الإثنين 6 مايو 2024

‏«النوايا مطايا»

مقالات19-8-2022 | 13:00

النوايا هي وجهة أصحابها، ورحالهم التي تنقلهم للنّهاية التي بيّتوها في داخلهم.

إن كان المشهد في البداية غير واضح المعالم ولا الرؤى ولا يعكس للحقيقة أي صورة، فستكون الخاتمة وخيمة، وإن كانت واضحة المعالم وبياض النهاية واضح فبالتأكيد النجاح والفلاح.

‏النية تحيط بصاحبها قبل أن يُحاط به، وتقوده إلى حيث منتهاها فإن حسنت حسن المنتهى وإن ساءت فبئس المنتهى والمآل. ولأنّ الحياة تطيب مع من تصفو نواياهم فإن تهذيب النفس يكمن في تهذيب النوايا، وعن عليّ رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: ليس من طلب الحقّ فأخطأه، كمن طلب الباطل فأدركه.

‏فالخسارة مع نيّة طيّبة تستحيل فوزًا عظيمًا وبركةً تنزل على صاحبها وترجع إليه ولو بعد حين. والمفازة مع خبيثي الباطن والنوايا ستعود عليهم بخسارة كبرى ولو بعد حين.

‏قال عزّ وجلّ: (من عمل صالحًا فلنفسه، ومن أساء فعليها، وماربّك بظلّامٍ للعبيد).

وقال الحبيب ﷺ: (أحبّ الناس إلى الله، أنفعهم للناس)

‏تشيرُ "الكارما" (وهي لفظة سنسكريتية تعني العمل أو الفعل) إلى مبدأ السببية حيث النوايا والأفعال الفردية التي يقوم بها الإنسان في حياته وتؤثّر على مستقبله ومجريات الأحداث المقبلة.‏ وبناءً على هذا، فإنّ من يحمل نيّة حسنة ويعمل الخير، سيؤدي ذلك إلى إيجاد "الكارما" الجيدة والسعادة في حياته المستقبليّة.

أمّا من يحمل النية السيئة ويقوم بالفعل السيئ، فإنّ ذلك يسهم في إيجاد الكارما السيئة والمعاناة له في حياته المستقبلية.

‏(بل الإنسانُ على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره)، هذه الآية تشير إلى معرفة الإنسان لنفسه وحقيقة فعله وحركته، وصدق نيّته ومبتغاه وهدفه، ولذا كانت أهمّيّة تهذيب النفس والباطن، فمن خلال تهذيبها يصلحُ المرء النوايا التي تقوم عليها الأفعال.

‏إنّ الأصل هو الباطن لا الظاهر، فقد يتصدّق بعض الناس ولكن ربّما لأجل اكتساب مرتبة اجتماعية ما، وليس لأجل معنى الفضيلة نفسها أو حبًّا بالخير والمساعدة، لذا فإنّ النوايا إمّا أن تحرّر أهلها بالطمأنينة والسكينة وإمّا أن تسجنهم بالخبث والنفاق.‏

لذا فلنطهّر دواخلنا وقلوبنا بنوايا بيضاء ترفعنا وتزكّينا وتنصرنا في كلّ أمورنا في الدّنيا وفي الآخرة نسأل الله العافية حيث ذاك اليوم الذي لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.

Egypt Air