بقلم – لواء محمد إبراهيم
حاولت أن أجد توصيفاً دقيقاً لشخصية الرئيس عبدالفتاح السيسى مستخدماً أقل عدد من الكلمات مبتعداً عن أية مجاملات وأى مديح فوجدت نفسى أصل إلى قناعة بأنه رجل مصرى وطنى مخلص صادق، ولعل هذه المقدمة كانت ضرورية لأنها سوف تقودنى إلى الخوض فى جوهر موضوع المقال وهو لماذا أصبح الرئيس السيسى مستهدفاً؟ وما هى طبيعة هذا الاستهداف ومن هى تلك الأطراف التى تستهدفه؟ وإلى متى سوف يستمر هذا الاستهداف؟.
عندما نتحدث عن هذا الاستهداف فإننا نتحدث أساساً عن ثلاثة محددات رئيسية, المحدد الأول أن مصر كدولة مازالت مستهدفة وبقوة من أطراف عديدة سيأتى ذكرها لاحقاً, والمحدد الثانى أننا نؤمن تماماً بالمقولة المعروفة أن الدولة باقية والأفراد زائلون وتلك سنة الحياة, أما المحدد الثالث فهو أنه لا يمكن لنا أن نفصل من الناحية الموضوعية بين مصر وبين الرئيس بمعنى أن السيسى باعتباره رئيساً للدولة فإنه يعتبر رمزاً لها وبالتالى فإن أى مساس به يعتبر مساساً بالدولة المصرية كلها وأن استهدافه بالتأكيد استهدافاً لمصر.
بداية يجب أن نشير إلى أن السيسى جاء إلى الحكم بإرادة شعبية وضغط من جموع الشعب المصرى بأن يتولى السلطة نظراً للظروف الصعبة التى كانت تمر بها مصر خلال هذه الفترة واستشعار الشعب المصرى أن هذا القائد بالنسبة لهم هو تلك الشخصية القادرة على العبور بمصر إلى بر الأمان وحماية مصر من المخاطر الجمة التى تهدد الأمن القومى المصرى والتى يمكن أن تصل إلى مرحلة تقسيم البلاد أو سقوط مصر لا قدر الله.
لاشك أن هناك ستة عوامل رئيسية أراها قد شكلت فى مجملها أسباب استهداف الرئيس وهى كما يلى: -
قبول السيسى المسئولية التى كلفه بها الشعب وباعتبار انه قادم من المؤسسة المصرية العريقة وتولى أعلى المناصب بها فإن هذا كان بمثابة رسالة واضحة بأن المرحلة القادمة سوف تشهد تكاتفاً شديداً ووحدة فريدة بين الشعب وقيادته وقواته المسلحة.
أن الرئيس كان حريصاً منذ البداية على أن يحصل على دعم وتفويض الشعب المصرى لمحاربة الإرهاب ومواجهة المخاطر التى تتعرض لها مصر وبالفعل حصل على تفويض شعبى غير مسبوق.
أن السيسى يعد من الرؤساء الذين لديهم قبول شعبى كبير ورصيد جماهيرى يمكنه من التلاحم مع كافة فئات الشعب وكانت قناعته الصادقة أن هذا الشعب العظيم سوف يكون سنده وظهيره بعيداً عن أية مؤسسات أو أحزاب وكما عبر السيسى نفسه عن ذلك بكل صراحة ووضوح بأنه ليس لأحد عنده أية ( فواتير ).
إن الرئيس رفع منذ اللحظة الأولى لحكمه شعار إصلاح الدولة فى كافة المجالات ولاسيما فى المجال الاقتصادى وكانت قراراته بمثابة مشرط الجراح التى تجتث أصل المرض بعيداً عن أية مسكنات مؤقتة, وعلينا أن نراجع حالياً تقارير المؤسسات الاقتصادية الدولية التى تبشر بأن الاقتصاد المصرى بدأ فى التعافى وسوف يشهد معدلات نمو وتقدماً ملحوظاً فى المرحلة القادمة.
إن الرئيس إدراكاً منه بحجم وطبيعة المخاطر التى تتعرض لها مصر كان حريصاً على تسليح الدولة بأحدث الأسلحة فى العالم مع تنويع مصادر السلاح حتى أصبح الجيش المصرى واحداً من أهم وأقوى جيوش العالم.
إن الرئيس لم ولن يتوانى فى أى وقت عن مواجهة الإرهاب الذى انتشر لفترة فى معظم أنحاء البلاد بل كان لإسهاماته الإقليمية والدولية أثر كبير فى تكاتف المجتمع الدولى فى مواجهة الإرهاب, ولا شك أن الضغوط التى تمارس على قطر حالياً لإجبارها عن التخلى عن دعمها للإرهاب جاءت تأسيساً على التحركات المصرية المكثفة لفضح إرهاب هذه الدولة.
إذن فقد وضح منذ البداية للأطراف المتربصة أن مصر التى تعرضت إلى العديد من المشكلات الاقتصادية والأمنية بعد ثورة ٢٥ يناير وأصبحت بالتالى أكثر عرضة لتداعيات سلبية أكبر مما يسهل تنفيذ المخططات الخارجية ضدها قد بدأت بعد ثورة ٣٠ يونيو فى استرداد قوتها ووضع قدميها على المسار الصحيح مرة أخرى بفضل الله وشعبها وجيشها تحت قيادة سياسية جديدة أحبها الشعب والتف حولها بقوة ومنحها كل ثقته ودعمه وأصبحت هذه القيادة هى كلمة السر فى نقل مصر من مرحلة الضعف إلى مرحلة القوة بما يتعارض مع مصالح هؤلاء المتربصين وبالتالى لم يكن أمامهم سوى العمل على استهداف الرئيس السيسى أملاً فى التأثير على قوة وتماسك الدولة الذى بات ظاهراً وجلياً على المستويين الإقليمى والدولى.
ونعود إلى السؤال الهام وهو من هى تلك الأطراف التى تستهدف الرئيس, والإجابة بكل وضوح أن هناك أطرافاً داخلية وأطرافاً خارجية وراء هذا الاستهداف وهو ما سوف نوضحه على النحو التالى: -
أولاً الأطراف الداخلية وتتمثل فى مجموعتين أساسيتين, المجموعة الأولى وهى كافة الجماعات المتطرفة والإرهابية التى تنفذ عملياتها ضد قوات الجيش والشرطة من أجل زعزعة الاستقرار فى البلاد, أما المجموعة الثانية فهم أصحاب المصالح الذين يرون فى سياسات الرئيس الاقتصادية والاجتماعية ومحاربته الفساد دون هوادة تهديداً لمصالحهم.
ثانياً الأطراف الخارجية وهى تلك الأطراف التى تكن العداء الشديد لمصر ولقيادتها السياسية وتقوم بتمويل العمليات الإرهابية وتأوى العديد من العناصر المطلوبة والهاربة من العدالة وهنا يمكن القول أن كل من قطر وتركيا وإيران تعد أهم هذه الأطراف الخارجية مع اختلاف الدور الذى تقوم به كل دولة.
وبالرغم من تسليمنا بهذا الاستهداف لمصر وللرئيس إلا أن هناك بعض النقاط الهامة من الضرورى الإشارة إليها
الأولى أن الشعب المصرى مايزال يعد الظهير الرئيسى للرئيس ورغم صعوبة مردود قرارات الإصلاح الاقتصادى عليه إلا أنه يتحملها بكل صبر وشجاعة وإيمان أملاً وثقة فى مستقبل أفضل.
الثانية أن المؤسسات المصرية تسعى جاهدة لتتناغم مع الجهد السريع الذى يبذله الرئيس حتى تصبح هناك منظومة عمل متكاملة ومثمرة.
الثالثة أن التطور الواضح فى القدرات العسكرية المصرية أصبح بمثابة حائط الصد المنيع أمام أية محاولات لاستهداف البلاد ولابد أن نشير هنا إلى الحدث الأخير والأكبر وهو افتتاح الرئيس يوم ٢٢ يوليو الجارى قاعدة اللواء محمد نجيب التى تعد أكبر قاعدة عسكرية متكاملة فى الشرق الأوسط وإفريقيا والتى تهدف إلى مواجهة أية تهديدات إرهابية محتملة وتأمين المفاعل النووى فى الضبعة.
الرابعة أن نجاح الدولة فى تحجيم الإرهاب والقضاء عليه فى مناطق كثيرة ومازالت معركة مكافحة الإرهاب متواصلة سوف تحقق فيها مصر انتصارها بكل تأكيد.
وإذا كان لى فى النهاية أن أوجه بعض الرسائل فسوف أوجه ثلاث رسائل أبدأها برسالة إلى الشعب المصرى العظيم بأن يواصل الالتفاف حول قيادته السياسية فذلك هو أكبر دعم يمكن أن يقدمه فى مواجهة المتربصين, ورسالتى الثانية إلى الرئيس بأن يسير على بركة الله مادام لا يبغى إلا وجه الله ومصلحة هذا الشعب, ورسالتى الثالثة والأخيرة للمتربصين بنا وأقول لهم ما بالكم وأنتم تتربصون ببلد حفظه رب العالمين وذكره فى كتابه الكريم خمس مرات وما بالكم تتربصون بشعب عمره أكثر من سبعة آلاف عام ثم ما بالكم تتربصون برئيس يعرف ربه ولا يخشى فى الله ولا فى الحق لومة لائم, ولذا أقول لكل المتربصين اللهم رد كيدكم فى نحوركم وتحيا مصر.