بقلم : محمد المكاوى
يأتي العيد الـ 65 لثورة يوليو هذا العام ونحن في حيرة شديدة.. ماذا نقدم للقارئ بعد كل هذه السنوات؟! وهل لاتزال ثورة 23 يوليو في حاجة للحديث عنها؟ خاصة وأن ما قدمه مبدعونا عنها من أغنيات وأفلام لا يزال موجودا ونكاد نحفظه عن ظهر قلب ونعتبره وثيقة حية لكل الأجيال سواء ممن عاصروها أو تربوا في كنفها حتي أصبحت واقعا ترسخ في شرايين الحياة المصرية، وباتت تلك الذكري هي المناسبة الوطنية التي يجتمع حولها كل المصريين والعالم العربي علي اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية.
فلا أحد يستطيع أن ينكر أننا - أبناء الطبقة المتوسطة- استفدنا من هذه الثورة التي صنعها الشعب وجيشه، فأعادت له كرامته وحريته التي تعرضت لأبشع أنواع القهر والظلم والاستبداد، طوال سنوات الاحتلال وحتي جلاء آخر جندي إنجليزي عام 1954 وكان الفن حاضرا ومعبرا عنها بقوة الإيمان بها وبمبادئها «الستة»... ورددنا مع جبرتي الثورة، العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ...
ثورتنا المصرية.. أهدافها الحرية
وعدالة اجتماعية.. وشجاعة وطنية
ورددنا مع كوكب الشرق أم كلثوم..
ياجمال يامثال الوطنية
أجمل أعيادنا المصرية
ومع نجمة الغناء شادية..
يا بنت بلدي زعيمنا قال
قومي وجاهدي ويا الرجال
وسارع محمد قنديل، أجمل الأصوات لدي «كوكب الشرق» بغناء رائعته..
ع الدوار.. راديو بلدنا بيذيع أخبار
التي تتحدث بلسان الفلاح المصري الأصيل عن فرحته بالثورة وتأثيرها عليه وعلي حياته.. ومع كل إنجاز حققته ثورة يوليو كان هناك دائما في المقدمة الثلاثى «صلاح جاهين وكمال الطويل وحليم»، وأيضا أحمد شفيق كامل وعبدالوهاب، وبيرم التونسي ورامى والسنباطي وأم كلثوم، ولم يكن ما يقدمونه نتاج تعليمات أو توجيهات، وإنما اقتناعاً بالثورة وأهدافها ومبادئها، فعاشت أغنياتهم كل هذه السنوات الطويلة، صحيح أن معظم هذه الأغنيات ارتبط باسم الزعيم الخالد «جمال عبدالناصر» الذي يحتل مكانة بارزة في قلوب المصريين والعرب، ولكن كلها كانت أصدق تعبير عما تجيش به صدورهم وقلوبهم من حب.. حب الوطن الذي امتزج بحب «أبوخالد» فتحية إليه في عيد الثورة الـ 65وتحية إلي كل مبدعينا الذين أرّخوا لها ولإنجازاتها ومكتسباتها..
وما حدث في الأغنية حدث أيضا في السينما والمسرح وكانت المحصلة النهائية فنا مازلنا نتباهي به وفنانين نشهد لهم بالموهبة والتفاني في حب الوطن.
وهذا العدد التذكاري حافل بالعديد من الموضوعات المثيرة من بينها مثلا تسجيل إذاعي نادر للموسيقار الكبير كمال الطويل - ملحن الحب والثورة - وصاحب أشهر أغنيات يوليو.. «صورة .. مطالب شعب.. المسئولية.. بالأحضان.. بلدي يابلدي .. حكاية شعب» وفيه يحكي عن تجربته مع أغاني الثورة.. ولماذا رفض في البداية تلحين أغنية «صورة» رغم إعجابه الشديد بكلماتها؟، ويؤكد أن تلك الأغنيات كانت نابعة من القلب - تأليفاً وتلحيناً وغناءً - فوصلت إلي كل القلوب.
كما يضم العدد «وقائع ليلة 23 يوليو عام 1952 الفنية» في دور السينما وعلي مسارح القاهرة، وأشهر نجوم تلك الليلة، ووثيقة مهمة بقلم المطربة الكبيرة ليلي مراد بعنوان «كنت في باريس وقت قيام الثورة» حيث كانت في إجازة من العمل وشعرت بالفخر والاعتزاز بمصريتها وهي تسير في شوارعها بعد إعلان بيان الثورة الأول.
وهناك تحقيق عن «الثورة» فى عيون النجوم مع عدد من نجوم التمثيل الشباب ونجوم الكلمة من كتاب ومخرجين عن رؤيتهم لما حدث في مصر بعد الثورة، وحوار آخر مع النجمة الكبيرة لبني عبدالعزيز تحكي فيه ذكرياتها عن أيام الثورة في الخمسينيات ولقائها بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر أثناء تكريمها في عيد العلم، وتسترجع الفنانة هالة فاخر حكاية الصورة التي يحملها فيها أول رئيس لمصر «محمد نجيب» عندما زار أحد بلاتوهات التصوير وكانت لاتزال طفلة بصحبة والدها الفنان فاخر فاخر.
ولأن لكل ثورة ضحاياها فإننا لم ننس جرحي الثورة وكيف داوت الثورة جراحهم.
إلي جانب أن العدد زاخر بمجموعة من الحوارات مع الموسيقار حلمي بكر والشاعر جمال بخيت، وصناع السينما ونجومها، والمخرج المسرحي عصام السيد وكلها تنبض بحب الوطن.