حوار..«الخارجية» عن أزمة العمالة المصرية: «أيه رماك ع المُّر؟اللي أمّر منه»
جهل المواطنين بقوانين الدول التي يعملون بها أزمة تواجه الخارجية
نحاول الحد من الهجرة غير الشرعية بالتوعية
نحرص على حماية المواطنين المصريين بالخارج في أوقات النزاعات
تنسيق دائم بين وزارتي الخارجية والهجرة لتذليل العقبات وتلقي الشكاوى
"الكفيل" يتصدر قضايا أزمات المصريون في دول الخليج
ملف العاملين بالخارج شائك ومتشعب للغاية، كونه ينطوي على العديد من الأزمات والمشاكل التي يعاني منها المصريون هناك نتيجة لاختلاف عاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم عن الدول التي يعيشون فيها، ويجهلون قوانينها، وهو ما يضعهم في بعض الأحيان تحت طائلة القانون دون قصد، ويضع وزارة الخارجية المصرية في أزمات كبرى خلال متابعة قضاياهم.
لذا أجرت "الهلال اليوم" هذا الحوار مع السفير خالد يسري رزق مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية والمصريين بالخارج، والذي أكد أن الهجرة غير الشرعية من أهم المعوقات التي تواجه الوزارة، مشيرًا إلى أن حل هذه المشكلة من جذورها يتطلب إيجاد فرص عمل للشباب الذين يلجئون للهجرة طلبًا لفرص عمل والعيش والكسب المشروع.
وبيّن عددًا من الصعوبات التي تواجه الخارجية، وكيفية التعامل معها؟، موضحًا حجم الأزمات التي تُحيط بالوزارة بسبب العمالة المصرية، والتي يبدو أنها تواجه العسير بالعسير، أو ما يُعرف في الأمثال الشعبية المصرية "أيه اللي رماك على المُّر.. اللي أمّر منه".
وإلى نص الحوار..
بداية كيف تتابع الخارجية أزمة المصري المتهم بالهجوم على متحف اللوفر بباريس، وما مدى تأثير هذا على العلاقات المصرية الفرنسية، وتأثيرها على المصريين الموجودين بفرنسا؟
القنصلية المصرية في باريس تتابع التحقيقات التي تجرى مع المتهم المصري في الهجوم على متحف اللوفر، والمتهم المصري كان أصيب بعدة طلقات نارية، وخضع للعلاج، ووفقا للتقارير الواردة فإن حالته الصحية بدأت تتحسن بعض الشيء، والقنصلية المصرية هناك مكلفة بمتابعة التحقيقات التي تُجرى معه.
المتهم مازال في طور الاستجواب، من قبل جهات التحقيق الفرنسية وبالتالي فإن الحديث عن نتائج التحقيقات سابق لأوانه، علينا أن ننتظر انتهاء التحقيقات، ثم نبدأ في التحرك، بناء على النتائج النهائية التي سيتم إعلانها من قبل الجانب الفرنسي.
وبالطبع الجالية المصرية في باريس يتابعون الموقف عن كثب لأنهم يخشون أن يؤثر هذا الموضوع عليهم، ولكن كل هذا سابق لأوانه لا يوجد حتى الآن تهم حقيقية تم توجيهها للمتهم، ولا يمكن تقييم الموقف إلا عقب صدور النتائج النهائية للتحقيق.
كيف تتدخل الخارجية لإجلاء المصريين المحتجزين في ليبيا وسوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول التي تشهد نزاعات وحروب؟
كنا بالفعل لدينا تجارب سابقة مع ليبيا، ففي حالات الخطورة يتم إنشاء غرفة عملية وإيفاد مجموعة من الموظفين بالتعاون مع أجهزة الدولة مثل الصحة ووزارة الداخلية وإدارة الجوازات للتحقق من شخصية وهوية المصريين ثم إجلائهم من أماكن النزاعات الموجودة.
في أوقات النزاعات نحرص على إجلاء أعداد كبيرة قدر المستطاع لتأمينهم وعدم تعريض حياتهم للخطر في مثل هذه الدول، عن طريق الطيران أو النقل البحري أو أي أن كان الطريق المستطاع، على سبيل المثال في ليبيا قومنا بعمل هذا فعليا مرتين حيث أننا أجرينا عمليتين إجلاء بعد الحادث المؤسف المؤسف الذي راح ضحيته 20 مصري بعد اغتيالهم على يد منظمة داعش.
كيف تعمل الخارجية المصرية على الحد من عمليات النصب التي تقوم بها شركات المزيفة لإلحاق العمالة المصرية بالخارج ؟
هذا الموضوع تعرضنا له مؤخرًا بشكل كبير من عدد من المصريين الذين يتقدمون لنا بشكاوى، من قيام بعض الشركات المزورة التي تدعى بأنها توفر فرص وعقود عمل، ويقوما بالنصب على المصريين وعمل عقود عمل مزورة لهم، ومعظم الحالات التي تم رصدها في الفترة الأخيرة كان معظمها في دول جنوب شرق أسيا مثل إندونيسيا وتايلاند.
عمليات النصب هذه تبدأ بادعاء أصحاب الشركات المزيفة بمساعدة البلاد وتوفير فرص عمل للشباب في هذه الدول، ومنها يستطيع الشخص بعد وقت معين السفر إلى أوروبا عن طريق هذه الدول، وبالطبع هذا الكلام ليس له أساس من الصحة، حيث يفاجئ أصحاب العقود بأنه وهمية بمجرد وصولهم إلى هذه البلاد، وتنتهي اقاماتهم بسرعة ويكونوا ملاحقين طبقًا لقوانين هذه الدول ويتم القبض عليهم من قبل السلطات المعنية.
بمجرد ورود أي شكاوى من مواطن بأنه تعامل مع شركة ما في مكان ما وتم النصب عليه، نقوم بالتنسيق مع سفاراتنا في هذه الدول والجهات الأمنية الموجودة في مصر بإلقاء القبض على هؤلاء النصابين، كما أننا نقوم بعمل إرشادات سفر يتم من خلالها تحذير المواطنين المصريين من التعامل مع هذه الشركات، وفي حال أرادوا الحصول على عقود عمل في هذه الدول عليهم التوجه مباشرة إلى سفاراتها أو الاستفسار من الخارجية عن صحة وجود هذه الشركات من عدمه.
إلى أين وصلت أزمة المصريين المتهمين بدعم جماعات "الأورومو" المعارضة في أثيوبيا؟
الحقيقة إن هناك مصريان تم توجيه الاتهام لهم بدعم جماعات "الأورمو" المعارضة في إثيوبيا، وتم التنسيق مع السفارة المصرية في أديس أبابا، والتصريح لها بتكليف محامين لمتابعة الموضوع، بالطبع الموضوع استغرق بعض الوقت، ولكن كل الجهود كللت بالنجاح وتم إعادة المصريين المتهمين سالمين إلى أرض الوطن، وهم الآن في مصر.
مادور القنصليات بالخارج في عمل رحلات ومؤتمرات لأبناء الجيل الثاني والثالث حتى يكونوا مرتبطين بالوطن الأم مصر؟ والتعريف بحضارتها وبأهم الأحداث التي يمر بها الوطن، وتوعيتهم بكيفية الترويج للسياحة خارج مصر؟
هذا النشاط قائم بالفعل لدى وزارة الخارجية، وتقوم به بعثاتنا وقنصلياتنا في الخارج بالتنسيق مع وزارة الهجرة، حيث يتم عمل رحلات سياحية لأبناء الجيل الثاني والثالث في العالم وتعريفهم بالمناطق السياحية في مصر مثل الأقصر وأسوان وشرم الشيخ والمتاحف الأثرية، لأن المصريين من أبناء الجيل الثاني والثالث هم من يستطيعون مخاطبة أبناء الدول التي يعيشونه فيها، لأنهم ولدوا ونشئوا وتربوا فيها وتعلموا في مدارسها، ويجيدون الحديث بلغتها، وفهم طرق تفكير سكانها الأصليين، وبالتالي فإن مصلحتنا تقتضى ربط هؤلاء بوطنهم الأم مصر، لذا يتم ترتيب رحلات سنوية لهم وحتى الجيل الرابع أيضًا، وجميعهم يأتون إلى مصر، ويتم عمل برامج تثقيفية وسياحية لهم، ثم يعودوا مرة أخرى إلى أماكن سكنهم بالخارج، والحقيقة أن مردود هذه الرحلات إيجابي للغاية، لذا يتم إجرائها سنويا.
كيف يتم التنسيق بين الخارجية ووزارة الهجرة في متابعة مشاكل المصريين بالخارج ؟
متابعة أزمات ومشاكل المصريين في الخارج دور رئيسي لوزارة الخارجية، وفي بعض الأحيان يتم التنسيق مع وزارة الهجرة، لأن بعض المصريين يرسلون شكواهم لوزارة الهجرة، وبالتالي فإن هناك تنسيق دائم بين وزارتي الخارجية والهجرة، والسفارات المصرية في الخارج للرد على شكاوى المواطنين وتذليل العقبات أمامهم.
يعاني الكثير من أبناء الجالية المصرية في الخارج من صعوبة إجراءات إعادة جثامينالموتى على نفقة الدولة فهل هناك متابعة لتخفيف هذا العبء؟
إعادة جثمان المتوفى في الخارج تكون على نفقة أهله أو أسرته، ولكن يمكن إعادة الجثامين على نفقة الدولة في حال وجود تعثر مادي وعدم قدرتهم المالية على إعادته، وهو ما يتطلب ضرورة استخراج شهادة "إعصار مادي" وفقًا للقانون المصري، وهذه الشهادة لا تتطلب وقتًا طويلًا حيث يستخرجها أهالي المتوفى في خلال يوم أو يومين من جمهورية مصر العربية، ويقوموا بتسليمها إلى وزارة الخارجية، ثم يبادر المسؤولون بتكليف القنصلية الموجودة في الدولة المتواجد بها المتوفى بإعادة شحن جثمانه إلى أرض الوطن.
هناك عدة أزمات تواجه المصريين في السعودية وعلى رأسها البلاغات الكيدية من الكفيل وبصمة الحج وعدم وجود عقد عمل موحد؟ فكيف يمكن يتم التعامل مع كل هذه المشاكل؟
من الصعب تحديد إذا كانت شكاوى الكفيل كيدية أم أنه حقيقية، إلا من خلال أدلة وإثباتات على كل طرف أن يقدم مالديه من مستندات ومواقف، وتقديمه للقنوات الشرعية وفقًا لقوانين الدول المتواجد بها المصريين، لحين البت في الشكوى، وبالتالي في حال الشكاوى يتم دائمًا اللجوء للجهات القضائية هناك، وبعثاتنا وقنصلياتنا في الخارج ليها مستشارين قانونيين يكلفوا دائمًا بمتابعة كل حالة على حدة وتقديم المشورة القانونية لها، ومتابعة القضية لحين الفصل فيها، وهو الأسلوب الذي يتم التعامل به دائمًا.
هل هناك تأمينات تضعها وزارة الخارجية المصرية لحماية الصياديين المصريين والمسافرين عبر البحر من القرصنة التي يمكن أن يتعرضوا لها كما حدث لصيادي الكويت؟ وضمان عدم تخطيهم المياه الإقليمية للدول التي يعملون بها؟ وتنظيم عمليات الصيد بشكل عام؟
لا توجد تأمينات ولكن هناك تصاريح بالصيد داخل المياه الإقليمية، والخروج عنها يكون مخالفا للقانون، وبالتالي فعند تخطيهم يكونوا خالفوا القانون رغم علمهم بذلك، لأن المناطق التي يذهبون لها تكون غنية بالثروة السمكية،نظرًا لوجود قواعد تنظم عمليات الصيد، كما يعلم الجميع هناك أوقات يمنع فيها الصيد لإعطاء الفرصة للأسماك كي تنمو، وبالتالي هناك عدة أوقات يمر بها الصيادين دون عمل، وهو مايدفعهم للجوء إلى الصيد خارج حدود المياه الإقليمية، وهو مربح للغاية بالنسبة لهم وتحقق مكاسب كثيرة تساوي المخاطرة التي يقومون بها، ولكن الدول التي يتم فيها الصيد بشكل قانوني تضع عقوبات مغلظة وتضع غرامات مالية مرتفعة للغاية وقد تصل العقوبة إلى الحبس في بعض الأحيان، لذا نطالبهم دائمًا بعدم الصيد خارج حدود المياه الإقليمية التي يعملون بها، ولكن لابد من تغليظ العقوبات عليهم مع ضرورة إيجاد بدائل وحلول في الفترات التي لا يتمكنوا من الصيد فيها نتيجة لما يسمى بالراحة البيولوجية.
هل هناك بدائل حقيقية للصيادين خلال فترة الراحة البيولوجية لضمان عدم لجوئهم للمخالفة وتخطي المياه الإقليمية طلبًا للرزق؟
هناك عدة موضوعات ونحن نعمل حاليًا على تفعيلها، ولكن لابد من التنسيق مع جهات أخرى من الدولة، وصدور قانون يلزم الصيادين بالالتزام بالمعايير الموضوعة للصيد، مع إيجاد بدائل للراحة البيولوجية لعمليات الصيد حتى يستطيعوا أن يتكسبوا ويعيشوا بشكل مناسب.
كيف تعمل الخارجية على الحد من مشاكل الهجرة غير الشرعية؟
الهجرة غير الشرعية أزمة كبيرة للغاية، وحل هذه المشكلة من جذورها يتطلب إيجاد فرص عمل للشباب الذين يلجئون للهجرة طلبًا لفرص عمل والعيش والكسب المشروع، والفترة الأخيرة شهدت نشاطات تنموية كبيرة، وإقامة مشروعات جديدة بالإضافة إلى اللجنة التي ترأسها السفيرة نائلة جبر الخاصة بدراسة قضية الهجرة، والتي قاموا فيها بعمل مسح كامل للجمهورية، لمعرفة المناطق التي تشهد هجرة غير شرعية مكثفة للمصريين، حيث ثبت أن هناك مناطق معينة في مصر يتمركز فيها الراغبين في الهجرة غير الشرعية، والعمل على إقامة مشاريع تنموية فيها وتوفير فرص عمل للشباب وتشجيعهم على العمل والتخلي عن أفكار الهجرة.
ملف العاملين بالخارج شائك وملئ بالأزمات والمشاكل؟ فما هي أبرز المشاكل التي تواجهكم فيه؟ وكيف تتعاملون معها؟
مشاكل العاملين بالخارج متنوعة ومتشعبة، فمثلا في دول الخليج تتصدر قضايا الكفيل أزمات المصريينالذين يعملون هناك، وصعوبات كبيرة في هذا الإطار، إضافة إلى حبسهم على خلفية انتهاء إقاماتهم، أيضًا جهل المواطنين بقوانين الدول التي يعملون فيها وخاصة الدول الغربية والولايات المتحدة وكندا وهذه المناطق بصفة عامة، يتسبب في قيامهم بتصرفات وسلوكيات مخالفة دون علمهم، وبالتالي يتم القاء القبض عليهم وحبسهم، ونحن نسعى دائمًا لتقديم المشورة القانونية لهم.
ودائما ننصح ونصدر بيانات بأنه على المواطنين المصريين المتواجدين بالخارج الالتزام بقوانين الدول التي يعملون بها، ومعرفة المسموح والممنوع في هذه الدول حتى لا يقعوا في أخطاء تخرجهم منها بشكل غير شرعي، أو ترحيله للبلاد مرة أخرى مثل المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يمثل عبئاً علينا نظرا لكثرة أعدادهم ومشاكلهم.
أيضًا موضوع "الزيجات المختلطة" ، المصريون الذين يتزوجون من أجنبيات وينجبون أطفال وعندما يأخذ الأب الطفل ويعود به إلى مصر يفاجأ بأن الحضانة من حق الأم الأجنبية، وغيرها من العديد من المشاكل التي نواجهها نتيجة لاختلاف الثقافة والخلفيات لدى المصريين عن الأجانب، أيضًا عمليات إجلاء المواطنين المصريين الذين يعملون بالدول التي تشهد نزاعات وحروب وصراعات.
هل هناك متابعة دائمة للمساجين المصريين في الخارج وإحصائيات بأعدادهم؟
هناك متابعة دائمة للمساجين المصريين خارج مصر ومتابعة قضيته، ودائما في حال القبض على أي مواطن مصري تقوم السلطات المحلية في الدول التي يعمل بها وإخطار القنصلية التابع لها بأنه تم القبض على هذا المواطن ونوعية التهمة الموجهة له، وتبد القنصلية بزيارته ومتابعته وتقديم المشورة القانونية له، ولكن ليس لدينا إحصائيات بالعدد تحديدًا فما لدينا من إحصائيات بناءً على ماتم الإبلاغ به، أما الحالات التي لا يتم الإبلاغ عنها كونها رهن التحقيقات لا يتم إدراجها ولكننا دائمًا نسارع بأداء دورنا تجاههم . أي مواطن مصري.