الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

تعرفوا على أشهر رواد الإخراج المسرحى فى مصر ..تاريخ يستحق التقدير

رواد الإخراج المسرحي

8-8-2022 | 13:39

خالد فؤاد

شهد المسرح المصرى منذ نشأته في منتصف القرن الـ ١٩ ظهور عشرات من المخرجين الكبار والمميزين ممن نجحوا في إثراء الحركة المسرحية بمئات العروض الهامة والعظيمة التى ساهمت في تقديم أجيال وأجيال من الممثلين الكبار والنصوص المسرحية التى ناقشت كل مشاكل المجتمع المصرى والعربي عبر كل العقود والأزمنة.

 وبإتفاق كل النقاد والمتابعين سواء من أبناء الأجيال السابقة أو هذا الجيل غالبيتهم أى هؤلاء المخرجين  كانوا ولايزالون من الرواد حيث أمتعونا بمئات الأعمال التي نافست المسرح العالمي.

ولا نبالغ حينما نقول إنهم نجحوا في التفوق عليه في بعض الأحيان لشدة الإتقان والحبكة والأداء المميز المختلف.

 

ولعل أكبر دليل علي ذلك ما يؤكده ويتفق عليه كبار المؤرخين بأن المسرح المصري كان في إحدى مراحله الهامة عامل قوى في جذب الطلاب من فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وغيرهم من الدول الغربية. حيث حضروا جميعا لكى يتتلمذوا ويتعلموا علي يد كبار المخرجين المسرحيين المصريين.

 مما يؤكد أن مخرجينا الأوائل حققوا نجاحا عظيما وذاع صيتهم ووصل لكل دول العالم، ومن هنا استشعرنا حالة من السعادة الكبيرة لما فعلته إدارة المهرجان القومي للمسرح المصري وحرصها علي الاحتفاء بشكل خاص برموز الفن المسرحي ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة.

ونسرد في تقريرنا هذا نبذات سريعة عن أهم رواد الإخراج المسرحي المصري علي مر العصور سواء من الأجيال السابقة حتى هذا الجيل  كأقل تقدير لجهودهم الكبيرة والعظيمة عبر عقود طويلة من الزمان.

مارون النقاش

شهد عام 1847 حدثا فريدا حيث تعرف الجمهور المصرى لأول مرة المخرج مارون النقاش بأول عرض مسرحي حمل عنوان «البخيل» مستوحيا إياه من مسرح «موليير».

وحقق صدى واسعا وكبيرا ليس بين عشاق الفن وممن كانوا يحلمون بتكوين فرق مسرحية وكانوا يخشون الفشل أو اتهامهم بالجنون باستحداث شئ غير معروف أو مألوف للجمهور المصري والعربي .

ومن ثم كان ظهور مارون النقاش وفرقته بمثابة الفتح الكبير حيث شجع الكثيرين علي خوض التجربة وهم مطمئنون تماما للنتيجة.

وقد شجعت التجربة الخديوي إسماعيل نفسه حيث قام في عام 1869م بإنشاء المسرح الكوميدي الفرنسي وكذلك دار الأوبرا وأعدهما لاستقبال الوفود المشتركة في الاحتفالات الأسطورية التي أقامها لضيوفه بمناسبة افتتاح قناة السويس.

وفي العام التالي أى في عام 1870 قام الخديوى إسماعيل بتشييد مسرح كبير في الطرف الجنوبي من حديقة الأزبكية بميدان العتبة هو تياترو الأزبكية الشهير ومن هنا عرفت مصر فن المسرح وظهر جيل من المبدعين والمخرجين الموهوبين.

يعقوب صنوع

وفي هذه الأثناء حضر العبقرى يعقوب صنوع من ايطاليا ليعلن عن تأسيس أول مسرح مصري، علي أسس علمية قائما علي الخبرات التي اكتسبها من الخارج وقناعته بقوة تأثير المسرح وعظمة رسالته  إلي جانب رسالتيه  النقدية والترفيهية فأعلن عن تأسيس المسرح المصري في سنة 1869  مؤكدا أن هدفه الأول هو إيقاظ الشعب من سباته وطرح مشاكله.

وبدأ عروضه بداخل مقهى بداخل حديقة الأزبكية علي بعد خطوات من التياترو الذى انشأه الخديوى إسماعيل وكانت باكورة أعماله المسرحية أوبريت «راستو وشيخ البلد»، وخلال عامين فقط قدم  اثنين وثلاثين رواية، وقام صنوع هو وفرقته بتمثيل مسرحيتين أمام الخديوي وحاشيته وفوجئ الجميع بالخديوى يطلق عليه لقب «موليير مصر» نظرا لما كان يقدمه مسرحه من ملاه وهزليات كانت تشبه إلى حد كبير الملاهى والهزليات التي كان يقدمها «موليير» عاهل المسرح الفرنسي الأول.

ولم يكن مسرح «صنوع» يهتم بالأمراء والباشوات، بينما كان يكتب  للسواد الأعظم من الشعب، وللطبقة الوسطى .

ومن المسرحيات الهامة والناجحة التي قدمها  «البنت العصرية»، وتناول فيها مشكلة انسياق بعض الاسر وراء تقليد الغرب في التبرج وانغماس الفتيات والنساء في حياة اللهو والسهرات مبينا ضرر هذا الانقياد الأعمى للتقاليد الغربية .

ومسرحية «الضرتين» وتناول فيها مشكلة تعدد الزوجات وأوضح بصراحة ما يترتب على ذلك من تفكك في الأسرة وتعاسة في المعيشة.

ومسرحية «البورصة» وتعرض فيها لمشكلة الصعود والهبوط المفاجئ في الأوراق المالية وتأثير ذلك على مصالح الأسر وحياتها وغيرها من العروض الهامة الأخرى .

 أحمد شوقي

ومالا يعرفه الكثيرون أن أمير الشعراء أحمد شوقي والذى عرفناه بكونه واحدا من أهم وأعظم الشعراء يعد أحد رواد المسرح المصرى حيث أسس المسرح الشعري سنة 1893 ومن أهم المسرحيات التي قام بإخراجها «مصرع كليوباترا» ،«مجنون ليلي»،«قمبيز»، «علي بك الكبير»، «أميرة الاندلس»،«عنترة»،«الست هدي»، « البخيلة»،  «شريعة الغاب».

عزيز أباظة

واستلم لواء المسرح الشعري بعد أحمد شوقي الشاعر الكبير محمد عزيز أباظة الذى كان يشغل منصب كبير يوازى منصب المحافظ حاليا لكل من القليوبية والمنيا وبورسعيد وأسيوط.  إلا إنه وعلي الرغم من ذلك كان له إسهامات كبيرة في مجال الشعر والمسرح الشعري وصلت ل٩ مسرحيات وهي:- «قيس ولبني» ،«العباسة»،«الناصر»، «شجرة الدر»، «غروب الأندلس» ، «شهريار»، «اوراق الخريف»، «قيصر»، «زهرة».

سلامة حجازى

وقد شهد عام 1905 قيام الشيخ سلامة حجازي بإنشاء فرقته الخاصة والتي حققت نجاحا كبيرا على تياترو الازبكية واستهل عروضه بمسرحية «صلاح الدين الأيوبي» وحقق بها نجاحا كبيرا لتتوالي عروضه الكبيرة بعد هذا ويصبح أحد رواد المسرح المصرى.

جورج أبيض

وكان من أهم الفرق التي ظهرت في العقود الأولى من القرن العشرين فرقة جورج أبيض والتي اشترك في تأسيسها مع الشيخ سلامة حجازي، قبل أن يستقل بها فيما بعد وتحمل أسمه .

وكان جورج أبيض هو أول نقيب للممثلين في مصر وقدم مع فرقته أكثر من ١٣٠ مسرحية مترجمة واسس المدرسة الغنائية والاستعراضية في المسرح من أشهرها:-

« عطيل»، «اوديب الملك» ،«تاجر البندقية»، «عدو الشعب» ، «الشعلة».

 عزيز عيد

ومن الرواد الكبار الذين أثروا المسرح المصرى بأعمال عظيمة الرائد الكبير عزيز عيد . هو مدير فرقة مسرحية ومخرجها وممثل مصري وكون مع فاطمة رشدي ثنائياً فنياً وكانت زوجته أيضا ومثلوا مسرحيات تعد من أبرز كلاسيكيات المسرح المصري من أهمها:- «الرئيسة»، «خلي بالك من روميلي»، «ياست متمشيش كده عريانة».

فاطمة رشدى

وبعد انفصالها عن زوجها عزيز عيد قامت فاطمة رشدى بتكوين فرقة باسمها، وكان تحديا كبيرا في ذلك الوقت، في ظل وجود فرق شهيرة وكبيرة واستطاعت أن تتقدم الطابور بفرقتها، وسافرت هذه الفرقة للعرض ببيروت، وبغداد وعدد من الدول العربية. وتعلمت التأليف والإخراج ونجحت بدرجة كبيرة الأمر الذي دفع نقاد الحركة الفنية في ذلك الوقت لمنحها لقب «سارة برنار الشرق» فقد أعتبرها كثيرون رائدة للحركة المسرحية في مصر بسبب إسهاماتها الكبيرة في المسرح، وإنتاجها الفني الغزير، والذي بلغ 200 عرض مسرحي وساهمت في اكتشاف مواهب فنية كبيرة .

علي الكسار

وفي هذه الأثناء بدأ بزوغ نجم الفنان الكوميدى علي الكسار وقام مع صديقه أمين صدقي بتكوين فرقة تمثيل عام 1916 حملت أسمه «علي الكسار»، وصنفت ضمن الفرق الكوميدية الكبيرة والهامة في هذا الوقت فكانت تقدم عروضها علي خشبة مسرح «الماجستيك» بشارع عماد الدين، قبل قيام علي الكسار بإنشاء مسرحة بروض الفرج .

وجاب الكسار بالفرقة محافظات مصر، وكتب مسرحياته كبار الكتاب مثل أمين صدقي وبديع خيري وشارك هو بنفسه في كتابة مسرحيات كثيرة لنفسه، مثل مسرحية «الدكتور المزيف» وقدم الكسار خلال مسيرته أكثر من 200 أوبريت للمسرح برفقة فرقته، وتألق بشخصيته المشهورة النوبي الطيب “عثمان عبدالباسط»، منذ أن قدمها للجمهور عام 1916. ومن أبرز عروضه «زقزوق وظريفة» ، «راحت السكرة وجت الفكرة»، «اللي في الدست تطوله المغرفة»

نجيب الريحاني

وتزامن ظهور فرقة علي الكسار مع ظهور فرقة رائد فن الكوميديا الفنان الكبير نجيب الريحانى والتي أشترك فى تأسيسها مع رفيقة رحلة كفاحه بديع خيرى وفي مذكراته الخاصة كتب الريحاني عن فكرة الفرقة وأسباب تأسيسها حيث قال «بدأت فرقة كازينو دي باري، التي كان على رأسها الكسار، تحتل مكانة مهمة وكبيرة في شارع عماد الدين، حيث بدأ نجم الأستاذ الكسار يتلألأ في ذلك الحين إلى جانب نجمي، وأوجدت الظروف من الفرقة منافسا قويا لفرقتنا الناجحة».

وقدم الريحانى مع رفيقه المؤلف بديع خيرى عشرات المسرحيات الهامة والخالدة مثل «كشكش بيه»؛ «الجنيه المصري» ،«الدنيا لما تضحك»،«الرجالة مايعرفوش يكدبوا»، «كشكش بك في باريس» ،«ياسمينة».

يوسف بك وهبي

ولم تكن المنافسة في هذا الوقت بين نجيب الريحانى وعلي الكسار فحسب بينما كان هناك منافس قوى لهما هو الفنان والرائد الكبير يوسف وهبي الذى قام بإنشاء فرقته رمسيس ونجح في الصعود بها بشكل سريع حيث لمع نجمه في ثلاثينات  القرن الماضي ولقب ب«عميد المسرح العربي»، وكانت مسرحياته تأخذ الطابع التاريخي واستخلاص العبرة من النهايات ويأخذ الطابع الغربي ومن أبرز المسرحيات التى قام ببطولتها وإخراجها :«راسبوتين»، «الموت المدني» ،«أولاد الشوارع»، «بيومي افندي».

زكي طليمات

وتزامن هذا مع ظهور الرائد المسرحى الكبير زكي طليمات

فهو وكما عرفناه ممثل ومؤلف ومخرج مسرحي ومؤسس المسرح الواعظ والتاريخي ومن أبرز مسرحياته:- « أهل الكهف»، «صقر قريش»، «آدم وحواء».

نعمان عاشور

ومن الرواد الكبار الذين لم يحصلوا علي حقهم الكامل من الشهرة والمعرفة الرائد الكبير نعمان عاشور فهو كاتب ومخرج مسرحي عشق المسرح منذ صغره بسبب حب والده لحضور مسارح شارع عماد الدين وبخاصة مسرح الريحاني وقد أسس المدرسة الأدبية في المسرح المصري ومن أهم مسرحياته:- «المغناطيس» ، «الناس اللي تحت» ، « الناس اللي فوق»، «سيما اونطه»، «عيلة الدوغري».

سعد أردش

وهو ما ينطبق علي المخرج المسرحى الكبير سعد اردش الذى بدأ موظفا بالسكة الحديد واستخدم مخازنها في تقديم عروض مسرحية للهواة بعدما أتيحت له الفرصة للبعثة إلي ألمانيا أوائل الستينيات فأراد تبني المدرسة الغربية وتمصير أعمالها  وتقديم أعمال مسرحية علي غرار المسرح الألماني فقدم «دائرة الطباشير القوقازية» و«الشبكة» و«قيام وسقوط مدينة ماهو جني» والكثير من العروض الأخرى.

كرم مطاوع

وهناك أيضا المخرج الكبير الراحل كرم  مطاوع حيث استطاع أن يثبت قدرته ويحفر اسمه بماء الذهب ضمن كوكبة نجوم المسرح ورواده ومخرجيه الكبار.

التحق بأكاديمية الفنون في روما وعند عودته قدم ثلاث مسرحيات بشكل متتالي وهم

«الفرافير» ،«ياسين وبهية»، «الفتي مهران» وقد اسس المدرسة التاريخية في المسرح من امثلتها «وطني عكا» و«ليلة مصرع جيفارا» و«ثأر الله»

جلال الشرقاوي

ومن المخرجين الكبار الذين أمتعونا بالكثير والكثير من العروض الهامة خلال الخمسين عاما الماضية المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوى الملقب بإمبراطور المسرح بسبب تكريس جهوده في خدمة المسرح وتقديم أعمال ينتفع بها مجتمعنا تبني مدرسة الدراما الإجتماعية في أعماله الهامة والكبيرة التى أثرى بها الحركة المسرحية منذ ستينات القرن الماضى حتى مطلع الألفية الجديدة.

 عبدالمنعم مدبولي

ومن الفنانين الكبار الذين أمتعونا بالكثير من العروض التى قام بإخراجها الفنان الكبير عبدالمنعم مدبولي الذى يعتقد الكثير أن دوره كان يقتصر علي التمثيل فقط بينما قام بإخراج الكثير من العروض المسرحية سواء التى قدمها مع رفقاء مشواره فؤاد المهندس ومحمد عوض وأمين الهنيدى وغيرهم من الممثلين الأخرين. كما قام بتأسيس فرقة «المدبوليزم» وقام بإخراج عروضها.

عصام السيد

ومن مخرجى المسرح الكبار في العصر الحديث مخرجنا الكبير عصام السيد الذى امتعنا بأكثر من خمسين عرضا مسرحيا للدولة والقطاع الخاص والتليفزيون خلال العقود الثلاثة الماضية. ووتبني عصام السيد مدرسة الكوميدية الإجتماعية في مسرحه من أشهر أعماله المسرحية كمخرج:- «لابلاش كده» ،«روحية اتخطفت»، «البعبع»، «الحادثة المجنونة»، «كنت فين ياعلي» وغيرهم من العروض الأخرى.

ناصر عبد المنعم

والمخرج المسرحي الكبير ناصر عبدالمنعم الذى تبني مدرسة معايشة الواقع في الشارع المصري في أعماله من أهم أعماله علي سبيل المثال وليس الحصر:- «كوكب ميكي»، «اولاد الغضب والحب»، «ياعدوي في قلب الحدث»، «آه ياغجر»، «رجل القلعه»، «أرنب وعقرب وفيل».

مراد منير

وأيضا مخرجنا المسرحي الكبير مراد منير الذى لمع اسمه في فضاء الفن المسرحي ضمن مخرجين المسرح المصري الكبار وهو زوج الراحلة الفنانة فايزة كمال وتبني نظرية نصرة الطبقات المهمشة والضعيفة في المجتمع وظهر ذلك في الروايات التي قام بتقديمها مثل:- «ملك الشحاتين»، «منين أجيب ناس»، «الملك هو الملك»،«سي علي وتابعه قفة»

محمد صبحي

ولعل مسك الختام لتقريرنا الشامل فناننا الكبير محمد صبحى الذى يعد من عظماء المسرح المصرى في العصر الحديث، فقد استحق لقب الجوكر وهرم مصر الرابع في فن المسرح، ولم يشهد المسرح المصري عطاء مستمر إلي يومنا هذا وتقديم محتوي هادف مثلما فعل محمد صبحي أطال الله عمره تبني مدرسة المحتوي الهادف والاجتماعي المناسب لكل الفئات العمرية من أمثلة مسرحياته التي قام بإخراجها:- «إنت حر»، «الهمجي»،«وجهة نظر»،«بالعربي الفصيح»،«تخاريف»، «ماما أمريكا»، «لعبة الست» ،«كارمن»

فقد قام مع رفيق مشواره لينين الرملي في تكوين فرقة « استديو 80» وقدما معا مجموعة كبيرة من أنجح وأهم المسرحيات في حقبتي الثمانينات والتسعينات حتى وقع الخلاف الشهير بينهما ليتم الانفصال.

واستمرت رحلة محمد صبحي بفرقة  «استديو الممثل»  ليقدم عروضه على خشبة مسرحه الخاص بمدينة سنبل حيث قدم عروضا كثيرة هامة أبرزها عرض «خيبتنا».