يتحدث أهالي السويس أثناء عطلة عيد الأضحي المبارك عن مظاهر عدم ترشيد الإنفاق والبذخ فى هدر المال العام وعدم التخطيط الجيد وقد تكررت أحاديث أجازة الأضحى عن تلك المظاهر التى جاءت على لسان بعض من أبناء السويس الشرفاء .
وهنا أنقلها بأمانة من اجل المصلحة العامة التى نستهدفها للوطن، وبما يتواكب مع تصريحات رئيس الحكومة مصطفي مدبولي الصريحة والمطالبة بأهمية ترشيد الإنفاق الحكومي، بالإضافة إلى شكوى وزير المالية أمام البرلمان بسبب الأزمة الاقتصادية، فضلاً عن مصارحة القيادة السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسي بخطورة الازمة الاقتصادية وأهمية المحافظة على كل قرش وجنيه لبلادنا ونحن نعاني من قلة الموارد المالية .
ويأتي استغراب المواطنين فى السويس لما يحدث الآن من السير عكس الاتجاه الحكومي ضد الترشيد للإنفاق.
وهنا يؤكد المواطنين السوايسة على عدد من النقاط:
- دور الأجهزة الرقابية المنصوص عليها فى الدستور والقانون وأجهزة حماية المال العام "الرقابة الإدارية – الجهاز المركزي للمحاسبات – الأجهزة السيادية – الرقابة المالية الحكومية ومجلس النواب ..."
- إن قيام محافظة السويس بتجديد مبنى المحافظة القديم "الديوان العام الأول" المميز بالتراث المعماري العربي الأصيل بإعادة دهانه أكثر من ثلاث مرات وبألوان مختلفة هو أمر مثير للاستغراب!
كما قامت المحافظة بتطوير مبني الديوان العام الحالي الذي بناه اللواء بكير محافظ السويس الأسبق فى إطار إعادة بناء السويس الحديثة وقد تم تجديد الديوان العام الثاني الحالي للمحافظة بدهانات جديدة رغم دهانه وتطويره فى عصر اللواء أحمد حامد محافظ السويس السابق إلى اللون البني مع ديكورات بالطوب الفرعوني ولم يمض على تجديد المبنى 5 سنوات.. ويتم تجديد المبنى الآن بالملايين الجنيهات بدهانات جديدة وعمل أبواب حديدية ورخامية حديثة مع تعلية لدرج سيارات المحافظ والمسئولين!
بالإضافة إلى تغليف واجهة مبني الديوان العام الحالي بقميص من الألمونيوم اللامع الديكوري لكل واجهة مبني الديوان العام الحالي!
بالإضافة إلى إنشاء أسوار جديدة حديدية رخامية عليها زخارف على المبني الحالي نفسه، وزخرفة السور الجديد بشعار الترس والسمكة والهلب فى صورة لا تليق مع وقار المبانى الحكومية مع عمل لمبات وزينات حديثة للمبنى، كأنها كافيتريا فى بذخ واضح دون مبررات موضوعية!
وقد امتد السور الجديد مع مبنى ثالث اطلق عليه المركز التكنولوجي، مبني على 700 متر أربع أدوار بتكلفة بالملايين لم يتحدد حتى الآن التكلفة النهائية نظرا للمطالب المستمرة فى أهمية الواجهات الزجاجية والملونة والتجليد الديكوري بألواح من الألمونيوم مع تطوير دور خاص ليكون مكتباً جديداً للمحافظ !
الغريب فى الأمر أن مبني الديوان العام واحد ومبني الديوان العام اثنين لا يفصل بينهم سوى 10 امتار ومبني المركز التكنولوجي الجديد ملاصق تماماً لمبني الديوان الحالي فى ظاهرة تدل كما يقول السوايسة على عدم التخطيط، ولا يبعد المبنيان سوي 5 امتار تحديداً .. وقد تسبب المبني الجديد الثالث فى تضييق ميدان الشعلة الذي كان يرمز ويحمل أسماء شهداء معارك 1956 ضد العدوان الثلاثي وتم تضييق ميدان قصر الثقافة ومديرية الأمن رغم رصف الشوارع ومن السير فيها إلا فى حارة واحدة!
ويتساءل السوايسة كم من الملايين صرفت على أعمال المبني الجديد وتطوير المبني الحالي وتطوير المبني القديم وعمليات البناء الملاصقة على أرض الواقع، عدم وجود تخطيط سليم رغم صدور المخططات العامة والتفصيلية للسويس وعدم الاهتمام بها !
وقد نشر تقرير التنمية البشرية الأخير لوزارة التخطيط أن المساحة المأهولة للسكان فى محافظة السويس لا تتعدى 2.7 %، أي أن مساحة السويس التى ليس عليها بناء 97% فراغ، فلماذا التزاحم فى المباني الحكومية؟
ومن هنا يتساءل الناس فى السويس عن عدم التناغم الحكومي بين الحكومة المركزية والمحليات لترشيد الإنفاق ووقف مظاهر البذخ!
وللأسف يحدث ذلك مع تأخير مشاريع الصرف الصحي بمنطقة حوض الدرس ببورتوفيق والتي تتكلف 154 مليون جنيه ومنطقة الكابنون بتكلفة 11 مليون جنيه لخدمة المواطنين وقد طالبت لجنة الخطة والموازنة فى مجلس النواب الشهر الماضي بتحويل المشروعين للنيابة العامة صفحتي 226 - 232 من التقرير .
يبقي الغريب فى الأمر أنه تم بناء مبني هيئة قضايا الدولة بالسويس بجوار مديرية التربية والتعليم ولصيق بمديرية أمن السويس ومجمع المحاكم ومباني المحافظة الثلاثة؛ مما يجعل المنطقة عشوائية لا يفصل بينهما إلا امتار قليلة وهو المقر المنتظر افتتاحه من قبل وزير العدل قريباً.. وقد يؤدي التلاحم والتلاصق للمباني جميعا إلى تزاحم شديد وضوضاء وقدم وقار لتلك المباني .
ولعل الأمر المثير للاندهاش والأكثر غرابة فى السويس فى مظاهر البذخ قيام 3 شركات بترولية عريقة " النصر للبترول – السويس تصنيع البترول – الجمعية التعاونية " حيث تقوم هذه الشركات وهي معامل ومحطات تصنيع وتكرير وتحليل للبترول بالسير على النهج بإنشاء أسوار ديكورية بلاستكية محملة على هياكل حديدية فوق الأسوار والحوائط الأصلية مما يعني عدم الترشيد بهذه الديكورات المطعمة بشعارات لبنائها حول شركات بترولية وليس أسوار مدن للملاهي أو الألعاب الترفيهية وبتكلفة بالملايين .
والسؤال الأهم: من يدفع فاتورة تلك الأموال المهدرة وعدم الترشيد للمال العام؟ خصوصا بعد أن طالب فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب الشهر الماضي بإحالة مشروعات الصرف الصحي المتأخرة للنيابة العامة .
وبعد، فإن الأمر يحتاج إلى مراجعة دقيقة خصوصاً ونحن على ثقة فى الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الحكومة النشيط فى التحقيق فى الأمر والمحاسبة دفاعاً عن المال العام، خصوصاً وأن رئيس الجمهورية يتحدث عن الحوار الوطني ويطالب به إعمالا للشفافية والمشاركة الشعبية من اجل الدولة الجديدة .
** عضو مجلس النواب