريحات صادرة عن بعض ممن يطلقون على أنفسهم (مُفكرين سياسيين)، مفادها أن سبب عدم إسناد مهمة الحوار الوطني إلى مجلس الشيوخ، هو عدم ضمه للخبرات والكفاءات القادرة على تولي زمام هذا الحوار.
والحقيقة إن هذه التحليلات والتصريحات ولئن كانت لن تفت في عضد مجلس الشيوخ، إلا أنها كاشفة عما يمكن أن نُسميه (بـالفقر المعلوماتي) لمطلقي مثل هذه التصريحات والتحليلات، والذين يغيب عنهم أن المجلس يضم قامات في شتى المجالات: القانونية، الإعلامية، الصحفية، الاقتصادية ... وغيرها، كما يغيب عنهم أن 25٪ من تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني هم أعضاء برلمانيون، ومن بينهم السيد الدكتور هاني سري الدين والسيد الأستاذ عماد الدين حسين، عضوا مجلس الشيوخ.
ليس ذلك فحسب، بل إنه بإمعان النظر في مسألة إسناد مهمة إدارة الحوار الوطني للأكاديمية الوطنية للتدريب يَبين لنا أنه بمثابة خطوة على طريق تعزيز المشاركة الفعّالة لمختلف الرؤى الوطنية والخبرات الفنية، والاستماع لجميع وجهات نظر القوى السياسية دون قصرها على القوى الممثلة بالمجالس النيابية؛ وتحرير الحوار من الأيدولوجيات الحزبية، بما يضمن التوصل إلى مخرجات بناءة وإيجابية، فضلاً عن أن مخرجات الحوار الوطني ستتطلب في أغلب الأحوال تعديلات تشريعية، ستتولى الحكومة دراستها في المقام الأول، وما يتواءم منها مع السياسات العامة للدولة ستُحيله إلى مجلس النواب لإعمال شئونه فيها ويتشارك في دراستها مع مجلس الشيوخ، أو مخرجات تتطلب مزيدًا من الدراسة فينبري لها مجلس الشيوخ متمترسًا خلف خبرات أعضائه، مبتغيًا إيجاد الحلول التي تُعين الدولة على وضع تلك المخرجات موضع التنفيذ، أي أن مخرجات الحوار الوطني مآلها في نهاية المطاف للبرلمان بغرفتيه.
لذا فنحن نهيب بهؤلاء أن تكون تصريحاتهم متوازنة، موضوعية، بعيدة عن إطلاق الاتهامات، والأحرى بهم إمعان النظر فيما تحققه الدولة من إنجازات على الأصعدة كافة، لم تكن لتتحقق في مراحل سابقة، من مشروعات عملاقة و بنية تحتية نُفذت في زمن قياسي، وإزالة مناطق عشوائية كانت إرثًا من سياسات سابقة ،كانوا هم أنفسهم من بين صُناعها؛ فعليهم أن يسعوا نحو تحليل تلك الإنجازات في محاولة للتعلم وتصحيح مساراتهم الفكرية.
وفقنا الله لما فيه كل تقدم وازدهار لمصرنا الغالية.