أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الشعب المصري قادر على مواجهة كافة التحديات والصعوبات، مشيرًا إلي أن هذا الشعب هبة من الله لمصر.
وأكد الرئيس السيسي، في كلمته بختام فعاليات المؤتمر الوطني الرابع للشباب بالإسكندرية، أن مصر وشعبها لن يسمحوا لأحد أن يوقف مسيرة الإرادة والتحدي التي قاموا بها بكل حزم وإصرار في 30 يونيو.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي.
“السيدات والسادة، الحضور الكريم، بناتي وأبنائي شباب مصر العظيم، في بداية حديثي لكم اليوم وفي حضور هذه النخبة من ممثلي ورموز المجتمع المصري، اسمحوا لي أن نتوجه جميعا بالتحية والتقدير للشعب المصري العظيم والذي أثبت بلا شك أنه شعب قادر على تحدي التحدي ذاته وقادر على فرض إرادته الحرة في بناء دولته، ذلك الشعب الذي يواجه التحدي بلا كلل أو ملل.
السيدات والسادة، أتوجه بالحديث إليكم في هذا الجمع الكريم والذي بات عادة وطنية خالصة وظاهرة مصرية فريدة وخلال فعاليات وأحداث هذا المؤتمر تبادلنا الرؤى وأجبنا على استفسارات تشغل بال الرأي العام، جمعنا حب الوطن والعمل من أجله، سواء توافقت الرؤى أم اختلفت، كانت مصر هي الغاية وكان النقاش الحر والشفافية الوسيلة ولا أخفي عليكم أن سعادتي تمتزج بالفخر والاعتزاز، وأنا أشارك في هذا الحدث وأتواجد بين بناتي وأبنائي شباب مصر وبهذا الحضور المتميز من نخب المجتمع المصري.
أبنائي شباب مصر، إن خلق مساحات مشتركة بيننا وفتح قنوات اتصال فاعلة بين الدولة والمجتمع بصفة عامة والشباب بصفة خاصة هو أمر حتمي وضرورة واجبة لأن الوطن ينتظر منا جميعا أن نحلق في أفقه الواسع ولا تحكمنا مصالح خاصة أو انتماءات ضيقة كما أن صياغة لغة للحوار هو نجاح مكتسب للدولة المصرية شعبا وحكومة ومؤسسات يجب الحفاظ عليه والتعزيز على ما يحققه من نتائج إيجابية”.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي: “هذه الدولة ستبنى بأيدي أبنائها، سنواجه كل شر يحيق بنا بلا كلل أو ملل مادام الدم يجري في العروق، ولن نرضى بغير أن نقتلع كل يد آثمة تلوثت بدماء أبنائنا، فلذات أكباد الوطن، ولن نسمح لأحد أيا ما كان أن يوقف مسيرة إرادة المصريين التي أعلنوها بكل حزم وإصرار في الـ30 من يونيو عام 2013.
وعلى الجانب الآخر نواجه تحديات اقتصادية كبيرة تراكمت على مدار عقود مضت، وباتت مواجهتها واجبة لا تحتمل تأخيرًا أو تسويفًا، فقد توليت المسؤولية والدولة تعاني من أزمة اقتصادية حادة تمثلت في انخفاض حاد بالاحتياطيات النقدية من العملات الأجنبية وعجز ضخم في الموازنة العامة وارتفاع مؤشرات العجز التجاري والدين العام والبطالة والتضخم إلى أرقام سلبية غير مسبوقة.
ويتزامن ذلك مع تراجع في الإيرادات العامة للدولة من عوائد السياحة والإنتاج، لذا فقد كان واجبًا علي أن أضع ملف الإصلاح الاقتصادي على أولويات أجندة العمل الوطني وفي مقدمة اهتماماتي، وقد تمكنت الدولة بمؤسساتها وخبرائها من وضع إستراتيجية ورؤية متطورة لإصلاح الاقتصاد، وقد كان قراري نابعا من المسئولية الوطنية أن نعمل وفق هذه الرؤية ونواجه المشكلة بشكل متكامل وشامل مهما كلفنا ذلك من تضحيات، وهنا أؤكد لكم أنني لم أخلف عهدي معكم على الصدق في القول والشجاعة في المواجهة غير عابئ بأي اعتبار إلا اعتبار واحد هو أن أقوم بما يمليه على ضميري والحق أقول.
"إنني حين قررت أن أتخذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الصعبة، كان القرار مرتكزا على يقين راسخ في وعي وإدراك وصبر الشعب المصري العظيم، بالإضافة إلى ثقة مني في منهجية التخطيط لهذه القرارات والتى ستؤدي إلى نتائج إيجابية حقيقية وهو ما بدأت بوادره وشواهده تلوح في الأفق، حيث تضاعف الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى ما يقرب من الضعفين في أقل من 3 سنوات".
"وحقق الميزان الكلي للمدفوعات فائضا قيمته 7 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، وقد انخفضت معدلات البطالة مقابل ارتفاع في النمو".
"وحرصا مني على تقليل آثار الإصلاح الاقتصادي على المواطن المصري، فقد كانت تكليفات الحكومة وأجهزة الدولة باتخاذ حزمة من إجراءات الحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر تعرضا لهذه الآثار والتي ستعمل على تطويرها بشكل مستمر وتوسيع نطاق الفئات المستفيدة منها".
"وأقول لكم بكل الصدق والأمانة إننى لا أبحث عن مجد شخصي أو بطولات زائفة وإنما أبحث عن مستقبل لهذا الوطن وإرضاء لضميري، بقول الحقيقة وفعل الحق".
"فهذا الوطن يستحق أن نضحي من أجله ونتجرد من الأهواء، ونحن نسعى لإعادة بنائه ولذا فإنني أتوجه بكل التحية والاعتزاز لهذا الشعب العظيم والذى أثبت أن عبقريته ووعيه لن يتأثر بمن يحاولون النيل منه ومن مقدراته".
"وكما تعودنا دائما أن تسفر حواراتنا خلال فاعليات المؤتمر الوطني للشباب عن توصيات وقرارات محددة".
"وقد اتخذت مجموعة من القرارات أوجزها في الآتي أولا، دعم الدولة الكامل لمنتدى حوار شباب العالم الذى دعا إليه شباب مصر، ودعوة ملوك ورؤساء وأمراء وزعماء الدول الشقيقة والصديقة لحضور المنتدى، ومشاركة شبابنا الواعد حلمهم في تكامل الحضارات والنقاش الجاد من أجل صياغة رسالة سلام ومحبة".
“ثانيًا.. تكليف الحكومة مستعينة بنخبة من الشباب بوضع آلية لمتابعة تنفيذ إستراتيجية 2030 وتقييمها بشكل دوري في ضوء المعطيات والمتغيرات المحلية والعالمية والتأكيد على ربط برامج الحكومات المتعاقبة مع الإستراتيجية”.
“ثالثًا.. تكثيف جهود الحكومة والدولة في إحداث التطوير اللازم لمحافظة الإسكندرية من خلال الآتي: أولا، زيادة الحيز العمراني للمدينة بمساحة 18 ألف فدان.
ثانيًا.. اتخاذ كافة الإجراءات التنفيذية لتطوير المحاور المرورية بدأ من ترام الإسكندرية قطار أبو قير محور المحمودية، واستكمال كافة الدراسات الخاصة بها بحد أقصى نهاية 2017، واستكمال تطوير المناطق العشوائية ببشاير الخير بإجمالي 7500 وحدة والانتهاء منها في منتصف عام 2018، والبدء في تطوير مدينة رشيد الأثرية على أن ينتهى العمل فيها بحد أقصى 3 سنوات من تاريخه والانتهاء من مشروعات المناطق الصناعية بمحافظة البحيرة بمساحة تصل إلى ألف فدان وطرحها تباعا للاستثمار خلال عامين على الأكثر بالتنسيق مع هيئة التنمية الصناعية، هذا بالإضافة إلى إنشاء بورصة زراعية على مساحة 57 فدانًا في منطقة مديرية التحرير بوادي النطرون والانتهاء من المشروع خلال عام واحد فقط“.
"البدء الفوري في استكمال الدراسات التنفيذية لمشروع تنمية غرب مصر تمهيدا لوضع المشروع حيز التنفيذ متضمنا المناطق اللوجيستية والاستثمارية والتجمعات العمرانية، كذلك البدء في طرح أراضي المنطقة الاستثمارية بمساحة 10 آلاف فدان في "مطوبس" بمحافظة كفر الشيخ بامتداد 25 كيلو متر على الساحل قبل نهاية هذا العام وبما يتيح حوالي 250 ألف فرصة عمل عند اكتمال المشروع”.
“وتقرر تشكيل لجنة من وزارات الدفاع والإسكان والتنمية المحلية ومحافظة الغربية لدراسة قيود الارتفاع بالمحافظة وإيجاد بدائل لظهير صحراوي لها على أن تنتهي الدراسة خلال 3 أشهر بهدف التوسع العمراني بالمحافظة على الرقعة الزراعية”.
“وقيام الحكومة بالنظر والدراسة الفورية لجميع المطالب والشكاوى التي تقدم بها كل من أهالي محافظات إقليم غرب الدلتا والتي تم تسليمها لابننا الشاب ياسين الزغبي وإفادته من تاريخه بالموقف والإجراءات التي تم اتخاذها”.
“وقيام الحكومة بالبدء بشكل عاجل في إعداد تخطيط وتكامل لإنشاء ثقافي كامل بالعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ويشمل الأجرة والمكتبة والمسرح ومراكز التراث والمتحف وورش الإبداع هذا بالإضافة إلى الإعداد والتخطيط لإنشاء كيان ثقافي ومعرفي مصغر مماثل في المدن الجديدة الجاري إنشاؤها بمحافظات صعيد مصر على أن يتم الانتهاء من هذا التخطيط خلال شهر على الأكثر من تاريخه تمهيدا للبدء في التنفيذ”.
“وقيام الحكومة بالانتهاء من إقرار التقسيم الإداري الجديد لمحافظات مصر بما يشمله من إضافة ظهير صحراوي من محافظات الصعيد وامتداد حدودها حتى البحر الأحمر وتعديل حدود باقي المحافظات تمهيدا لعرضها على مجلس النواب في بداية دورة الانعقاد القادم وذلك كخطوة رئيسية في مجال دفع جهود التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية”.
وختم الرئيس كلمته قائلًا: “شعب مصر العظيم، إن سعادتي قد بلغت المنتهى وأنا أتحدث أليكم هنا من على شاطئ الإسكندرية الرائعة شكلا والعظيمة موضوعا ومن داخل هذا الصرح العالمي الذي يدلل على أصالة وعراقة مصر مكتبة الإسكندرية والتي كانت في نسختها الأصلية أقدم مكتبة عامة في التاريخ القديم والتي شيدت هنا على أرض مصر الحضارة والثقافة وتزداد سعادتي بذلك الحضور المميز لأهالينا من محافظات مصر، البحيرة ومرسى مطروح وكفر الشيخ والغربية.
إن الأمل يحيط بي ويزداد لدي اليقين حين أكون وسط بناتي وأبنائي من شباب مصر أن زراعة الأمل في نفوس هذا الشباب المتحمس الواعد هو حقيقة الاستثمار في الحاضر والمستقبل ولذلك، فإنني أولي شباب مصر الاهتمام الأكبر في أولويات عمل الدولة”.
وأكد: “ويقيني بقدرات شباب مصر الراسخ لا يخالطه شك فبأيديهم تخضر الأرض الصفراء، وتثمر حدائق الوطن بالأمل والتفاؤل وبعزائمهم تصبح الأمة أكثر قوة وثباتا وأن المستقبل الذي نكافح من أجل العبور إليه إنما هو لكم والسبيل إليه لا يتحقق إلا بكم، وإن الأمل في تحقيق الحلم بات أقوى وأقرب مما نتصور فحلمنا حلم سلام واستقرار وتنمية وحلم إنسانية تتقبل الاختلاف وأن تتكامل الحضارات ولا تتصادم، حلم هذه الأمة العريقة هو ذاته حلمكم بحياة تستحقونها وتليق بكم وبعملكم من أجلها، حياة بناء لا هدم، حياة سلام لا حرب”.