كتب ـ خليل زيدان
من المؤكد أن التكوين الجسدي والنفسي يؤثر على بعض نجوم الفن، فيظل أسيراً لشخصية واحدة حتى وأن تغيرت بعض ملامحها ، ومنهم الفنان الكوميدي سعيد صالح ، وقد سبقه الفنان علي الكسار الذي لم يتمكن من الخروج من شخصية عثمان عبد الباسط .. في ذكرى رحيل الفنان سعيد صالح نلقي الضوء على بعض المعوقات في مشواره الفني والشخصي التي أبعدته قليلاً عن مربع القمة.
يعد سعيد صالح من أشهر نجوم الكوميديا في العصر الحديث ، فقد بدأ مشواره الفني في ستينيات القرن الماضي، من خلال المشاركة في بعض المسرحيات والمسلسلات الإذاعية والتلفزيونية منها مسلسل ولدي والولد الشقي وهارب من الأيام وخيال المآته ومسرحية زقاق المدق وروض الفرج ، إلى أن بدأت مشاركته في السينما من خلال فيلم قصر الشوق عام 1966 ثم فيلم إضراب الشحاتين والدخيل في العام التالي ، ولم يتخل سعيد صالح عن أدواره الصغيرة في المسرح والتليفزيون .. إلى أن حصل على دوراً مميزاً في مسرحية هاللو شلبي عام 1969وبعدها بدأ المشاركة في السينما مع كبار النجوم في أدوار ثانوية منها فيلم الحرامي مع فريد شوقي وهاربات من الحب مع أحمد رمزي وربع دستة أشرار مع فؤاد المهندس وصوت الحب مع وردة ، إلى أن بدأ أول تعاون له مع الفنان عادل إمام في فيلم شلة المشاغبين ومسرحية مدرسة المشاغبين عام 1973.
كانت مسرحية مدرسة المشاغبين هي العمل الأشهر في مسيرة سعيد صالح الفنية وكانت الإنطلاقة الفنية له ولترسيخ اسمه كنجم كوميدي ، وقد شارك سعيد صالح في العام التالي في عدة أعمال مسرحية وسينمائية إلا أنها لم تحقق له النجاح والشهرة السابقة في مدرسة المشاغبين ومنها فيلم العذاب فوق شفاة تبتسم ثم مسرحية كبارية من بطولته مع نيللي وحسن مصطفى ثم فيلم أين عقلي والرداء الأبيض وحتى آخر العمر وقمر الزمان ومولد يا دنيا واستمر في تلك الأدوار حتى شارك عادل إمام بطولة فيلم رجب فوق صفيح ساخن عام 1978 وفي العام التالي كان دوره المميز في مسرحية العيال كبرت والتي أعادته إلى مربع قمة الكوميديا بعد أن تميز بإسلوبه المبتكر في دور الشاب الجرئ أسرياً .
بدأ نجم سعيد صالح يلمع سينمائياً بعد نجاحه في مسرحية العيال كبرت وخاض البطولة في فيلم مخيمر دايماً جاهز ثم فيلم المشبوه مع عادل إمام ثم فيلم على باب الوزير .. إلا إن أدواره بدت على وتيرة واحدة رغم محاولته تنوع أدواره في فيلم السادة المرتشون والمتشردان ومملكة الهلوسة والمحظوظ وهذا ما جعل رفيق دربه عادل إمام يتميز بما يقدمه من أدوار وأنماط جديدة يبتكرها مثل شخصية الهلفوت أو المنسي والمشبوه ، حيث تعمد عادل إمام تغيير لكنته مع أتقان الشخصية التي يقدمها سواء في شكل الجسد أو نبرات الصوت .
قام سعيد صالح ببطولة عدة أفلام كوميدية في نهاية الثمانينيات منها فيلم المزيكاتي وأولاد حظ والصعايدة جم وفتوات السلخانة بجانب الأدوار الرئيسية في المسرح والذي بدأ فيها سعيد صالح بالخروج المتعمد عن النص مما سبب له كثير من المشاكل فيما بعد منها مسرحية البعبع وكعبلون وحلو وكداب ، حيث اتهم وقتها بتعاطي مخدر الحشيش وقضى عاماً في السجن بداية من 11 نوفمبر 1995 ، وقد اعتز بتلك التجربة وبرر سجنه بأنه تهمة ملفقة بسبب خروجه عن النص للتعبير عن آرائه السياسية .. وقد داهمه المرض بداية من عام 2005 لكنه واجهه ببسالة وظل يعمل حتى عام 2014 وأكثر ما أثر فيه في نفس هذا العام هو حريق شقته ،بعدها دخل المستشفى بعد أن تمكن منه المرض ليرحل في أول أغسطس من نفس العام.