خصص مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الثالث والثلاثين، الذي تنظمه وزارة الأوقاف، بعنوان "الاجتهاد ضرورة العصر (صوره.. ضوابطه.. رجاله.. الحاجة إليه)، جلسة علمية خاصة، لمناقشة البحث العلمي المقدم بشأن العملات الافتراضية.
وجرت فعاليات الجلسة السابعة التي عقدت بعنوان (العملات الافتراضية)، برئاسة الشيخ حاتم محمد حلمي، وزير الأوقاف والشئون الدينية - فلسطين، وتحدث فيها الدكتور عبدالله المصلح، الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة المملكة العربية السعودية، والدكتور مصطفى محمد عرجاوي، أستاذ القانون المدني المتفرع بكلية الشريعة والقانون - جامعة الأزهر، والدكتور المأمون جبر، أستاذ القانون العام والتشريعات الاقتصادية - عميد بالجامعة المصرية، والدكتور عثمان أحمد عثمان، أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية، والدكتور عطية عبد الموجود لاشين، الأستاذ المساعد بكلية الشريعة جامعة الأزهر.
وفي كلمته، أعرب الدكتور عبدالله المصلح، عن خالص شكره للدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، على دوره المحوري في إحياء وإثراء وزارة الأوقاف بمشروعاته المتعددة، مشيرًا إلى أنه ما نزلت نازلة بالمسلمين إلا وجدنا بفضل الله سبحانه في هذا الدين في مصادره من كتاب وسنة وفي تراثه العلمي المؤصل حكم الله بيسر وسهولة، هذا لأن الأحكام إنما جاءت في إطار كلي وحفظه لنا علماؤنا الأبرار في أصول فقهية نستطيع أن نستنير بها حتى ندرك حكم الله فيما جد في أقضية الناس.
وفي كلمته، قدم الدكتور مصطفى محمد عرجاوي، الشكر لوزير الأوقاف على الدعوة الكريمة وحسن اختيار الموضوع، موضحًا أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وعلينا ألا ننخدع بالمسميات البراقة، فتغيير المسمى لا يغير حقيقة الشيء، والفرض هو والعدم سواء، فالذين لا يستفيدون من تجاربهم يدورون في حلقات مفرغة، ومن ثم فلا حكم على شيء افتراضي غير متصور ليس له وجود، فهو والعدم سواء، فالاهتمام بحقيقة المسمى ضروري لتوافر معرفة حقيقية بالآثار المترتبة عليه، فإذا كان ضارا لفرد يحظر عليه استخدامه وإن كان جائزًا في حق آخرين.
وفي كلمته أعرب الدكتور المأمون جبر، عن شكره للدكتور محمد مختار جمعة، على الدعوة الكريمة وحسن اختيار الموضوع، مؤكدًا أن حماية الوطن تقتضي حماية مقوماته، ومن مقوماته الحفاظ على اقتصاد الوطن، حيث هو المقوم الاقتصادي الذي أقره الإسلام، فالإسلام لا يرفض ما كان صالحًا للبشر بل يرفض كل ضرر يلحق بالبشر والكون، وظهرت بعض العملات الجديدة في بعض الدول، ولا بد أن يجتهد علماؤنا في تشريع أحكام تخصها بما يناسب الواقع بما يتوافق مع الشرع الحنيف.
وأوضح أنه إذا كان للاجتهاد الجماعي أهميته في تحصيل الحكم الشرعي فإن للاجتهاد المؤسسي أهميته في إرساء الأمن والسلم المجتمعي، ومن ثم فإن هناك ضرورة للاجتهاد الجماعي المؤسسي في المستجدات المعاصرة، وشجب العديد من النقاد العملات المشفرة باعتبارها احتيالًا أو فقاعات صريحة، وجادل آخرون أن مثل هذه العملات موجودة فقط لدعم المدفوعات للأنشطة غير القانونية، أو لمجرد إهدار الموارد في الآونة الأخيرة، وإذا كانت عملة البيتكوين لا تزال هي المتصدرة في سوق العملات الأخرى الافتراضية إلا أنها لم تقنع الكثيرين، لما تمثله من استثمارات عالية المخاطر وشديدة التقلب.
وفي كلمته قدم الدكتور عثمان أحمد عثمان، الشكر لوزير الأوقاف، على دعوته للمؤتمر، مبينًا أن العملات الافتراضية أمر يجب أن نبحث فيه لتشريع الأحكام المناسبة له، وهذا من التطور التكنولوجي للعملات، وقد حارب بعض الدول العملات الافتراضية لأنها تؤثر على اقتصاد الدول وتهدد السياسة المالية، وقد تمثل لنا خطر أكبر لأن الدول العربية تتأثر باقتصاد الدول الكبرى، مشددًا على ضرورة اتحاد الدول العربية والإسلامية وعمل سياسة نقدية موحدة لعدم حدوث انهيار اقتصادي عند انتشار هذه العملات الافتراضية.
وفي كلمته أكد الدكتور عطية عبد الموجود لاشين، أن الدول العربية والإسلامية لديها القدرة على مواجهة العملات الافتراضية شريطة أن تتحد، مبينًا أنه يجب على العلماء الاجتهاد في تشريع الأحكام المتعلقة بهذه العملات الافتراضية خشية أن تجتاح عالمنا العربي والإسلامي فنجبر عليها، مبينًا أن حكم الاجتهاد
بالنسبة لأهل العلم واجب على الفور بعد نزول الحادثة على الأفراد القادرين عليـه المؤهلين له، فإذا توافر أكثر مـن مجتهد وأمكن استفتاءهم قبل فـوت الحادثة على غير الوجـه الشـرعي كان الاجتهـاد فـرض كفايـة علـى مجموعهـم وليس على جميعهم، وإذا اجتهد واحد من هؤلاء ووصل إلى حكم فيما نزل من حادثة سقط الإثم عـن الباقين، وإذا لم يعالج المسألة أحـد منهم أثموا جميعًا، وأن حكم الاجتهاد قبل نزول الحادثة يكون مستحبًا إذا اجتهد استعدادًا لحل المشكلة قبل حدوثها، ويكون الاجتهاد حراما إذا كان اجتهادا فيما فيه دليل قطعي الثبوت وقطعي الدلالة من نص أو إجماع.