أكد نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويري، على ضرورة استمرار تركيز الدولة المصرية على تحسين أوضاع الطبقات الأكثر احتياجا والعمل المتواصل من أجل توفير احتياجاتها الأساسية، وأن تكون هى الطبقات الأولى بالرعاية وألا تتوقف هذه السياسة تحت أى ظروف .
وشدد اللواء محمد إبراهيم - في مقال له نشر بصحيفة "الأهرام" اليوم تحت عنوان "مصر ومتطلبات المرحلة القادمة" - على ضرورة مواصلة الشعب المصرى دعم القيادة السياسية التى لاتألو جهدا فى استثمار طاقات الدولة وعلاقاتها الخارجية من أجل مصلحة الوطن والمواطن.
وقال إن هناك مسئولية تقع على المواطن المصرى بأن يكون على اقتناع تام بأن الأوضاع التى تتعرض لها الدولة هى نتاج أزمات عالمية أطاحت باقتصاديات دول كبرى، بينما نجحت مصر فى مواجهتها قدر إمكاناتها، كما يجب أن يكون المواطن ملزماً بالمحافظة على أمن واستقرار الدولة من أجل مستقبل الأجيال الحالية والقادمة.
وأضاف أن هناك مسئولية كبيرة يتحملها الإعلام المصرى، فمع كل التقدير للجهود التى يبذلها، إلا إننى أرى أنه مازالت هناك فجوة واضحة بين مايحدث فى الدولة والمنطقة والعالم وبين مدى تفهم وإقناع المواطن المصرى بأن الأزمات العالمية فاقت قدرات دول كبرى فى التعامل معها، وأن الدولة المصرية تسعى بكل جدية لمواجهة تداعيات هذه الأزمات.
وقال "أنا على يقين أن المواطن المصرى الذى لايزال يتحمل التضحيات أملا فى مستقبل أفضل، يأمل فى أن يتفهم مايحدث بأسلوب مبسط ومطمئن ومقنع حتى يكون عنصرا فاعلا فى منظومة بناء الدولة الحديثة"، و"أعتقد أن كل من يحاول أن يتحدث عن وضعية مصر خلال المرحلة الحالية وما يمكن أن تصل إليه هذه الوضعية خلال الفترة القادمة، يجب عليه أن يقف عند مجموعة من الحقائق المرتبطة بموقف مصر على المستويين الداخلى، والخارجى حتى يكون أى تقييم لهذه الوضعية تقييما منطقيا دون تهويل أو تهوين، خاصة وأن التطورات الإقليمية والدولية فرضت على الموقف المصرى العديد من المسئوليات والتحديات".
ورأى أن أهم هذه الحقائق على المستوى الداخلى هى أن مصر تمتلك قيادة سياسية وطنية لديها رؤية شاملة وتتحرك فى ضوء خطة متكاملة تهدف إلى أن تنقل مصر إلى مصاف الدول الحديثة، رغم أي ظروف معاكسة وهذا هو أكبر تحد تواجهه الدولة، وأن هناك متغيرات خارجية حدثت خلال العامين الماضيين أثرت على الموقف الداخلى وتركت تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمى بالطبع على الاقتصاد المصرى، وأعنى بذلك جائحة كوفيد 19 ثم الحرب الروسية الأوكرانية، كما تعاملت مصر مع هذه المتغيرات بأقصى قدر من الموضوعية مما أدى إلى تحجيم تداعيات هذه المتغيرات إلى أقل تأثير ممكن حيث اتخذت الدولة العديد من إجراءات الحماية الاجتماعية التى تمس أوضاع الملايين من أفراد الشعب المصرى، وأن القيادة المصرية تتحرك فى جميع المجالات من منطلق الحفاظ على الأمن القومى المصرى، وهذا هو المبدأ الرئيسي الذى لايمكن أن تحيد عنه.
أما على المستوى الخارجى، رأى أن أهم الحقائق هى أن هناك العديد من المشكلات المثارة على المستوى الإقليمى مازالت تؤثر تأثيرا مباشرا على الاستقرار فى المنطقة، وبالتالى فإن مصر موجودة وتتحرك فى ظل إقليم مضطرب (قضية السد الإثيوبى - القضية الفلسطينية – الأوضاع فى كل من ليبيا وسوريا والعراق واليمن ولبنان)، وأن أي دولة تتعرض إلى قلاقل واضطرابات تتحول من دولة مستقرة إلى دولة هشة، بل يمكن التأكيد أن الدولة التى تقع فى براثن عدم الاستقرار يمكن ألا تعود إلى سابق عهدها، كما أن مصر تتمتع بعلاقات مميزة على المستويين الإقليمى والدولى مما أتاح أن تكون لها وضعية جيدة عكست آثارها إلايجابية على الأوضاع المصرية سياسيا واقتصاديا، والعالم لايزال مهيأ أن يشهد العديد من الأزمات الجديدة، أو على الأقل استمرار التأثيرات السلبية للأزمات الحالية، والأمر الجيد هنا أن مصر أصبحت فى موقع سمح لها بأن تتعامل بحرفية فى مواجهة هذه الأزمات وكيفية تجنب تأثيراتها، ومن ثم فإن أي أزمة متوقعة فى المستقبل لن تمثل مفاجأة بالنسبة لمصر.
فمن الواضح أن مصر لم تركن إلى التسليم بتأثيرات هذه المتغيرات، بل أسرعت بوضع الخطط السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمواجهتها، ولم تكتف بانتهاج سياسة رد الفعل بل امتلكت زمام المبادأة فى العديد من المجالات مما أتاح للدولة أن تواصل خطط التنمية والتطوير دون أن تتوقف وذلك فى ظل الاقتناع بأنه من الخطأ وقف عجلة التنمية حتى لو تباطأت بفعل الظروف الخارجية قليلا.
كانت القيادة السياسية على مستوى المسئولية دائما وهى تؤكد علانية أن المواطن المصرى العظيم هو الذى لايزال يتحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى وكذا تأثيرات المتغيرات العالمية، ولذا قامت الدولة باتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف ولو حتى جزئيا من الأعباء التى يتحملها المواطن المصرى ولاسيما الطبقات الأكثر احتياجا، وفى هذا المجال من الإنصاف أن نشير ليس فقط إلى أهمية القرارات الاجتماعية التى يتم اتخاذها تباعا بل أيضا إلى المشروع العملاق «حياة كريمة» الذى يخدم نحو 60 مليون مواطن والذى لم ولن يتوقف رغم الأزمة الاقتصادية.