الأحد 22 سبتمبر 2024

كنوز دار الهلال| حسن الصيفي: «حرّمت التمثيل بسبب هذا المشهد في غزل البنات»

حسن الصيفي مع الريحاني وليلى مراد

فن23-8-2022 | 18:27

خليل زيدان

هناك رواية شائعة، وربما تكون مؤكدة عن كيفية ميلاد فيلم «غزل البنات»، وهي أن القدر جمع بين الفنانة الساحرة ليلى مراد وعملاق التمثيل نجيب الريحاني أمام مصعد عمارة الإيموبيليا، وباح لها العملاق أنه يتمنى أن يشاركها بطولة فيلم قبل أن يرحل عن الحياة.. وسعدت الجميلة ليلى مراد بأمنية أستاذها الريحاني ورحبت بها ونقلتها إلى زوجها الفنان والمخرج أنور وجدي الذي رحب بدوره بالفكرة، وبدأ على الفور في إعداد قصة للفيلم مع السيناريو.

لكن من خلال الوثائق الصحفية، عثرنا على رواية أخرى مع قصة شيقة، رواها المخرج الكبير حسن الصيفي عن ميلاد الفيلم، وذلك في مجلة الكواكب عدد 21 أغسطس 1956 .. في السطور التالية نرصد الروائع والأسرار.

تحت عنوان "توبة إن كنت أمثل تاني" أكد المخرج حسن الصيفي أنه عمل مساعدًا للمخرج والفنان أنور وجدي في كل سلسلة أفلام ليلى مراد التي صدرت باسمها والتي أخرجها وجدي، وذات يوم همس وجدي للصيفي بأنه يريد تقديم فيلم جديد لـ ليلى مراد، فبرغم حب الجمهور الشديد وإقباله على أفلام ليلى مراد، إلا أن وجدي أراد أن يكسر الرتابة بفيلم مختلف يجمع فيه عمالقة نجوم الفن؛ ليحدث به دويًا هائلًا في عالم الفن.

وحسبما أكد حسن الصيفي، فقد اختار وجدي قصة فيلم "غزل البنات" وكتب على قصاصة صغيرة أسماء نجيب الريحاني ويوسف وهبي ومحمد عبد الوهاب وغيرهم، وسأله الصيفي: هل يقبل وهبي دورا صغيرا في الفيلم، فأكد له وجدي بأن وهبي أستاذه ولن يخذله .. وكذلك الأمر بالنسبة للموسيقار عبد الوهاب، فهو صديق لأنور وسيوافق على المشاركة في الفيلم .. لكن أنور توجس خيفة ألا يوافق الريحاني على بطولة الفيلم، فهو يحب فقط التمثيل لحساب نفسه، وأيضا لا يقبل التوجيه أثناء التصوير، وتوقع وجدي رفض الريحاني.

طلب حسن الصيفي من وجدي أن يترك له أمر إقناع الريحاني، فقد عمل معه الصيفي في فيلم "أحمر شفايف" وعرف أنه يقبل النصائح أثناء التصوير، لكنه لا يقبل إلا الدور المناسب له .. وذهب الصيفي إلى منزل الريحاني وعرض عليه فكرة المشاركة في الفيلم، فرحب الريحاني وحدد الصيفي لقاءً يجمع فيه أنور والريحاني.

ذهب نجيب الريحاني حسب الموعد إلى منزل أنور وجدي، الذي هلل بحضور الريحاني لمنزله وقال أنه يستطيع الرهان على نجاح الفيلم مادام الريحاني قد وافق على البطولة .. وبدأت جلسة هادئة بين الثلاثة، الريحاني ووجدي والصيفي، وشرح وجدي مواقف الفيلم كلها حتى وصل إلى مشهد وقوف البطل هائما في الحديقة مسحورا بجمال وصوت غناء البطلة ليلى مراد التي تقف في شرفة عالية مستديرة .. وأثناء المناجاة بين الإثنين تنتبه الكلاب الشرسة التي يقتنيها والد ليلى سليمان بك نجيب فتهجم على الحبيب الهائم الريحاني لتدفعه إلى الصعود إلى شرفة ليلى مراد.

وهنا اعترض الريحاني ونهض قائلا:

ــ إسمع ياسي أنور أنا مش أراجوز .. أنا مش جاي أمثل في سيرك .. حكاية النط للشباك دي يعملها بهلوان .. وان كانت فاطر انك ربطتني بالعربون بتاعك فخد اهه ..

وغادر الريحاني المكان، فقال أنور وجدي للصيفي:

ــ مش قلت لك .. أهو طلع زي ما قلت لك ..

فقال له الصيفي : سيب لي الريحاني .. أنا حاتفاهم معاه.

ذهب الصيفي إلى منزل الريحاني وأقنعه بأن المشهد سيتم تصويره ولن يتعرض لهجوم الكلاب، فهناك دوبلير سيؤدي المشهد ويتحمل هجوم الكلاب وشراستها، وأيضا سيصعد أكثر من ثلاثة أمتار إلى شرفة البطلة .. ووافق الريحاني وبدأ تصوير الفيلم واتفق الصيفي مع أحد الكومبارس يتفق جسمه مع جسم الريحاني ليقوم بالجزء الخطير في المشهد .. وأتم الريحاني تصوير الجزء الخاص به في مغازلة ليلى في الحديقة، وبقي تصوير هجوم الكلاب عليه لتدفعه للصعود إلى الشرفة، ولكن الدوبلير لم يحضر في ذلك اليوم.

بدأت ثورة أنور وجدي تظهر في ملاحظاته القاسية إلى الفنيين في الفيلم، وشعر الصيفي بأن وجدي يوجهها إليه، وهنا قال له الصيفي : أستاذ أنور .. أنا اللي حعمل دور الدبولير .. وارتدى الصيفي بيجامة مطابقة لبيجامة الريحاني ووقف أسفل النافذة انتطارا لهجوم الكلاب الشرسة عليه ليصعد مهرولا إلى الشرفة، وكان قد تمرن على المشهد خمس مرات واستعد للتصوير .. ودار الكاميرا لتسجل المشهد، ولكن الصيفي أبطأ ثوانٍ بسيطة أثناء الصعود فاستطاع أحد الكلاب أن يطبق على كعب رجله بأسنانه الحادة ولم يستطع الصيفي أن يصرخ من شدة الألم حتى لا يفسد تصوير المشهد.

انتهى تصوير المشهد بشكل رائع ونتج عنه إصابة كبيرة لحسن الصيفي مساعد المخرج آنذاك الذي رقد عدة أيام في الفراش ليتداوى من عضة الكلب وأقسم بعدها ألا يقوم بالتمثيل مرة ثانية.

حسن الصيفي مع أنور وجدي ومعهما منير مراد أثناء تصوير فيلم غزل البنات