أعرب باتريك وينتور الكاتب المتخصص في الشئون الدبلوماسية بصحيفة "الجارديان" البريطانية عن اعتقاده أن تكاليف حرب أوكرانيا الباهظة أصبحت تمثل تحديًا كبيرًا لقادة الدول الأوروبية وأنه من المتوقع أن تتجه الأمور نحو الأسوأ في الفترة القادمة.
وأشار وينتور -في مقال نشرته "الجارديان"- إلى أن حرب أوكرانيا ألقت بظلالها الكثيفة علي العديد من جوانب الحياة في الدول الأوروبية، مستشهدًا بالجهود المضنية التي تبذلها حكومة إيطاليا للحيلولة دون استقالة رئيس الوزراء ماريو دراجي وانهيار الائتلاف الحاكم هناك على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تمر بها إيطاليا حاليًا بسبب حرب أوكرانيا.
وأضاف الكاتب أن أزمة الحكومة الإيطالية ليست الوحيدة في أوروبا ولكنها تقع في سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية، التي تتعرض لها الدول الأوربية في الوقت الراهن بسبب العواقب الوخيمة التي نجمت عن حرب أوكرانيا وفرض عقوبات اقتصادية من جانب الدول الغربية على روسيا.
وقال إن العديد من قادة الدول الأوروبية يتعرضون حاليًا لضغوط كبيرة بسبب ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم ونقص السلع الأساسية على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا ورد فعل موسكو على العقوبات المفروضة عليها من الدول الغربية.
ورأى وينتور أن كل تلك الأوضاع تصب في مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يعلن دائمًا أن أضرار العقوبات الأوروبية، ضد روسيا تثقل كاهل المواطن الأوروبي أكثر من المواطن الروسي وأن استمرار الحرب في أوكرانيا يصب في مصلحة بلاده.
وأوضح أن بوتين يدرك تمام الإدراك أن ارتفاع أسعار الوقود على مستوى العالم يُشكل العبء الأكبر والتحدي الأهم، لقادة الدول الأوروبية والذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع رهيب في معدلات التضخم وإبطاء معدلات النمو الاقتصادي.
واستطرد الكاتب موضحًا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعرض مؤخرًا لأزمة سياسية كبيرة، حيث فقد حزبه الأغلبية البرلمانية في مواجهة أحزاب أخرى معروف عنها التعاطف مع الجانب الروسي في حرب أوكرانيا.
وأضاف أن إستونيا ليست أفضل حالًا من إيطاليا وفرنسا حيث تمكنت رئيسة الوزراء كايا كالاس من كسب تصويت بالثقة في البرلمان بصعوبة بالغة على خلفية ارتفاع معدلات التضخم في البلاد إلى 19 بالمائة وارتفاع أسعار الكهرباء على نحو غير مسبوق الأسبوع الماضي.
وأعرب وينتور عن اعتقاده أن رئيسة وزراء إستونيا سوف تواجه مشكلة حقيقية إذا لم تتمكن من تحسين مستوى الأداء الاقتصادي قبل الانتخابات البرلمانية في مارس القادم، وتنسحب تلك الأوضاع،على بلغاريا حيث سقطت هناك الحكومة الموالية للغرب، مشيراً إلى أن سقوط رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون مثل بالقطع خسارة فادحة لرئيس أوكرانيا فلودومير زيلينسكي.
وفي المقابل، قال كاتب المقال إن رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الذي يُعد أحد أهم قادة الدول المساندين للرئيس الروسي بوتين في أوروبا، تمكن من تحقيق نتائج انتخابية جيدة.
وأضاف أن الأوضاع تزداد سوءاً يوماً بعد يوم على مستوى الاتحاد الأوروبي حيث من المتوقع أن يتخذ الاتحاد الأوروبي، قراراً غداً الأربعاء بشأن تكوين آلية تضامن جماعية في حالة قطع روسيا لوارداتها من النفط للدول الأوروبية.
واختتم الكاتب مقاله موضحاً أن الرئيس بوتين سوف يحسم هذا الجدل يوم الخميس القادم حين تعلن روسيا قرارها بشأن استئناف واردات الغاز للدول الأوروبية بعد انتهاء الفترة المعلنة لتوقف خط أنابيب نوردستريم-1 بسبب أعمال الصيانة السنوية والتي تنتهي بعد غد الخميس وحينذاك سوف تتضح النوايا الحقيقية للرئيس بوتين.