اشتهر الموسيقار فريد الأطرش بكرمه الزائد، وإقامته للحفلات والسهرات في منزله، وربما كان ذلك الكرم الحاتمي سببا في عثوره على قصيدة أصبحت من أروع أغانيه، ولم تكن كذلك فقط، بل استمد منها فريد فيلما يعد أيضا من روائع أفلامه .. الأسرار والتفاصيل نرويها من موضوع "ناس وحكايات" الذي نشر بمجلة الكواكب عدد 18 يوليو 1961.
نشرت قصيدة "عدت يا يوم مولدي" للكاتب والشاعر الكبير كامل الشناوي في مجلة الإثنين عام 1948، وفور نشرها أعجب بها الموسيقار محمد عبد الوهاب واستأذن كامل الشناوي في تلحينها، وفي كل مرة يضع عبد الوهاب لحنا جميلا للقصيدة يعود ويأخذ اللحن ليضعه لأغنية أخرى .. وأخيرا اعتذر لكامل الشناوي وقال له أنه لن يلحنها.
مع اقتراب ذكرى ميلاد كامل الشناوي في نهاية عام 1960 اقترح عليه فريد الأطرش أن يحتفي بعيد ميلاده، وأن يقيم له فريد حفلا بمنزله، ووافق الشناوي، وفي تلك الليلة ألقى الشناوي قصيدة "عدت يا يوم مولدي" وأعجب بها فريد، وكانت أول مرة يسمع فيها القصيدة، واستأذن كامل الشناوي في تحلينها وغنائها، ووافق كامل بعدما شرح له قصتها مع عبد الوهاب.
ومن فرط إعجاب فريد الأطرش بالقصيدة طلب من السيناريست يوسف عز الدين عيسى والمخرج بركان أن يضعا قصة سينمائية تدور حول فكرة هذه الأغنية، وأكد جميل الباجوري محرر الكواكب أن فريد سيدخل الأستوديو بهذه القصة التي اختار لها اسم "يوم بلا غد" في أوائل شهر أغسطس 1961 متضمنا هذه القصيدة.
أكد كل من استمع إلى الأغنية من فريد الأطرش أنها ستكون أغنية الموسم بلا شك، ولكن هناك كلمة لم تعجب فريد في القصيدة وهي كلمة "الطين" في مقطع "كنت طينا ولم أزل"، فطلب من الشناوي استبدالها بكلمة أخرى، وقد اقترح فريد أن يكون مكانها كلمة "وهما" أو "حلما" .. لكن الشناوي اختار "الروح" ليصبح المقطع:
ليت أني من الأزل ... كنت روحا ولم أزل.
بقي أن نوضح أن الأغنية كانت ومازالت من روائع فريد الأطرش، أما الفيلم الذي أشار جميل الباجوري إليه وأكد في تقريره أن فريد طلب من السينمائيين أن تستمد قصته من محتوى الأغنية، فقد أنتجه فريد بالفعل تحت اسم "يوم بلا غد" وفي مقدمة الفيلم كتب "وضع السيناريو وأعدها للسينما بركات، عن قصة عائلة باريت للكاتب رودلف بيزيه".