الجمعة 17 مايو 2024

رغم الانهيار الكبير في سوق السندات.. الأسوأ لم يأت بعد

سوق السندات

عرب وعالم28-9-2022 | 17:48

دار الهلال

برغم الانهيار الكبير الحادث حاليا في سوق السندات العالمي إلا أن خبراء أكدوا استمرار هذا الانهيار بشكل أكبر وأسوأ تزامنا مع نهج البنوك المركزية في العالم في رفع الفائدة لمحاولة كبح جماح التضخم.

وتراجعت سندات المملكة المتحدة لأجل خمس سنوات بأكبر قدر منذ عام 1992، بعد أن طرحت الحكومة خطة ضخمة لخفض الضرائب.

وشهدت سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين أطول سلسلة خسائر متتالية منذ 1976 على الأقل، وسط تراجعها لمدة 13 يوماً على التوالي، في الوقت الحالي يتم تداول سندات الخزانة الحساسة لمعدلات الفائدة عند عوائد أعلى من 4 بالمائة.
ويتم تداول السندات الأمريكية ذات العوائد طويلة الأمد مثل أجل 10 سنوات عند عوائد 3.82 بالمائة، وهو أعلى مستوى في 12 عاما.

المحلل المالي بجريدة فايننشال تايمز ببريطانيا أنور القاسم يرى أن سوق السندات الدولية هوى بنحو 20 بالمائة من قيمته وهو رقم كبير جدا وغير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية ومنذ الهزات الاقتصادية التي شهدها العالم، وهذا سببه نسبة التضخم العالية التي تضرب اقتصادات الدول السبع الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي بلغ التضخم فيها أعلى نسبة منذ أكثر من ٤٠ عاما.

وتابع أن الأمر لم يتوقف على الولايات المتحدة فقط، بل امتد إلى المملكة المتحدة وألمانيا واليابان وكل الدول الصناعية الكبرى، ولذلك بدأت الولايات المتحدة واقتدت بها كل هذه الدول تباعا في رفع قيمة الفائدة.

وشدد على أن جميع هذه الدول تريد أن ترى انخفاضا في الأسعار وخفضا للتضخم، لكن هذا يحتاج وقتا طويلا، فالأمر يحتاج إلى سنوات وسيحدث بشكل تدريجي، فنحن نرى أن الهدف الذي تسعى إليه هذه الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا هو معدل 2 بالمائة للتضخم.

وتابع أن التضخم حاليا في بريطانيا هو 13 بالمائة وقد يصل إلى 19 بالمائة بنهاية هذا العام، وفي الولايات المتحدة كذلك فالتضخم كبير جدا، والمسعى الذي تقوم به الآن هذه الحكومات هو رفع الفائدة، ففي بريطانيا مثلا تم رفع الفائدة 7 مرات فأصبحت الأعلى منذ 14 عاما، وفي الولايات المتحدة تتوالى قرارات رفع الفائدة ومتوقع أن تصل إلى ٤ بالمائة، وكذلك فعلت معظم الدول وستفعل ذلك لفترة طويلة حتى يتم كبح جماح التضخم.

وقال القاسم إن هذا سيعيد تشكيل سوق السندات الدولية وسنرى انخفاضا كبيرا فيها اقتداء بما يجري في الولايات المتحدة، وهذا هو انعكاس طبيعي للانخفاض الحاد الذي تشهده بعض العملات الرئيسية في العالم وعلى رأسها اليورو، وأيضا الجنيه الإسترليني الذي يصارع الآن في قاع لم يسبق له مثيل من قبل.

وأوضح أن إعادة تشكيل الأسواق الدولية للسندات يحتاج وقتا كي يأخذ شكلا جديدا، مثلما حدث بعد الحرب العالمية الثانية، والسيناريو حاليا متشابه مع ما حدث آنذاك، ولا ننسى أن أسواق السندات كذلك تأثرت بالإغلاقات الطويلة التي صاحبت وباء كورونا، ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية التي تضغط بشدة، مع الارتفاع الكبير لأسعار الطاقة والمواد الأولية وراتفاع أسعار القمح، وكل ذلك يؤثر على نسبة النمو في العالم.

وأشار إلى أن أكثر من مؤسسة دولية متخصصة أكدت أن النمو الدولي في مختلف المجالات سيكون منخفضا جدا، وهذه صورة تشاؤمية ولكن هذا هو الواقع الذي يقول لنا الآن وبكل وضوح وداعا لعصر الفائدة المنخفضة ونحن في عصر الفائدة المرتفعة، وهذا يؤدي لارتفاع تكلفة ديون الدول نتيجة الاقتراض، وقد يؤدي لمشكلة في الاقتراض بين البنوك الدولية.

فيما قال المحلل بشركة مزيج للاستشارات الاقتصادية في السعودية سعد الغباري إن سوق السندات انهارت بشكل كبير لأنه عند رفع الفائدة فإنها ترتفع على السندات المصدرة حديثا، بينما السندات القديمة تكون بفائدة أقل وبالتالي لابد من خفض أسعارها ليكون العائد عليها يوازي العائد على السندات الحديثة.

وأوضح أن بسبب قيام الفيدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة تباعا هذا العام لتصل إلى 3.25 بالمائة حاليا ومتوقع أن يستمر في رفع الفائدة لأن يصمم على الوصول بمعدل التضخم إلى حدود 2 بالمائة، فهذا معناه أن سوق السندات متوقع أن يشهد انخفاضا أكبر في الفترة المقبلة.

وشدد على أن انهيار سوق السندات سيؤدي إلى بالتبعية إلى تراجع سوق الأسهم، ولن يستقر سوق السندات ولا سوق الأسهم إلى مع بدء رصد تباطؤ في سرعة التضخم وهو ما يسعى إليه الفيدرالي الأمريكي وتسير على نهجه معظم البنوك المركزية في العالم.