حلت علينا أمس الإثنين الذكرى الـ98 على ميلاد واحدة من أبرزالفنانات، التي استطاعت أن تتغلغل في قلوب جمهورها، بموهبتها، وخفة ظلها، إنها الفنانة هدى سلطان، التي رحلت في الخامس من يونيو عام 2006 عن عمر ناهز الـ81 عامًا، تاركة خلفها إرثًا فنيًا كبيرًا.
ونستعرض لكم في السطور التالية من أرشيف "دار الهلال" حوارًا أجرته هدى سلطان عام 1999، بعنوان "أعيش أحلى مراحل حياتي"، وإليكم نص الحوار.
رغـم تخصصك في دور الأم.. إلا أنك تجدين دائماً في طريقة أدائك.. ولا تعتمدين على نمطية الأداء.. فما السر في ذلك؟
في البداية أود أن أوضح أنني لست متخصصة في دور الأمهات، فأنا يمكن أن أقدم الجدة أوالعمة أوالخـالة لأن هذه النوعية من الأدوار هي التي تناسب سني الآن، أم مسألة التنوع في الأداء فهذا يتوقف على بيئة الأم، فإذا كانت شعبية لابد أن تختلف عن التي تنتمى إلى بيئة أرستقراطية مثلاً، فكل مستوى وله مشاكله التي تحل بطريقة مختلفة، وأنا حريصة على أن أكون أما مختلفة في كل عمل أقدمه لأنني لا أحب تكرار الأدوار، والأم «قماشة» عظيمة جداً ولها جوانب متعددة، ولابد أن يستغل هذا في الأعـمـال الدرامية، وحرية الاختيار تمنحني الفرصة لإنتقاء الأدوار التي تناسبني، ولا وأكون قادرة من خلالها على تقديم نموذج مختلف لم يسبق لي تقديمه، وإلا فأعتذر فوراً عن عدم قبول العمل، وهناك أدوار كثيرة للأم عرضت على ولكنني رفضتها لأنها لن تضيف إلى جديداً حيث سبق لى تقديمها، وأنا أحرص على أن تكون الأم التي أقوم بدورها موجودة في کل بیت، ولیست «متفبركة»، أوفانتازية.
معنى كلامك أن الفنان عنـدمـا يتـقـدم في العمر فعليه أن يلعب أدواراً تناسب مرحلته السنة؟
طبعاً، وهل هناك فنان يظل شـاباً طول عـمـره بالعكس، الفنان الذكي هو الذي يعرف متى ينتقل من مرحلة إلى مرحلة أخرى، وهو قادر على أن يجعل كل مرحلة جديدة أفضل وأجمل من التي سبقتها، وقد فعلت هذا في حياتي الفنية واستمتعت جداً بكل مرحلة أدخلها، وأؤكد لك أنني الآن في أحلى مراحل حياتي، لأنني معاصرة لأولادي وأحفادي، ولا يوجد أفضل من أن يعيش الإنسـان سنه، فـمـن غـيـر المنطقي أن أكـون كبيرة في السن و"أتصابي" وأقدم أدواراً لا تليق بعمري.
هل أخذتك الأعمال التليفزيونية من السينما؟
السينمـا لن تعطيني أو تضيف لي شيئاً أما التليفزيون فهو يشبعنى جداً من هذه الناحية، فالأم في السينما دورها هامشي جداً لا تفعل شيئاً ولو أُلغي دورها لا يشعر به أحد ولا يؤثر على العمل، وأنا أحب أن أكون موجودة في العمل بشكل مؤثر، ولو جاء في دور سينمائي يناسبني فبلاشك لن أتردد في قبوله بصرف النظرعن طوله أو قصره.
والمسرح؟
نفس الشيء، لو وجد نص مسرحي مناسب لي من جميع الوجوه، شكلاً ووزناً فلابد أن يكون شيئاً صادقاً حتى يصل إلى الناس بصدق.
مـا رأيك في تصنيف الفنانين مابـين التليفزيون والمسرح والسينما؟
أنا ضد هذا التقسيم لأن الفنان الموهوب يمكن أن يقوم بكل هذا، وأنا قدمت كل هذه الألوان لأنني والحمد لله عندي موهبة، فقد عملت في الإذاعة وفي التليفزيون والسينما والمسرح وغنيت، أي أننى خـضـت جـمـيع المجالات، وفي كل هذا، الموهبة هي الأساس وأنا هاوية محترفة، ولابد أن يكون الفنان شاملًا يستطيع تقديم أي شكل، يمثل ويغني ولا بأس أيضاً أن يرقص.
وما رأيك في السينما الآن؟
أنا بعيدة جدًا عن السينما لا أستطيع أن «أفتيك» فيها،فأنا لا أعمل حالياً في السينما ولا أشاهد غير الأفلام التي تأتيني فيديو بعد أن تسبقها سمعتها إلي وهذا قليل جداً لأن وقـتى لا يسمح .. فأنا طول النهار في الاستديو أصور أعمالي، فكيف أجلس بعد ذلك أمام التليفزيون لأشاهد فيلماً.. فعلى الأقل أجلس لمراجعة الدور الذي سأمثله في اليوم التالي، ولا أشاه إلا فيلماً «مكسر الدنيا ويهمني أن أعرف السبب وهذا يكون من خـلال فـيـديـو، لكن أن أذهب إلى السينما لمشاهدة فيلم.. فهذا صعب جدا.
فیلم صعيدي في الجامعة الأمريكية ناجح و مكسر الدنيا.. فـهـل ســتـحـرصين على مشاهدته؟
طبعاً، فأنا معجبة جداً بمحمد هنيدي، ونجاحه برأی جمهور ساحق ولا شك أنه موهوب وفيه فطرة جميل، وأنا أحب «وش» وأحس أن فـيـه الطيـبة، والبساطة والكوميديا ويهيىء لي أنني لو جلست معه فسأجده طبيعياً كما يظهر على الشاشة، فهو لا يمثل أمام الكاميرا، ولكنه يقدم شخصية أخرى من خلال طبيعته، وهذا يبدو من تكوينه ووجهه يقول أنه هكذا في الحياة والعمل، لذلك فأنا متشوقة لمشاهدة فيلمه الأخير.
والمسرح .. هل تتابعينه؟
لا أستطيع، فظروفي لا تسمح بمتابعة المسرح لأنني مشغولة باستمرار، ولا توجد فرصة للخروج لمشاهدة المسرح، لذلك لا أستطيع أن أقول رأيي في المسرح أيضًا لأنني لم أشاهده، ولكنني شاهدت مقتطفات من مهرجان المسرح للجميع الذي يقدمه محمد صبحي وهو شيء عظيم يجعلنا نفخر بأن عندنا فناناً اسمه محمد صبحی
وهل شاهدت مسرحية صبحي؟
للأسف لا، ولكن لابد أن أشاهد هذه التجربة فقد شاهدت مقتطفاتها في التليفزيون وأدعو الله أن تأتيني الفرصة لمشاهدة المسرح الذي يقدمه محمد صبحي لأنه مسرح محـترم جـاد، وفي الوقت نفسـه يقـدم أعمالاً كوميدية، ولكن الكوميديا المحترمة فأنا «ممكن أزغزغك وتضحك لكن لا تـخـرج من هذا بأي شيء، لذلك فـأنا أحترم مسرح محمد صبحي وأستمتع به جداً.
ومن يعجبك غير «صبحی» في المسرح؟
طبعاً «الزعيم» عادل إمام فهو ابني، وبطل الأبطال، ربنا يعطى له الصحة ويسعده، فأنا أحبه جداً، وهو عندی رقم واحد، ثم يأتي بعد ذلك محمد صبحي
الغناء حـبك الأكبر كما تؤكدين دائماً.. فهل الأغنية التي ستقدمينها في مهرجان الموسيقى العربية بمناسبة تكريمك بداية العودة إلى الغناء؟
ليست عودة لأنني لم أترك الغناء أصلاً لأننى أخيه جداً وفي أي برنامج يقولون لي غنى «أغنى على طول»، فقد عنيت مع سمير صبري وفي حق الجماهير وفي مهرجان الإسكندرية وليه مـا اغنيش أما بالنسبة للمهرجان فقد اتصلت بي، د. رتيبة الحفنى لتكريمي في مهرجان الموسيقى العربية، وسيكرمون معى شفيق جلال و شهرزاد ومحمد رشدي، وكل واحد منا سيقول أغنية وقد وافقت على أداء إحدى أغنياتي القديمة ولكنني، لم أخترها حتى الآن لأنني سوف أسال أبناني وأحفادي عن رأيهم في ذلك . وسوف يقود الفرقة الموسيقية الفنان عبدالعظیم حليم رئيس «فرقتي الموسيقية" التي مازالت موجودة حتى الآن
وما رأيك في الغناء الآن.. خاصة مع ظهور أصوات غير جيدة تحقق النجاح.
الحق ليس على هذه الأصوات، فهناك مثل يقـول «من عجيه صوته علاه"، ولا داعي لبقية المثل(!!) فهم لم يجدوا من يقول لهم أسكتوا هس ماتغنوش، ولكن الذي يحدث هو العكس، فكل يوم والثاني أجد كاسيتات ومطربين في التليفزيون ما أنزل الله بهم من سلطان، وهذا ليس ذنبهم مادام الناس يسمعونهم ويشـتـرون أشرطتهم.
أى أن الجـمهـور هو السبب في هذه الظاهرة؟
«ماليش دعوة.. ما تحطنيش أمام الجمهور» لأن هذا الجمهور هو الذي اختارني، ولا أستطيع أن أشك في ذوقه، ولكن أقول إن الزمن قد تغير، فزمان کان المطرب لا يخرج إلا إذا كان مطرباً متميزاً، وحتى لو كـان جـيـدأ ولم يقـبلـه الـجـمـهـور يموت وينطفئ، فالجمهور هو الذي يصل بالكاسيت إلى الملايين، وهو الذي يخسف به الأرض!
دخـول الفـن كـان قـرارك، وإصـرارك رغم اعـتـراض أهلك وأبرزهم المطرب مـحـمـد فوزي، ألم تشعري بالندم على هذا القرار؟
إطلاقا، فدخول الفن كان قراري فعلاً، وأنا أفكر کثيراً جداً قبل الإقدام على أية خطوة وأحـاول ألا أتسرع حتى لا أخطىء، لأنني أكره جداً كلمة «أسفة» وأعتبرها عقابًا، أي أننى «غلطت» وبناء عليه فأنا آسفة، وقد أعطانا الله العقل لنفكر به ونخطط لأية خطوة قبل أن نفعلها، وأنا طبعًا لا أدعى أننى لا أخطىء جل من لا يخطىء، ولكن بقليل من التفكيـر يمكن أن يتجـنب الإنسان أشياء كثيرة
إصرارك على تنفيذ قراراتك سمة شخصية.. فهل أنت شخصية متمردة على الواقع؟
أنا لست متمردة على الواقع، فمن حقى أن أعمل ومادام ربنا أعطاني موهبة، فلابد أن أستغلها ولكن التقاليد كانت تمنع هذا، لذلك فقد اعترض أخي محمد فوزی علی دخولي الفن لأنه خائف علي، فأنا أخته وهو في النهاية فلاح، وربما لو كان الأخ هو الذي يريد أن يعمل بالفن لكان فوزي قد ساعده، لكن لأننى بنت كان اعتراض الشديد، لكنني أصررت على موقفي وشققت طریقی رغم تهديده لي بالقتل وقلت «الأعمار بيد الله حتى لو عملت فيلمًا، ومت بعدها فلا يهم، ولك عندما وجـد أننى ليس لى هدف إلا أن أغنى وأمـثل، وأنني في حـمـاية الله، ثم فـي حمايـة نفـسي وأنني، وتزوجت تصالحنا وصارت الحياة بيننا كفنانين وقدم لى لحنين جميلين هما «لامونى» و«ضاربين الودع"، وعمل لي فيلما اسمه «فتوات الحسينية"، وكانت علاقتنا طيبة للغاية لدرجة أنه قال في حديث للإذاعة إنه يفخر لأنه أخو هدى سلطان
لأنه أخو هدى سلطان
مسلسل «المزداوية سيذاع في شهر رمضان القادم إن شاء الله.. فهل تتوقعين أن يسـاهـم هذا في نجـاحـه رغم كـثـرة الأعمال الدرامية التي تعرض في توقيتات متقاربة
النجاح بيد الله ونحن نبذل الجهد المطلوب منا