الأربعاء 15 مايو 2024

«حقنة هتلر» وفوضى العلاج بالصيدليات


صابر سكر

مقالات30-7-2022 | 22:40

صابر سكر

لا عقاب على من أدار صيدلة دون أن يكون مرخصًا له بذلك طالما أنه لم يقم بتركيب أو تجهيز أى دواء، والقانون قصر مهنة الصيدلة على أفعال تجهيز الدواء أو تركيبه أو تجزئته وليس على إدارة الصيدلية.

أصدرت محكمة النقض حكما بجلسة 23/3/2022 قالت فيه إن الحكم اعتبر من قيام الطاعن بإدارة الصيدلية مزاولة لمهنة الصيدلة في حين أن القانون رقم 127 لسنة 1955 قد عرف مزاولة مهنة الصيدلة في الفقرة الثانية من المادة الأولى منه بأنها تجهيز أو تركيب أو تجزئة أى دواء أو عقار أو نبات طبى أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا.

وواضح من تعريف القانون لمزاولة مهنة الصيدلة أنه قصرها على أفعال تجهيز الدواء أو تركيبه أو تجزئته، ولما كان الحكم المطعون عليه قد اعتبر من مجرد إدارة الطاعن للصيدلية محل الضبط مزاولًا لمهنة الصيدلة وعاقبه تبعا لذلك بعقوبة الحبس لمزاولته تلك المهنة دون الحصول على ترخيص، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لا سيما وأن الأوراق قد خلت من ارتكابه لأية جرائم أخرى يمكن نسبتها إليه مما يتعين الحكم ببراءة المتهم .

ومؤخرًا تعالت أصوات المواطنين من فقدان فلذات أكبادهم من أخطاء غير المختصين في إدارة الصيدليات، وعدم وجود الصيدلي في الصيدليات مع حاجه الناس لعمله الفني ودورة الحيوي وخاصة في المرض الطارئ مثل إعطاء حقنة أو تحضير وتركيب دواء بنسب معينة مثل ما حدث في واقعة كفر الدوار بمحافظة البحيرة  حيث هرع طارق سعيد بنجلته إيناس إلي الصيدلية لإعطائها حقنة وكان يفترض أن الموجود صيدلي، والبديهي يقوم بإجراء اختبار حساسية من المضادات الحيوية قبل إعطاء ابنته الحقنة .

وقد سبق توقيع الكشف الطبي عليها بمستشفي كفر الدوار وأخبره الطبيب بضرورة اختبار الحساسية لأن ابنته كانت تعاني من حساسيه الصدر. وقد أخطر المتواجد بالصيدلية بذلك قبل إعطاء الحقنة إلا أنه لم يبال، وباستهتار ولامبالاة أعطي الحقنة وتسبب خطأ في وفاة الطفلة، وأثبتت تحريات الشرطة صحة أقواله واختفى مدير الصيدلية عقب اقتراف الجريمة.

والجرائم التي ترتكب ممن يديرون الصيدليات كثيرة ولا تتوقف نشاهد أطرافها في تحقيقات النيابات العامة ووقائع القتل الخطأ من إداري الصيدلية نختصرها في وقائع شهيرة مثل (حقنة هتلر) التي تسببت في وفاة بعض الناس وأقربها واقعة بورسعيد والإسماعيلية.

وحقنة هتلر توليفة من أدوية مضادات حيوية وكورتيزون يعطيها المتواجد في الصيدلية للمصابين بنوبة البرد .

وهنا الكورتيزون يؤدي إلى إضعاف المناعة والخطورة الأكبر عندما يتعاطاها مريض حساسية الصدر لأنه المفترض عدم تعرضه لمثل هذه الأدوية.

 

وتلك التركيبة الكوكتيل يُقبِل عليها الكثيرون وذلك لرخص ثمنها، وخطورة الحقنة أنها تؤدي إلى الوفاة لبعض من يعانون من أمراض حساسية الصدر والامراض المزمنة.

 

 وأغلب الدول وخصوصا الخليجية سبقتنا في هذا المضمار، وتفرق بين مالك الصيدلية والمدير الفني للصيدلية ولا يوجد شرط الـ١٠٠م ومزاولة مهنة الصيدلة بدون ترخيص شيء (وهي الواقعة موضوع الحكم) وإدارة مؤسسة صيدلية بدون ترخيص شيء آخر .

 

وعلى الحكومة ألا تترك الصيدلية مثل السوبر ماركت الفرق روشتة عربي والثانية إنجلش، وليس كل من وقف في صيدلية يعرف يقرأ روشته علاج .وافترضنا أنه يستطيع القراءة فقط . السؤال الذي يطرح نفسه لو أعطى هذا المدير علاج خطأ من يحاسب عليه  .

 

وهناك فرق بين الملكية والإدارة ومدير الصيدلية لابد أن يكون صيدليا وإلا ستزيد الفوضى والقانون يحتاج تعديل .

والمشكلة هنا في عدم تواجد شخص غير مؤهل علميًا في الصيدلية يؤدي بالطبع إلى دخول أي شخص للحصول على أدوية منها ما يستخدم في أغراض غير قانونية  منها مواد وأدوية في جداول المخدرات ويتعاطى بعض الناس الحقن داخل الصيدلية أو حقن وأدوية شراب بدون روشتة .

وإدارة صيدلية لغير صيدلي منتشرة في المناطق الريفية وبالمناطق الشعبية بمدن مصر بجميع أنحاء الجمهورية وتفاقمت الخطورة بخداع الناس بجلسات الإنترنت ووصفات العلاج عن طريقها .

وضعف الرقابة على الصيدليات من قبل إدارات التفتيش الصيدلي بالإدارات الصحية، غير من يهاتف قبل تحرك لجنة التفتيش الصيدلي وبذلك يتواجد الصيدلي وتسير الأمور علي ما يرام ولا يتم كشف السلبيات .

 

وفي إطار حرصنا على أن يحقق قانون مزاولة مهنة الصيدلي أقصي درجات العدالة والانضباط في آن واحد "نصا وسياقا" بما يعين صيادلة مصر على أداء دورهم كأحد الأعمدة الرئيسية في بنيان القطاع الصحي بشكل خاص وصحة وسلامة المواطنين وإيقاف معدل ارتفاع القتل الخطأ عن طريق الإهمال الطبي  الصيدلي، نناشد السلطة التشريعية (مجلس النواب) أو الحكومة بتقديم مشروع قانون لغلق الثغرة أو الثقب بالفقرة الثانية بالمادة الأولي بتعديل القانون بإضافة الإدارة إلى مزاولة مهنة الصيدلي، وإعادة النظر في بعض مواد القانون وإضافة الجزاءات الإدارية  مثل غلق الصيدلية عقب الجزاء الجنائى .