أعرب إدوارد لوكاس عضو مركز تحليل السياسات الأوروبية، الذي يتخذ من بروكسل مقراً له، عن اعتقاده أن العالم أصبح على أعتاب حرب باردة جديدة وأنه يجب على الدول الغربية أن تسعى لكي تكسب هذه الحرب.
وأشار لوكاس في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إلى أن الحرب الباردة القديمة على مدار العقود الماضية انتهت بانهيار الشيوعية وانتصار المعسكر الغربي وتفكك امبراطورية الاتحاد السوفيتي في شرق أوروبا ثم انهيار الاتحاد السوفيتي نفسه بالكامل.
وأضاف الكاتب أن البعض يري أن أحد ملامح الحرب الباردة في الماضي كان اندلاع الحروب بالوكالة والتي أشعلت جذوتها صراعات القوي العظمي عديمة الرحمة بينما يري أخرون أن الحرب الباردة في السابق أنقذت العالم من حروب كانت سوف تؤدي إلى دمار شامل على ضوء الصراع النووي الذي كان محتدماً آنذاك وكاد ينذر بكارثة كبري تهدد جميع أرجاء العالم.
وأشار الكاتب إلى أنه على الرغم من أن العديد من المتخصصين أعربوا عن رضائهم بانتهاء الحرب الباردة آنذاك وانتصار المعسكر الغربي، إلا أنه لم يشاطرهم هذا الرأي وأعرب عن مخاوفه من أن الغرب لم يقرأ المشهد القائم في حينها قراءة سليمة.
ويوضح الكاتب أنه على الرغم من انهيار النظام الشيوعي وانتهاء حقبة الحزب الأوحد إلا أنه كان يرى أن العقلية الامبراطورية السوفيتية لم تنتهي وما زالت مسيطرة على التوجهات الروسية.
وينوه الكاتب بما ذكره سيرجي كاراجانوف، مستشار الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين عام 1992 حين قال أنه من حق روسيا التدخل في شؤون دول الجوار من أجل شعوب يري الكرملين أنهم جزء من روسيا.
يقول الكاتب قد ترى روسيا أن هذه الشعوب جزء من الدولة الروسية على أساس الانتماء العرقي أو اللغوي أو الثقافي أو السياسي، مشيراً إلى أن هذه التوجه كان قائماً منذ عقود طويلة حتى من قبل أن يتبناه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويحوله إلى سياسة رسمية للدولة.
وأشار الكاتب إلى أنه على قدر مخاوفه من التوجهات الروسية الامبراطورية الكامنة والمتزايدة في نفس الوقت كان قلقه من فشل الغرب في تبني رد الفعل المناسب تجاه تلك التوجهات، فقد كان يرى أن الدول الديمقراطية العريقة مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا كانت تجهل تماماً طبيعة الأوضاع في الدول التي تقع على الشرق من حدودها.
وأضاف الكاتب أنه أصدر كتاباً عام 2008 بعنوان " الحرب الباردة الجديدة" محذراً فيه من أن العالم على أعتاب صراع شرس غير معلن مع روسيا بسبب نزعاتها التوسعية خارج حدودها وأنه يجب على دول العالم أن ينتبهوا لهذا الصراع ويستعدوا له وإلا فإنهم لن يكسبوا هذا الصراع.
وأشار الكاتب إلى ما ذكره في كتابه من أن الحرب الباردة الجديدة تختلف عن سابقتها القديمة في أن روسيا الحالية أضعف بكثير من الاتحاد السوفيتي السابق الذي كان، على الرغم من كل إخفاقاته، قوة عظمى بالإضافة إلى أنه على الرغم من امتلاك روسيا لترسانة نووية ضخمة إلا أن حجم اقتصادها لايتجاوز 10 بالمائة من حجم اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة إلى جانب أن ميزانية الإنفاق العسكري الروسي أقل كذلك من 10 بالمائة مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.
ويختتم الكاتب مقاله مؤكداً أن العالم أصبح بالفعل على أعتاب حرب باردة جديدة ولكنها تختلف عن سابقتها التي امتدت على مدار ما يقرب من أربعة عقود، داعياً الدول الغربية إلى دراسة أوجه الشبه والاختلاف بين كلا الحربين والخروج بالدروس المستفادة منها لكي يتمكنوا من كسب هذه الحرب.