السبت 23 نوفمبر 2024

و يبقى حليم .. لحنا أبديا

18-7-2022 | 12:52

ظل فريد الأطرش أكثر من عقدين يحي حفل ليلة شم النسيم وكانت أغنيته الأشهر "أدي الربيع عاد من تاني والورد هلت أنواره "..هي الأيقونة التي تنذر بقدوم الليالي الحلوة والسهر والسمر..وانقطع فريد عن هذه العادة بعد حرب ١٩٦٧ حيث كان يقيم في بيروت واحتل عبد الحليم حافظ هذا المكان وأصبحت ليلته التي يطلق فيها أحدث وأعذب أغنياته ، إلى أن قرر فريد الأطرش أن يعود إلى هوليود الشرق مرة أخرى ليستعيد مكانته عند الجمهور المصري والذي يمتلك من الذوق والحس الفني مايجعله يرفع الفنان الى سابع سما أو أن يسقطه من كل الحسابات...وحدثت الأزمة التي صعدت إلى أعلى مستوى حيث وصلت إلى الرئيس عبد الناصر ..من ياترى سوف ينقل التلفزيون حفلته في هذه الليلة؟ وبرغم أن عبد الحليم كان يعتبر مطرب الثورة ومصريا دما ولحما...إلا إن الرئيس عبد الناصر العروبي أشار بأن يعود فريد إلى مقعده ومكانه وينقل التلفزيون حفلته ويتم تسجيل حفلة عبد الحليم وإذاعتها في اليوم التالي في التلفزيون ، ويقال أن الرئيس كان يحب الإستماع والإستمتاع بصوت فريد الأطرش...ولكي يخفف جلال معوض صاحب أقوى وأجمل صوت عرفته موجات الأثير الأمر فقد قرر إذاعة حفل عبد الحليم على موجات إذاعة الشرق الأوسط...وغنى العندليب "موعود" والتي وصفت رحلته مع الألم والمرض بعد أن كان مقررا أن يغني مداح القمر ولكنه قرر تأجيلها  حيث كان عائدا من رحلة علاجية قائلا: معقول أغني" ياشعر ليل وفارد ضفايرك عالقمر في الظروف دي ؟" ... وقد غناها  فيما بعد في حفل أخر في نهاية ١٩٧١ وشاءت الاقدار أن يغيب حليم عن حفل شم النسيم لعام ١٩٧٢ فقد نقل إلى أحد مستشفيات لندن في حالة سيئة...وعاد ليحي حفل ١٩٧٣ في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة بعد أن قضى عشر ساعات بروفات في اليوم الذي سبق الحفل وسقط مغشيا عليه لمدة ساعتين...وعاد في اليوم التالي كالمارد وقد قرر أن يطل على جمهوره بثلاث أغنيات جديدة فى حفل قدمته ثلاثة من أجمل مذيعات مصر بلا "بوتكس أو فيلر ولاعدسات"لينسيس" و هن..   سلمى الشماع وفريدة الزمر  وسهير شلبي..وغنى العندليب " يامالكا قلبي لعبدالله الفيصل ومحمد الموجي مخاطبا الحبيبة ...هل انتهى أمري.. أخاف أن أمشي في غربتي وحدي.. ورسالة من تحت الماء...لنزار قباني والموجي أيضا ..ويناجيها..أشتقت اليك فعلمني أن لا أشتاق.. علمني كيف أقص جذور هواك من الأعماق".. ومن المؤكد أن الكلام كان موجها إلى السندريلا بعد زواج سري قيل انه دام ست سنوات وانفصال له عدة أسباب...ثم استراحة ليقدم الطفل عماد عبد الحليم الذي أعجب بصوته في إحدى الحفلات العائلية...كل هذا وطبيبه هشام عيسى يقف خلف الكواليس ومعه شنط الأدوية وبعض الأجهزة...ولكن المارد قد انطلق  وعاد في الوصلة الثانية بعد أن استبدل بدلته ليرتدي"البرنس دي جال"وقد أحس بجمهوره في الاستقبال الذي امتد لأكثر من ١٠ دقائق تصفيق في بداية الحفل فاشتد عوده... وغنى "حاول تفتكرني "لبليغ حمدي الذي قدم أروع مقدماته الموسيقية ومحمد حمزة الشاعر الذي كان يصيغ أفكار وأحاسيس عبد الحليم في صورة شعرية..وأبدع حليم على مدار ساعتين ونصف حتى لاح فجر يوم شم النسيم وهو يصدح "حبيبي والله لسة حبيبي والله وحبيبي مهما تنسى حبيبي والله وحبيبي أبقى افتكرني..حاول حاول تفتكرني"..وأنا متأكد وهو كذلك أن السيدة سعاد حسني كانت تسمع الكلمات وربما كانت تبكيه حبا..ترى ماذا لو امتد العمر بك ياحليم حيث تقدمت جراحات المناظير وزرع الكبد...لكانت نصف نساء الوطن العربي قد أهدينك أنصاف أكبادهن...ولكن شاء القدر أن تموت جسدا وتبقى لحنا أبديا.