الثلاثاء 15 اكتوبر 2024

ليس كل ما يلمع ذهبًا

مقالات11-8-2022 | 12:32

عبارة شهيرة استخدمها الكاتب الشهير شكسبير في مسرحيته "تاجر البندقية"، ويقال إن العبارة مستمدة من فكرة كانت متداولة منذ القرن الثاني عشر أو حتى ما قبله بأن المظاهر قد تكون خادعة.

يحكي شكسبير في مسرحيته عن تقدم ثلاثة شباب لخطبة فتاة، فقدم لهم والدها ثلاثة نعوش وقال إن من سيختار النعش الذي يحتوي على صورة الفتاة سيتزوجها، كان واحد مصنوعا من الذهب، والثاني من الفضة والثالث من الرصاص، اختار الشخص الأول النعش الذهبي فصدم مما داخله إذ وجد جمجمة، بينما اختار الثاني النعش الفضي فلم يجد الصورة التي وجدت أخيرًا في النعش المصنوع من الرصاص، فقال الأول المقولة الشهيرة ” ليس كل ما يلمع ذهبًا ”.


وهكذا في الحياة، فهناك دوائر كثيرة للخداع رغم أنها تبدو من الخارج جميلة، ربما يزداد الخداع في المنتجات التي يقوم الإنسان بشرائها وبسبب التسويق المذهل لها يظن المستهلك أنه المنتج السحري ولكنه يصطدم بالحقيقة المرة.

ذكرتني هذه العبارة بفتاة تأثرت بإعلانات أحد الشامبوهات وكيف ظل الإعلان يكرر أنه يجعل شعرك كالحرير ونظراً لأن شعرها خشن سارعت بشرائه واستخدامه منتظرة النتيجة السحرية ولكن للأسف ظل شعرها كما هو ولم يتغير شيء.


يسعى كل ما حولنا لتجميل صورته أو حتى تقديم ذاته بصورة مبهرة مختلفة، بداية من الأشخاص وصولاً إلى المنتجات وما بين الاثنين تلعب التكنولوجيا دورًا كبيرًا، خاصة عبر محادثات وسائل التواصل الاجتماعي التي تحدث عن بعد دون تواصل وجها لوجه وتحمل بين ثناياها لمعان ذهب الكلمات، فالكلام لا يدفعون له مقابلا، وكذلك في المنتجات التي يتم شراؤها "أونلاين" والتي تبدو أكبر حجمًا وأكثر فخامة من حقيقتها التي لا يكتشفها المستهلك إلا بعد فوات الأوان.


لقد أصبح الخداع سمة العصر، لذا نحتاج عمل مراجعات لاختياراتنا التي نقررها أثناء اليوم، والأهم ليس فقط في المنتجات أو ما نشتريه بل أيضًا عند التعامل مع الأشخاص، فكثيرون يظهرون بملابس الحِملان وفي أعماقهم ذئاب خاطفة، ولكن تبقى المواقف برهان الحقيقة، فالكلام يتلاشى بمرور الوقت، والمظاهر التي تلمع سيزول خداع لمعانها لتظهر الحقيقة المجردة كما هي وعندها يدرك الشخص أن ليس كل ما يلمع ذهباً.