بقلم: الموجى الصغير
في يوم 23 يوليو 1952 قامت ثورة يوليو المجيدة التي أفرزت رجالاً من أعظم مبدعي مصر والعالم العربي في مجال الفن والأدب وإن كنت هنا سأتكلم عن الأغنية ودورها في التعبير عن ثورة يوليو على سبيل المثال وليس الحصر فأنا أقول إن بعد قيام الثورة كان معظم فنانينا يتحسسون هذه الثورة من على بعد خوفاً أن يعود الملك من جديد وقد قيل وقتها ممكن أن تكون انقلاباً وليس ثورة لذلك لم ينفعل معظم فنانينا بالثورة فكانوا يقدمون أغنياتهم على استحياء وبشكل هادئ تخوفاً من عودة الملك من جديد؟ وعندما تأكد معظم فنانينا ومبدعينا من نجاح الثورة بدأوا في التعبير عنها وكانت أولى أغنياتها ثلاث؛ الأولى هي أغنية «بالاتحاد والنظام والعمل» كلمات الشاعر الكبير جليل البنداري وألحان الموسيقار منير مراد ، غناء المطربة الكبيرة ليلى مراد والأغنية الثانية كانت «ع الدوار راديو بلدنا فيه أخبار» للمطرب الكبير محمد قنديل كلمات الشاعر حسين طنطاوي، ألحان الموسيقار أحمد صدقي والأغنية الثالثة «ما خلاص اتعدلت والحالة اتبدلت» غناء المطرب أحمد عبد الله، كلمات مصطفى السيد، ألحان الموسيقار عزت الجاهلي، والأغاني الثلاث أنتجت عام 1952 وبعدها بشهر قدمت المطربة الكبيرة ليلى مراد نشيد «الحرية أو التحرير» كلمات وألحان الموسيقار مدحت عاصم وفي نفس العام طلب من الموسيقار محمد عبد الوهاب أن يعيد تسجيل «نشيد الحرية» الذي منع من الإذاعة وقتها لتغيير بعض الكلمات وقد قام الشاعر الكبير كامل الشناوي بتغيير كلمات مقطع (أنت في صمتك مرغم أنت في صبرك مكره) وتغيرت كلمة أنت إلى كلمة كنت فأصبحت (كنت في صمتك مرغم وكنت في صبرك مكره) وهكذا أذيعت الأغنية وتعتبر من أوائل أغاني ثورة يوليو عام 1952 ، ورغم أن العندليب الأسمر المطرب الكبير عبد الحليم حافظ كان في بداية طريقه الفني ولكنه شارك في الغناء لها وقدم مجموعة من الأغاني عام 1952 منها «شعار العهد الجديد» مع عصمت عبد العليم كلمات الشاعر محمود عبد الحي وألحان الموسيقار عبد الحميد توفيق زكي وقدم أيضاً أغنية «وفاء» من كلمات الشاعر محمد حلاوة وألحان الموسيقار الكبير محمد الموجي وكانت هذه الأغنية تسمى «رايتي الخضراء» قبل أن يتغير علم مصر إلى الأحمر والأبيض والأسود.
وقد قامت المطربة الكبيرة شادية بتقديم استعراض «المصري أفندي» عام 1953 تعبيراً عن الثورة كلمات الشاعر أبو السعود الأبياري وألحان الموسيقار أحمد صدقي وقد شاركها الغناء الفنان الكبير إسماعيل ياسين والفنان حسن أبو زيد والفنان عبد الحليم فاروز. وفي نفس العام قدم المطرب الكبير كارم محمود أغنية موكب التحرير «إيدي في إيدك يا عم» كلمات الشاعر الكبير حيرم الغمراوي ألحان الموسيقار الكبير أحمد صدقي وقدم المطرب الكبير فريد الأطرش في نفس العام أغنية «مرحب مرحبتين» وكانت الأغنية يذكر فيها اسم الرئيس السابق وقتها محمد نجيب وبعد تولي الرئيس جمال عبد الناصر الرئاسة ولما تم عزل محمد نجيب تم حجب الأغنية وأي أغان أخرى تحمل اسم محمد نجيب.
وفي عام 1954 وعندما بدأت معالم ثورة يوليو تتضح بشكل كبير تحرك معظم فنانينا للتعبير عن فرحتهم بنجاح ثورة يوليو وأصبحت مصر هي الجمهورية العربية المتحدة بعد أن كانت المملكة المصرية وتأكد عدم رجوع الملك فتبارى كل فنانى مصر وأدبائها ومبدعيها في التعبير عنها في جميع المجالات الفنية والثقافية في تقديم أجمل ما لديهم من إبداع.
وقد قامت سيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم بتقديم أغنية رائعة وهي «يا جمال يا مثال الوطنية» عام 1954 كلمات الشاعر الكبير بيرم التونسي وألحان الموسيقار الكبير رياض السنباطي.
وفي نفس العام 1954 قدم العندليب الأسمر المطرب الكبير عبد الحليم حافظ أغنية «نسيم الحرية» كلمات الشاعر «حسن محمد حاحا» وألحان الموسيقار الكبير محمد الموجي وقدم أيضاً أغنية «ثورتنا المصرية» كلمات الشاعر الكبير مأمون الشناوي ألحان الموسيقار رءوف ذهني.
وفي نفس العام 1954 قدم الفنان والمطرب سيد إسماعيل أغنية «قوم يا اسطى مجاهد» كلمات الشاعر إبراهيم رجب ألحان الموسيقار الكبير كمال الطويل.
وفي عام 1955 قدم الموسيقار الكبير المطرب محمد عبد الوهاب أغنية «زود جيش أوطانك» كلمات الشاعر الكبير مأمون الشناوي.
ومع حرب 1956 - العدوان الثلاثي على مصر - كانت هذه الحرب التي ألهبت حماس ومشاعر جميع فنانينا ومبدعينا وقدموا أجمل الأغاني وكانت تعبيراً عن الحرب بصدق وحماس وشارك معظم المطربين والملحنين والمؤلفين في التعبير عن الحرب بأغان رائعة منها أغنية «الله أكبر فوق كيد المعتدي» كلمات عبد الله شمس الدين وألحان الموسيقار الكبير محمود الشريف وغناء المجموعة.
وأغنية «أنا النيل مقبرة الغزاة» كلمات الشاعر الكبير محمود حسن اسماعيل ألحان الموسيقار الكبير رياض السنباطي غناء المطربة الكبيرة نجاح سلام.
وأغنية «دع سمائي فسمائي محرقة» كلمات الشاعر محمد كمال عبد الحليم ألحان الموسيقار الكبير علي اسماعيل غناء المطربة الكبيرة فايدة كامل.
وأغنية «يا أغلى اسم في الوجود يا مصر» غناء المطربة الكبيرة نجاح سلام كلمات الشاعر الكبير اسماعيل الحبروك ألحان الموسيقار الكبير محمد الموجي.
وأغنية «والله زمان يا سلاحي» غناء كوكب الشرق السيدة أم كلثوم كلمات الشاعر الكبير صلاح جاهين وألحان الموسيقار الكبير كمال الطويل.
وبمناسبة هذه الأغاني يحضرني موقف عندما أذيعت هذه الأغاني وبعد انتصارنا في حرب 1956 كرم كل من الموسيقار الكبير رياض السنباطي والموسيقار الكبير محمد الموجي والموسيقار الكبير كمال الطويل والموسيقار الكبير محمود الشريف والموسيقار الكبير علي اسماعيل وكان المسئولون في حيرة في اختيار السلام الوطني بين ثلاث أغنيات وهي «والله زمان يا سلاحي ويا أغلى اسم في الوجود يا مصر والله أكبر» وبعد الاستماع إلى الأغاني الثلاث تم الرجوع إلى الرئيس جمال عبد الناصر ليختار هو ما يراه مناسبا للسلام الوطني للجمهورية العربية المتحدة وقد تم اختيار أغنية «والله زمان يا سلاحي» وكان السبب كما قال الرئيس: «إننا في حالة حرب ويجب الاستعانة بهذه الأغنية لتكون السلام الوطني من ألحان كمال الطويل» وعندما علم كل من الموسيقار محمد الموجي والموسيقار محمود الشريف باختيار الرئيس جمال عبد الناصر انتابتهما حالة كبيرة من الفرحة ولكن كانا يتمنيان أن يتم اختيار لحن من ألحانهما ولما علم الرئيس عبد الناصر عن أمنياتهما بادر بالاتصال بهما كي لا يحزنا وبدأ الرئيس اتصاله بالموسيقار محمد الموجي وطيب خاطره بعد أن وعده بأن تكون موسيقى أغنية «يا أغلى اسم في الوجود يا مصر» هي الموسيقى التي يستقبل بها جميع ملوك ورؤساء دول العالم في مطار القاهرة وستعزف هذه الموسيقى طول فترة وجوده في المطار وعندما يحضر أو يغادر المطار وقد كان .
وايضاً اتصل الرئيس جمال عبد الناصر بالموسيقار محمود الشريف ووعده بأن أغنية «الله أكبر» ستكون النشيد الأساسي في جميع مدارس مصر في طابور الصباح قبل أن تبدأ الدراسة كل يوم وبالفعل أمر الرئيس أن يغنى هذا النشيد في جميع المدارس.
رحم الله الرئيس جمال عبد الناصر ورحم الله جميع فنانى ومبدعى مصر والعالم العربي العباقرة .. وحقول إيه .. رحم الله زمن الفن الجميل.