الإثنين 10 يونيو 2024

يوليو والسينما

28-7-2017 | 13:55

بقلم : ناصر جابر

على مدى تاريخها الطويل لم تكن السينما المصرية أبدا بعيدا عن الأحداث السياسية التى مرت بالمجتمع المصري والعربي .. فكانت (ومازالت) السينما هي النبض الحقيقي الذي يعبر بصدق عما يمر به المواطن إينما كان من احداث جسام تؤثر إيجابياً أو سلبا في حياته الآنية وايضا تسطر بصدق صفحات تاريخه.

عندما قامت الثورة المصرية المجيدة ثورة يوليو في عام 1952 التى تمر ذكراها هذه الأيام وجدت من السينما والسينمائيات كتابا ومخرجين ومؤلفين وسيلة هامة ومؤثرة لشرح أهداف ومزايا الثورة خاصة انه كان هناك من الاقطاعيين من يحاولون إفشال الثورة وفعلا نجحت السينما والى جانبها الاغنية والإذاعة والمسرح في الحشد الجماهيري مع الثورة وقائدها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر .

أدركت ''ثورة يوليو'' تأثير الفن على وعي وحس الشعب المصري ، وسعت لتدعيم صلتها ونشر إنجازاتها من خلال الأعمال الفنية المتنوعة ومن أبرزها ''السينما''؛ فالإنتاج السينمائي المصري تميز بالغزارة الشديدة ، وجودة الإنتاج ''عصر السينما الذهبي''، وقدمت عدة أفلام تمجد في الثورة ودورها وأهدافها ، وتنتقد ''العصرالبائد'' والظلم الواقع على الأمة المصرية خلاله .

ولعبت السينما المصرية دوراً مهماً في تأريخ ثورة 23 يوليو ومنذ اندلاعها شهدت مصر خاصة والعالم العربي عامة أوضاعاً سياسية أفرزت الكثير من الاحداث والمواقف التي تناولتها الافلام المصرية.

هناك العديد من الروائع الفنية التي أبرزت هذا الحدث بكل إيجابياته وسلبياته؛ حيث إن ثورة يوليو فجرت الإبداع في جميع المجالات ، وأتاحت الفرصة للكتاب والمبدعين لرصد ما حدث في تلك الثورة ؛ فأبدعت السينما المصرية بعد مرور ثلاثة أعوام من الثورة فيلم «الله معنا»، الذي أشار إلى إرهاصات الثورة ، من إخراج أحمد بدرخان وقصة إحسان عبد القدوس، وبطولة عماد حمدي ، فاتن حمامة.

بادرت الثورة بالسماح بعرض أفلام كانت ممنوعة من العرض في الحقبة الملكية كان في مقدمتها ''لاشين''، وفيلم ''مصطفى كامل'' والذي يحكي قصة كفاح الزعيم المصري مصطفى كامل.

وشهد عام 1957 عرض فيلم الثورة الأبرز في ذاكرة المصريين ''رد قلبي'' قصة ''يوسف السباعي''، وإخراج ''عزالدين ذوالفقار''، وإنتاج ''آسيا'' الذي تحول بمرور الأيام إلى وثيقة عن ثورة 23 يوليو ، كاشفا عن الإرادة الحرة والاستقلالية.

ومن الأفلام التي أنتجت عن الثورة أيضا فيلم «بداية ونهاية»، إخراج صلاح أبو سيف وقصة نجيب محفوظ ، عام 1960، بطولة عمر الشريف ، أمينة رزق ، وفيلم «القاهرة 30» إخراج صلاح أبو سيف قصة نجيب محفوظ ، بطولة سعاد حسني ، أحمد مظهر، وكذلك فيلم "غروب وشروق" للمخرج كمال الشيخ ، كما أنتج فيلم «في بيتنا رجل» لإحسان عبد القدوس وإخراج هنري بركات ، وبطولة عمر الشريف ، رشدي أباظة وفيلم "أرض الأبطال" لنيازي مصطفي عام 1953 ، و''جميلة بوحريد'' الذي يروي أحداث الثورة الجزائرية.

وفيما بعد بدأت السينما تنتج أفلاماً تتناول منجزات الثورة ، خاصة موضوع الإصلاح الزراعي ، وتحديد الملكية الزراعية وتوزيع الارض علي الفلاحين.. فيلم "الأرض الطيبة" إخراج محمود ذو الفقار عام 1954 ، وفيلم "أرضنا الخضراء" اخراج أحمد ضياء الدين عام 1956، "صراع في الوادي" ليوسف شاهين عام 1954 ، وهي موضوعات لم تكن السينما تناقشها قبل الثورة ، وكذلك أفلام مثل "المارد" لسيد عيسي 1964 ، و"أدهم الشرقاوي" لحسام الدين مصطفي في العام نفسه وأيضا سلسلة أفلام "اسماعيل ياسين في الجيش ، في الاسطول ، بوليس حربي ، في الطيران"، وكلها من إخراج فطين عبدالوهاب ، والتي أبرز خلالها بروح الكوميديا جوانب حياة الجيش والعسكرية المصرية في إطار فكاهي مجتمعي. وأفلام أخري مثل "شياطين الجو" لنيازي مصطفي، و"وداع في الفجر" لحسن الإمام عام 1956 .

كما أُنتِجَ فيلم «لا وقت للحب» فى عام 1963 ، وهو عن رواية ليوسف إدريس ، وحمل توقيع المخرج الكبير ورائد الواقعية صلاح أبو سيف ، بطولة فاتن حمامة ، رشدى أباظة ، فيلم «بورسعيد» عام 1956 ، واشترك فيه فريد شوقى ، هدى سلطان ، وفيلم «الباب المفتوح» عام 1963 ، عن قصة للأديبة لطيفة الزيات إخراج هنرى بركات ، وبطولة فاتن حمامة، صالح سليم، محمود مرسى ، وأيضًا فيلم ''شيء من الخوف''، بطولة شادية ومحمود مرسي ويحيى شاهين ، أنتج مباشرة بعد نكسة 67 ، ويحكي ثورة قرية بقيادة فؤادة رمز مصر على عتريس رمز الطغيان والجبروت.

لذلك من المؤكد أن السينما لعبت دورا كبيرا وهاما في ترسيخ قيم وقواعد ومبادئ ثورة يوليو 1952وحتى الآن.