نشرت مجلة (فورين أفيرز) الأمريكية مقالاً للرأي لدنيس روس الرجل الأول لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط في عهد إدارتي جورج بوش الأب وبيل كلينتون، حول الاستراتيجية التي تحتاجها واشنطن من أجل ردع إيران.
وقال روس إنه: "على الرغم من انتهاء المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران الأسبوع الماضي في قطر، حول إحياء الاتفاق النووي دون تحقيق طفرة، فإن هناك اتفاق بين الجانبين على وجود تفاهم مشترك حول إحياء الاتفاق".
ويرى روس أن الدافع الأقوى في التوصل لاتفاق لدى إيران هو تخفيف العقوبات، الأمر الذي يسمح لها ببيع النفط والحصول على مليارات الدولارات من الأرصدة المجمدة.
ذلك الأمر سيكون مفيداً لإيران بشكل خاص في الوقت الحالي، لاسيما بعد أن أجبِرت حكومة طهران على خفض الدعم على عدد من المنتجات، مما أثار ردود فعل عنيفة واحتجاجات في جميع أنحاء البلاد.
بيد أن روس عاد للتأكيد أن وجود اهتمام مشترك لدى البلدين لا يضمن إعادة إحياء الاتفاق النووي، كما يشير غياب أي تقدم في هذه الجولة الأخيرة من المحادثات.
وعزا روس ذلك الأمر إلى إصرار طهران على إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، الأمر الذي أكد بايدن أنه لن يقدم عليه.
لكن روس يرى أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق وانطلاق إيران في تسريع برنامجها النووي، فإن واشنطن ستكون في حاجة إلى استراتيجية ردع أفضل، وفي حال أيضًا التوصل إلى اتفاق، ستحتاج إدارة بايدن لتحسين مستوى الردع لديها.
وذكر روس أن البنود الرئيسية لاتفاق 2015 "تنتهي" في عام 2030، مما يترك إيران بلا قيود على حجم بنيتها التحتية النووية أو عدد أو جودة أجهزة الطرد المركزي أو مستوى تخصيبها.
نوه روس أيضًا عن أن إعادة إحياء الاتفاق النووي يمنح إيران مزيداً من الموارد بمعنى تقديمها كميات كبيرة من الأسلحة للميليشيات التي تدعمها في الشرق الأوسط (العراق وسوريا ولبنان واليمن).
وأوضح روس أنه من أجل تحسين مستوى الردع الأمريكي على المدى البعيد، ينبغي على واشنطن أن تعلن ما الذي ستخسره إيران في حال استمرت في مسارها الحالي وما الذي ستجنيه في حال أقدمت على تغييره.
ويقول: "ينبغي أن يكون الهدف هو عودة الخوف لدى إيران من الإجراء العسكري الأمريكي دون وضعها في زاوية دون سبيل دبلوماسي للخروج. من ناحية، ينبغي على زعماء إيران أن يدركوا أنه من خلال المضي قدمًا، فإنهم سيخاطرون بفقدان البنية التحتية النووية بالكامل، والتي استغرق تطويرها عدة عقود".
ومن ناحية أخرى، يجب أن يفهم زعماء إيران أنه سيتم رفع نظام العقوبات الواسع في حال تخليهم عن خيار أسلحتهم النووية وإكراه جيرانهم.
وانتقل روس للحديث عن فشل استراتيجية "الضغوط القصوى" التي أعلنها الرئيس السابق دونالد ترامب، في تطوير استراتيجية ردع فعالة، سواء ردع الهجمات الإيرانية المباشرة أو من خلال الوكلاء - ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا والهجوم على ناقلات النفط في الخليج العربي وخليج عمان والبنية التحتية لقطاع النفط في المملكة العربية السعودية.
كما ذكر روس أن اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني لم يوقِف هجمات وكلاء إيران ضد واشنطن، رغم أن ذلك ربما جعل إيران أكثر حذراً من قتل الأمريكيين.
وقال روس: "أثبت نهج بايدن أنه لم يكن أكثر فاعلية، إذ قبل بمطلب إيران بإجراء مفاوضات غير مباشرة، وسمح للصين بشراء النفط الإيراني دون عقوبات، ورفع ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في اليمن من قائمة الجماعات الإرهابية. وبدلاً من تلطيف سلوكها، يبدو أن إيران قد تجرأت".
بمعنى أن إيران واصلت التخصيب بمستوى أكبر من 20% بل ووصلت إلى مستوى بنسبة 60%، الأمر الذي يلّمِح إلى انعدام الخوف لدى طهران من الرد الأمريكي.
ويعتقد روس أنه لردع إيران عن تطوير برنامجها النووي والاستمرار في سياساتها الإقليمية المدمرة، ستحتاج واشنطن لاستراتيجية متكاملة تعتمد على الأدوات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاستخباراتية والسيبرانية والعسكرية.
ويتابع روس: "يجب على واشنطن إخطار إيران أنها سترد بكل الوسائل المناسبة إذا اكتشفت تحركًا نحو سلاح نووي".
وبدلاً من التصريح بأن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، يجب على إدارة بايدن أن تحذر إيران من تعرض بنيتها التحتية النووية بالكامل للخطر، في حال تحركها نحو حيازة سلاح نووي.
كما قدم روس روشتة لعدد من الخطوات الذي ينبغي على إدارة بايدن اتخاذها لجعل سياستها المعلنة تجاه طهران، تتسم بالمصداقية.
أولاً: ينبغي على القيادة المركزية الأمريكية تنفيذ تدريبات عسكرية مع حلفائها في الشرق الأوسط للتدريب على هجمات جو - أرض على أهداف محصنة.
ثانيًا، يجب أن تجري تدريبات تزود فيها الطائرات الإسرائيلية بالوقود - وهو أمر سيكون ضروريًا في أي هجوم إسرائيلي فعلي على إيران.
أخيرًا، ولإضفاء مزيد من المصداقية على سياستها، يجب على الولايات المتحدة تقديم مساعدة عسكرية إضافية لإسرائيل.
لذلك يجب على إدارة بايدن تسريع تسليم طائرة بوينج كيه سي-46 بيجاسوس وهي طائرة للتزود بالوقود والنقل الجوي وافقت على بيعها لإسرائيل، ولكن ليس قبل عام 2024 على أقرب تقدير.
وبعيداً عن البرنامج النووي الإيراني، يرى روس أنه ينبغي على واشنطن أن تركز أيضًا على استراتيجية لمواجهة سلوك إيران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط ومنع وصول الأسلحة الإيرانية لوكلاء طهران وتعزيز دفاعات حلفاء الولايات المتحدة وشركائها - بشكل خاص ضد المسيرات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية لوكلاء إيران.
ولتحقيق هذه الغاية، يمكن للقيادة المركزية الأمريكية دمج أنظمة الإنذار المبكر والطائرات دون طيار والدفاع السيبراني والدفاعات الصاروخية لشركاء الولايات المتحدة الإقليميين ، على الرغم من أن هؤلاء الشركاء سيتعين عليهم الموافقة على القيام بذلك.
يرى روس أيضًا أنه ينبغي على واشنطن الاستعداد للرد بشكل أكثر قوة على هجمات وكلاء إيران على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، حيث سبق وأن استهدفت القوات الأمريكية المتمركزة داخل قواعد عسكرية أكثر من 40 مرة.