فى البداية عزيزى القارئ نتعرف أولا على مؤلف (الكونشيرتو المنفرد) وهو عبارة عن حوار موسيقى بين آلة موسيقية منفردة وبين آلات الأوركسترا المختلفة، وفى هذا النوع من المؤلفات يحرص المؤلف الموسيقى على إظهار البراعة المتميزة للعازف المنفرد من الناحيتين التكنيكية والتعبيرية، وعلى الجانب الآخر يظهر المؤلف الموسيقى مدى تمكنه من استخدام الألوان الصوتية التى بين يديه، والمتمثلة فى آلات الأوركسترا المختلفة ما بين آلات وترية وآلات النفخ الخشبية وآلات نفخ نحاسية وآلات إيقاع، ويحرص المؤلف على أن يحقق نوعا من التوازن بين دور كل من العازف المنفرد وباقى آلات الأوركسترا.
ويجئ الكونشيرتو فى ثلاث حركات تتباين فى سرعاتها على النحو التالى (سريعة –بطيئة- سريعة)، وتختتم الحركتين الأولى والثالثة من الكونشيرتو المنفرد بفقرة موسيقية ذات طابع حر غالبا ما تستمد مادتها الموسيقية من أحد ألحان الحركة، وتسمى (الكادنزا)، وفيها يتاح للعازف المنفرد الفرصة ليظهر براعته فى العزف ويلى الكادنزا عزف من الأوركسترا لتختتم الحركة.
وكان أمر الكادنزا فى البداية يترك للعازف المنفرد ليرتجلها، وفى القرن التاسع عشر بدأ المؤلفون الموسيقيون يكتبون الكادنزا بأنفسهم فى مؤلفاتهم للكونشيرتو المنفرد خشية أن يكون إرتجال العازف المنفرد ليس على المستوى الفنى للعمل.
وقد ظهر الكونشيرتو المنفرد في مطلع القرن الثامن عشر، وتطور على يد مؤلفين موسيقيين أمثال توريللى (1658 – 17.9 ) وأنطونيو فيفالدي (1678 – 1741 ) الذي حدد فكرة الكونشيرتو، وألف الكثير من نماذجه لمختلف الآلات الموسيقية مثل ( الفلوت – الأوبوا – وخاصة ألة الفيولينة التي كانت مفضلة بشكل خاص.
وهكذا نجد أن الكونشيرتو المنفرد يحمل اسم الآلة المنفردة التي تؤديه، وقد ثبت فيفالدي تقسيم الكونشيرتو إلى ثلاث حركات ( سريعة – بطيئة – سريعة)، كما نظم تماما تبادل العزف بين كل من العازف المنفرد و الأوركسترا، فكان له تأثيره الكبير على تطور موسيقا الآلات خلال القرنين السابع عشر و الثامن عشر، ثم تطورت مؤلفات الكونشيرتو المنفرد متأثرة بمؤلفات السيمفونية.
وقد قدم مؤلف الموسيقى النمساوي فرانز جوزيف هايدن ( 1732-1809) الكثير من مؤلفات الكونشيرتو المنفرد، ثم جاء بعد ذلك مؤلف الموسيقا النمساوي فولفجانج أماديوس موتسارت (1756-1791 ) وطور مؤلفات الكونشيرتو المنفرد، حتى أطلق عليه لقب (أبو الكونشيرتو ) حيث أنه استطاع تحقيق التوازن بين دور كل من العازف المنفرد والأوركسترا بشكل لم يسبقه إليه أحد.
وجاء بعده مؤلف الموسيقى الألماني العظيم لود فيج فان بيتهوفين (1770-1827) الذي وسع قالب الكونشيرتو، وزاد من دور الأوركسترا في الأهمية والحجم، وكذلك فقد تأثرت مؤلفاته للكونشيرتو بروح مؤلفات السمفونية.
وفي العصر الرومانتيكي (1820-1900) قفزت المهارة الفائقة في العزف إلى المرتبة الأولى في الأهمية. وفي مصر حرص عدد من مؤلفي الموسيقى المصريين على تقديم مؤلفات للكونشيرتو المنفرد نذكرهم فيما يلي :
أولا: كونشيرتو البيانو والأوركسترا الأول في سلم دو الصغير، العمل رقم (1.) لأبو بكر خيرت.
يعد هذا الكونشيرتو باكورة مؤلفات أبوبكر خيرت للأوركسترا، وقد أفرغ فيه مشاعر شبابه وقت أن كانت تمر بخياله أطياف رومانتيكية حالمة، لهذا جاء أقرب إلى النماذج الروملنتيكية، لكنه صاغه مع ذلك فى بناء النموذج الكلاسيكى بأوضاعه المحددة، وكان يطلق عليه فى البداية "الكونشيرتو الكلاسيكى".
وقد وردت الألحان الأولى لهذا الكونشيرتو على خاطره عام 1931 عندما كان يتريض فى يوم من أيام الخريف بغابة "سان كلو" بضواحى باريس، وظلت تعاوده على مدى ثلاثة أشهر، ويشتمل كونشيرتو البيانو والأوركسترا الأول على ثلاث حركات جاءت على النحو التالى :
الحركة الأولى: يستهل بتصدير بطئ يتكرر بعد ذلك قبل كل قسم من أقسامه الثلاث طبقا لنموذج صيغة السوناتا، ولكن فى سرعة براقة، والأقسام الثلاثة هى (العرض والتفاعل وإعادة العرض)،ويستهل البيانو عزف اللحن الأول فى سرعة جارفة، ثم يتناول اللحن من البيانو ليوصلنا إلى اللحن الثانى الذى يعزفه الكلارينيت ثم يتبع ذلك التفاعل وبعده إعادة العرض حتى تختتم الحركة عندما يبلغ ذروة التألق من البيانو والأوركسترا على حد سواء .
الحركة الثانية: بطئ وشجى، وتشتمل على لحنين يقدم البيانو أولهما يتبعه الأوركسترا، ثم يتناوبان معا نوعا من الاستطرادات، حتى تبدأ مجموعة آلات التشيللو بعزف اللحن الثانى يتبعها البيانو ثم الأوركسترا فى عزف يشتد تدريجيا حتى يبلغ الذروة، ويتبع عرض اللحن الأول من جديد بالبيانو، ثم ختام هذا الجزء من البيانو والأوركسترا معا.
الحركة الثالثة: روندينو سريع للغاية، مكتوبة فى صيغة الروندو التى تعتمد لحن أساسى يتكرر عدة مرات وبين كل تكرار وآخر يظهر لحن جديد وتختتم الصيغة باللحن الأساسى، ويبدأ البيانو بعزف اللحن المتكرر يتبعه الأوركسترا، ويلى ذلك حوار بين البيانو والأوركسترا، ويعاد هذا الجزء مرتين يعود بعدهما اللحن الأساسى إلى الظهور للتمهيد لختام حاسم.
ثانيا: كونشيرتو البيانو والأوركسترا رقم (2) مصنف (33) فى سلم فا الصغير لأبوبكر خيرت.حينما كتب المؤلف كونشيرتو البيانو الأول مصنف (10) كان في العشرين من عمره، وكان متأثرا بدراساته الموسيقية الكلاسيكية، فانطبع أثرها على عمله - إلا أنه كان يفكر في تأليف كونشيرتو البيانو الثاني على أساس من موسيقا وطنه وأنغامها الشجيه، ولكن تنفيذ فكرته إستغرق اكثر من ثلاثين عاما تفصل بينهما ،حتى يجئ هذا العمل في صورة موسيقا ذات طابع مصري في الأسلوب العالمي المتعارف عليه لنموذج الكونشيرتو المنفرد. وقد استغرق هذا العمل تفكير المؤلف خلال هذه الأعوام الثلاثين حتى أتمه في عام 1962، وجاء الكونشيرتو في ثلاث حركات على النحو التالي :
الحركة الأولى: متوسطة السرعة ثم سريعة، وهي مصاغة في قالب السوناتا وتبدأ بعرض اللحنين الأول و الثاني من الوتريات ثم آلات النفخ الخشبية و بعدها الأوركسترا كاملا مع البيانو. ويلي ذلك قسم التفاعل و الاستطراد عن طريق تحويرات تتناول مقامات مختلفة، يبدأ بعدها استعراض اللحنين الأول و الثاني من السلم الأساسي، لختام هذه الحركة.
وتتميز هذه الحركة من حيث قالبها الموسيقي بإن مؤلفها استغنى عن الكادنزا (التقاسيم) المتعارف عليها والتي تقع مباشرة قبل الاستعراض النهائي فادمجها في هذا الاستعراض لعرض اللحن الثاني في صورة " كادنزا" يتبعه اللحن الأول للختام.
أما الحركه الثانية: فقد أسند المؤلف عرض اللحنين الاساسيين بها إلى الأوركسترا بمصاحبة خفيفة من البيانو. وطابع هذه الحركة محلى (بلدى)، كما أن المؤلف لم يعتمد على أي من الألحان الشعبية المعروفة، بل كتب هو موسيقاه من روحها. وتبدأ الحركه في سلم صول الكبير وتنتهي في سلم دو الكبير.
الحركه الثالثة و الأخيرة: مصاغه في قالب غير متداول في الكتابة للكونشيرتو، إذ شملت عرضا لموضوع أساسي يتبعه تفاعل و استطراد مستهلة "بفوجاتو"من آلات الأوركسترا: أولا من الوتريات ثم من آلات النفخ الخشبية، وبعدها من آلات النفخ النحاسية. ويستطرد التفاعل تاركا المجال لمجموعة آلات التشيللو ثم آلات الفيولينه حتى بدأ ختام هذه الحركة، حيث يعرض المؤلف جزءا من اللحن الأساسي الأول في سرعة و قوه من الأوركسترا و البيانو في سلم فا الكبير.
ثالثا: كونشيرتو البيانو و الأوركسترا الأول في سلم سي بيمول الصغير لعزيز الشوان.
ألف عزيز الشوان هذا الكونشيرتو خلال عامى (1958و1959) وهو مهدى الى الدكتور ثروت عكاشه، وزير الثقافه المصري الأسبق. وقد عزف هذا الكونشيرتو لأول مره في الحفل الذي قدمه أوركسترا القاهره السيمفوني يوم 18 يناير 1964، وقامت بعزف البيانو المنفرد، العازفه المصريه المعروفه مارسيل متى، وقاد الأوركسترا ساشا بوبوف. وقد جاء هذا الكونشيرتو في ثلاث حركات على النحو التالي:
الحركه الأولى: متوسطة السرعة
تبدأ الحركة بمقدمة الأوركسترا قصيرة، ثم يقدم عازف البيانو بعض الأداء الأستهلالي، يسمع بعده اللحن الأساسي الأول من الوتريات، ويصاحبه عازف البيانو بزخارف لحنية، و أربيج، ثم يقدم عازف البيانو اللحن الأول ويعرضه ببعض التصرف، يلي ذلك فقرة أوركسترالية إنتقالية تمهد للحن الثاني و الذي يؤديه عازف البيانو، وهو لحن هادئ وعاطفى ويتكرر مع إختلاف المصاحبة الأوركسترالية بأشكال متنوعة، ويتبادل عازف البيانو و الأوركسترا الأداء في حوار ممتع، يلي ذلك الكادنزا، وهي في هذه الحركه تقليد للتقاسيم التي يقدمها عازف البيانو المنفرد. وبعد هذا الأداء الحر يسمع لحن ثالث، وهو اللحن المعروف "سالمة يا سلامة رحنا و جينا بالسلامه" للشيخ سيد درويش، ويؤديه عازف البيانو أولا ثم يتلقفه الأوركسترا، وتنتهى المقطوعه بتقديم اللحن الأول مع بعض التصرف.
الحركه الثانيه: البطيئة
تبدأ بمقدمة بطيئة من الأوركسترا، وبعد الأداء التمهيدي من عازف البيانو، تقدم آله الكلارينيت اللحن الأساسي الأول بمصاحبة الأوركسترا، ثم تؤديه آلة الأوبوا، ويتكرر هذا اللحن من الأوركسترا كاملا، وذلك بمصاحبة اللحن التمهيدي الذي قدمه عازف البيانو في مستهل الحركة، وبعدها يتناول عازف البيانو اللحن الأول بشئ من التصرف، ويسمع أولا بمصاحبة الوتريات، ثم من المجموعة الأوركستراليه. أما اللحن الأساسي الثاني فيقدمه عازف البيانو المنفرد، ويتكرر في أشكال متنوعة، ثم يتناوله الأوركسترا بشئ من الحرية، يلي ذلك الكادنزا يعاد بعدها اللحن الأول لينهي الحركة.
الحركة الثالثة: سريعة في حيوية
تبدأ بتمهيد من آلة البيانو،حيث يسمع لحنها الأساسي وهو اللحن الشعبي المعروف ( الله الله يا بدوي جاب اليسرى)، ثم يعرض الأوركسترا أجزاء من هذا اللحن، ويسمع بعد ذلك اللحن الثاني من الحركة الأولى، وتعزفة اولا آله الكورنو، ثم يؤدي عازف البيانو المنفرد جزءا من اللحن الأول من الحركه الأولى و يختم الكونشيرتو من مقتطفات من لحنى (سالمه يا سلامة) و (الله الله يا بدوي) في جمل تفيض بالحيوية و تفيض باللحن العربي الأصيل في سلاسته المعروفة.
رابعا: الكونشيرتو المصري الأول في سلم سي بيمول الكبير للكمان والأوركسترا لعطية شرارة.
ألفه شرارة عام 1977، وبنى حركته الثالثة على اللحن الشعبي المعروف (يا نخلتين فى العلالي يا بلحهم دوا). وفي هذا العمل إعتمد المؤلف على بعض الجمل و الألحان السلسة، ويستغلها أحسن إستغلال في لغة هارمونية رصينة تساعد على إظهار طبيعة الألحان المصرية، التي لا تشكل أية صعوية بالنسبة للمستمع الذي تعود على سماع الموسيقا العربية التقليدية. ونلاحظ أن المؤلف قد استخدم مقاما موسيقيا مشتركا بين الموسيقا العربية و الموسيقا الأوربية، وتفنن في إبراز إمكانيات آلة الكمان في أداء الألحان المصرية ذات الطابع السلس. ويمكن القول بأن هذا الكونشيرتو يجمع بين أسس الصياغة - الاوروبية و سلاسة الألحان المصرية و رصانة اللغة الهارمونية.
خامسا: الكونشيرتو المصري الثاني للكمان و الأوركسترا في سلم دو الصغير: لعطية شرارة
ألفه شرارة عام 1977، وفاز عنه بجائزة الدوله التشجيعية في التأليف الموسيقى عام 1983، وقد جاء الكونشيرتو كالمعتاد في ثلاث حركات على النحو التالي:
الحركه الأولى: بناها المؤلف على لحنى (يا حسن يا خولى الجنينة يا حسن) و (إن كنت مسافر خدني معاك). وتبدأ الحركه بعزف من الأوركسترا، ويعدها يسمع عازف الكمان المنفرد يقدم اللحن أولا محورا، ثم يؤديه في صورته الأصلية، ويعزفه بمصاحبة آلة الرق، وبعدها يقدم عازف الكمان المنفرد فقرات تكنيكية لإظهار براعته، ثم ما يلبث أن يعود اللحن في صورته الأصلية من جديد. بعدها يتبادل عازف الكمان المنفرد أداء اللحن تارة مع الآلات الوترية، وتارة أخرى مع آلات النفخ، حتى تختم الحركة في قوة ووضوح.
الحركة الثانية: بطيئة و ذات طابع غنائي.
يقدم فيها المؤلف اللحن السابق محورا بصور مختلفة، وقرب نهاية الحركة يؤدي العازف المنفرد فقرات تظهر براعته التكنيكية.
الحركة الثالثة: سريعة و نشيطة، وهي مبنيه كذلك على نفس اللحن الشعبي (يا حسن يا خولى الجنينة يا حسن)- وتبدأ بعزف من الأوركسترا، وبعدها يسمع عازف الكمان المنفرد ثم يؤدى الألحان بالتبادل مع بعض آلات الأوركسترا أحيانا، ومع الأوركسترا كاملا في أحيان أخرى، حتى تنتهي الحركه في قوه ونشاط.
سادسا: كونشيرتو العود والأوركسترا في مقام الحجاز كاركرد لعطيه شراره.
كتبه المؤلف ما بين عامي (1983 و 1984) وحاول فيه استغلال علوم التأليف الموسيقى الأوروبي، وتطويعها لخدمة الموسيقا العربية، فاختار نموذج الكونشيرتو المنفرد وقدم عمله من خلاله، وأبرز الإمكانيات والطابع الصوتي لآلة العود العربية. وقد جاء الكونشيرتو في ثلاث حركات على النحو التالي:
الحركة الأولى: سريعة وتستهل بمقدمة فخمة من الأوركسترا، ويشارك عازف العود المنفرد في الأداء، مظهرا بعض إمكانياتها وجمال صوتها وطابعها المميز، ثم يتتابع الأداء المتبادل بين عازف العود المنفرد والأوركسترا، وتتكرر الجمله التي سمعت في البدايه بشكل مختصر، وتتميز هذه الحركه باللغه الهارمونيه الرصينة و الكتابة الأوركسترالية الفعاله. ويلاحظ هنا بوضوح أن الألحان التي يؤديها عازف العود المنفرد مستوحاه من أسلوب الأداء المعروف في تراث الموسيقا العربيه الكلاسيكية.
الحركة الثانية: بطيئة وغنائية وتفيض ألحانها بالإيقاعات العربية. وقد إستغل عطيه شرارة في هذه الحركه أسلوب الأداء التقليدي في الموسيقى العربية الكلاسيكية أحسن استغلال، ثم يقدم العازف المنفرد (الكادنزا) في صورة تقاسيم ذات طابع شجى، وتختم الحركه من ألة العود بمصاحبة الآلات الوتريه الغليظة الصوت (الآلات التشيللو والكونتراباص) تعرف نغماتها نبرا بالأصابع، في إيقاع عربي رصين. وقد بنى المؤلف هذه الحركه على اللحن الشعبي المعروف (أيوب المصري).
الحركة الثالثة: سريعه، وتستهل في فخامة من الأوركسترا و عازف العود المنفرد، ويمكن القول أن هذه الحركة تمتد على إيقاع عربي راقص و متوثب ويقدم عطية شرارة سلسلة من الألحان ذات الجمل اللحنية السلسله التي تشبه الى حد كبير في طبيعتها الألحان الشائعة. ويختتم الكونشيرتو في جو عربي بهيج. و تلاحظ هنا أن المؤلف يظهر براعة عازف العود المنفرد سواء في أداء الألحان باحساس عربي ،واضح أو في أدائه للفقرات السريعة الصعبة الأداء.
سابعا: كونشيرتو الناي في مقام الراست لعطيه شرارة.
ألفه شرارة عام 198.، وجاءت حركه الثالثة مبنية على لحن (أذان الصلاة) الاسلامية وقد جاء الكونشيرتو في ثلاث حركات على النحو التالي :
الحركة الأولى: سريعة
ويسمع فيها صوت آلة الناي منذ اللحظة الأولى بطابعه الصوتى المميز، مؤديا الحانا مسترسلة، ثم يتبادل الحوار الموسيقى مع الآلآت المصاحبه لها، حتى تختم الحركة.
الحركة الثانية : بطيئة
ويغلب عليها طابع الهدوء والتأمل .
الحركة الثالثة: سريعة
ويسمع خلالها لحن (أذان الصلاة)الإسلامية، ويؤديه عازف الناى المنفرد،ثم يتبادل الحوار الموسيقى مع باقى الآلات المصاحبة له، وبعدها يقدم فقرة تشبه الكادنزا، يستعرض فيها عازف الناى براعته فى الأداء، وخاصة فى الجانب التكنيكى، ثم ينضم لباقى أعضاء الفرقة الموسيقية المصاحبة له حتى تختتم الحركة فى سرعة وقوة.
ثامنا: كونشيرتو القانون والأوركسترا لرفعت جرانة.
أتم المؤلف هذا الكونشيرتوفى الخامس عشر من أكتوبر1966 واستخدم فيه آلة موسيقية محلية هى آلة القانون ،كما أنه بنى حركاته الثلاث على ألحان دينية إسلامية جاءت على النحو التالى :
الحركة الأولى : متوسطة السرعة
بناها المؤلف على التكبيرات والتهليلات التى تتردد فى عيدى الفطر والأضحى المباركين فى الأقطار الإسلامية، ويقدمها أولا الأوركسترا كاملا فى قوة ووضوح ،ثم يؤديها عازف القانون المنفرد،ويعيد تقديمه بأشكال مختلفة.
وتتميز هذه الحركة باستخدام الإيقاعات العربية الأصيلة، ويزيد تتابعها فى عرض الموسيقا فى قوة وحيوية.
الحركة الثانية: بطيئة وغنائية
تبدأ الموسيقا فى نعومة، ثم يسمع لحن تمهيدى من آلة القانون المنفردة يتميز بالصفاء، وتعتبرخير ممهد للحن الأساسى للحركة،وهو لحن (طلع البدرعلينا من ثنيات الوداع ..وجب الشكر علينا مادعى لله داع) الذى يتردد فى العالم الإسلامى منذ هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة،وتؤديه آلات النفخ النحاسية،ثم تستعرضه الآلات الوترية فى قوة وتجاوبها آلات النفخ الخشبية فى تسلسل يتميز بالسهولة واليسر مع إستعراض كامل لإمكانيات آلة القانون .
الحركة الثالثة: سريعة دون إسراف
وتعتمد هذه الحركة على لحن (أذان الصلاة)الذى يتردد فى البلاد الإسلامية خمس مرات فى اليوم للدعوة الصلاة. ويبدؤها عازف القانون المنفرد بتقديم اللحن الأساسى ثم يتبعه الأوركسترا كاملا بعرض سريع للحن،
وبعد فقرة إنتقالية تسمع الألحان الأساسية للحركات السابقة فى أشكال مختلفة ومتداخلة فى أسلوب كونترابنطى لم نألفه من قبل فى المؤلفات الموسيقية العربية، وتختتم الحركة فى قوة وعنف.
وهكذا تجد عزيزى القارئ أن رفعت جرانة فى هذا الكونشيرتو قد إستخدم آلة موسيقية محلية، والحانا دينية إسلامية قوية التأثير على من يسمعها .
المراجع:
أحمد المصرى : تعليقات على حفلات أوركسترا القاهرة السيمفونى أيام(8/6/1963- 18/1/1964- 18/1/1985- 12/4/1985).
1- د. بثينة فريد ود.زين نصار: القومية وأعلام الموسيقى فى أوروبا ومصر، القاهرة،مكتبة مدبولى،1998 .
2- د. زين نصار: القانون فى المؤلفات الأوركسترالية المصرية ،القاهرة، مجلة الفنون،يصدرها الإتحاد العام لنقابات المهن التمثيلية والسنيمائية والموسيقية، العدد(55) شتاء 1994، ص(3.).
3- د.زين نصار:موسوعة الموسيقا والغناء فى مصر فى القرن العشرين ، ج(2)،القاهرة الهيئة المصرية العامة للكتاب ،2020 .
4- د. زين نصار: دراسات موسيقية وكتابات نقدية،القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،2006 .
5- د. زين نصار :عالم الموسيقا، القاهرة،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ط (2)،2008 .
6- محمد رشاد بدران :تعليق على حفل أوركسترا القاهرة السيمفونى يوم(29/5/1959).