سلطت صحيفة "فاينانشيال تايمز"البريطانية في عددها الصادر اليوم، لضوء على تحذيرات مسئولين أمريكيين من ارتفاع جديد في أسعار الوقود في مسعى منها لوضع سقف لأسعار النفط الروسي .
وذكرت الصحيفة (في مستهل تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي في هذا الشأن) أن إدارة الرئيس جو بايدن عززت الجهود لاقناع كبار مستوردي النفط للتوقيع على خطة للحد من الأسعار التي يعرضونها لشراء الخام الروسي، وسط تزايد المخاوف داخل واشنطن من أنه بدون ذلك سيواجه العالم زيادة مدمرة في تكاليف الوقود .
وقال مسئولون أمريكيون - في تصريحات خاصة للصحيفة دون ذكر اسمائهم - إن المفاوضات جارية بين الولايات المتحدة والصين والهند ودول أخرى ظلت تشتري نفطًا بسعر مُخفض من روسيا حتى بعد اشتعال الأزمة في أوكرانيا، مما تسبب في استياء العديد من العملاء الأوروبيين. بينما تأتي الجهود الدبلوماسية في واشنطن، حسبما اعتبرت الصحيفة، في الوقت الذي تستعد فيه المملكة المتحدة وأمريكا للانضمام إلى حظر الاتحاد الأوروبي المفروض على قطاعي التأمين وخدمات السفن التي تقل النفط الروسي؛ حيث من المقرر أن يدخل حظر التأمين، وهو جزء من محاولة لتقييد عائدات تصدير الطاقة الروسية، حيز التنفيذ بالكامل في ديسمبر المقبل.
وأضافت: أن نتيجة ذلك قد تؤدي إلى انخفاض في تسليم النفط الروسي إذا لم تتمكن موسكو من العثور على عدد كافٍ من السفن الراغبة في الإبحار دون تغطية تأمينية، بينما حذر مسئولون أمريكيون دولًا أخرى من أن الانخفاض المتوقع في الصادرات قد يترك أسواق النفط في حالة قصور ويرفع الأسعار مجددًا، مما يضر بالمستهلكين رغم أن ذلك قد يعود بالنفع على موسكو ويعوضها عن أي أضرار مالية .
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد حثت أعضاء مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى وكبار المشترين للنفط الروسي إلى فرض حد أقصى للسعر، مما يسمح بإعفاء واردات النفط الروسي من حظر التأمين والخدمات البحرية طالما يتم تسعيرها بخصم كبير على السعر السائد في السوق، في حين أكد مسئول أمريكي قريب من المفاوضات أن "الإنتاج الروسي سينخفض عندما يبدأ سريان حظر الخدمات بالكامل، ما لم نستخدم سقف السعر للسماح بمواصلة الصادرات، وهي الطريقة الوحيدة التي تحول دون ارتفاع كبير في الأسعار".
أما في واشنطن، فقد تفاخر الرئيس بايدن في الأسابيع الأخيرة بأن جهود إدارته لتقليل الأعباء على سائقي السيارات بدأت تؤتي ثمارها، حيث تراجعت أسعار البنزين عن مستوياتها القياسية المرتفعة في أعقاب العمليات العسكرية الروسية، لكن المسئولين الأمريكيين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، قالوا إنهم ما زالوا قلقين من أن تجار النفط ربما يستخفون بالتأثير المحتمل لفرض حظر على التأمين دون الالتزام بحد أقصى للسعر.
وهؤلاء التجار على قناعة بأنه حظر التأمين قادر على إيقاف جزء كبير من إنتاج النفط الروسي بمجرد بدء سريانه، ويجادلون بأن الصادرات الروسية - التي بلغ متوسطها 7.8 مليون برميل يوميًا من المنتجات النفطية الخام والمكررة قبل الحرب في أوكرانيا- أكبر حجمًا من أن يتم السيطرة عليها والتعامل معها دون الوصول إلى أسطول الناقلات العالمي. كذلك، انتقد المسئولون التنفيذيون والمحللون في قطاع النفط خطة الحد الأقصى للأسعار ووصفوها بأنها غير عملية وتنطوي على مخاطرة بأن يأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخفض انتقامي في صادرات النفط لمحاولة رفع الأسعار، لاسيما وأن موسكو قلصت بالفعل إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا في الفترة الأخيرة.