انتشرت حاليا ظاهرة مرعبة بين الشباب والفتيات المرتبطين عاطفيا ألا وهي حوادث قتل طرف منهما للآخر في حال انسحابه من هذه العلاقة، وكلنا تابعنا حادثة نيرة أشرف ومحمد عادل وما حدث بعدها من مجموعة من حوادث القتل الغريبة على مجتمعنا، وكان السبب الرئيسي والدافع لارتكابها هو الحب للأسف، ومما أدهشنا جميعا وأثار فضولنا هو كيف لقلب نبض بحب شخص آخر وتشارك معه أحلى اللحظات أن يقسو عليه بهذه الدرجة ويصل إلى حد قتله بهذه الطريقة المرعبة، وعلى مرأى ومسمع من البشر، فمن يحب حقا لا يستطيع أبدا أن يؤذي من أحب حتى ولو تركه من أحبه ورحل، بل أحيانا يحدث أن يرحل المحب عمن أحبه إذا ما شعر أن في هذا البعد سعادة وراحة لحبيبه، فالتضحية والإيثار هما جوهر الحب الحقيقي ولكن ما نراه الآن أعزائي يمثل حباً مرضيا مضمونه الامتلاك والأنانية وكأن معادلة هذا النوع المرضي من الحب هي كالتالي "إما أن تكون معي للأبد أو لا يكون لك أثر في الدنيا للأبد" وهو شكل من أشكال الجنون العاطفي أو التطرف العاطفي الشديد الذي يصيب الإنسان بالجنون، مثله مثل التطرف الديني والذي يقود صاحبه إلى الإرهاب وما ينطوي عليه من قتل وجرائم بشعة ترتكب باسم الدين وبالطبع الدين بريء منها ومن مرتكبيها، وبالمثل كذلك نرى التطرف العاطفي يقود صاحبه إلى الإرهاب العاطفي ومما يتبعه من قتل وجرائم مرعبة ترتكب باسم الحب للأسف، وبالطبع الحب بريء منها ومن مرتكبيها، فكما ذكرنا سابقا الحب الحقيقي يمثل حبا معتدلا ومتزنا، حبا لا يدفع صاحبه إلا لتقديم كل ما يسعد ويطمئن حبيبه وليس العكس.
لذلك أرجو من الجميع الانتباه جيدا لمثل هذه الحوادث ويجب على المتخصصين في مجال التربية وعلم النفس دراسة مثل هذه الظاهرة المرعبة المنتشرة بين شبابنا حاليا، وتحليلها والوصول لأسبابها والخروج بتوصيات للجهات المعنية لتنفيذها، كذلك أرجو من جميع الأهالي أن ينتبهوا لأبنائهم وينصتوا إليهم جيدا وأن يتخذوهم أصدقاء لهم لا أوصياء عليهم، يقومون فقط بتوجيه الأوامر والتعليمات لهم، يجب أن يوضحوا لهم مفهوم الحب الحقيقي والمشاعر الصادقة ويعلموهم أيضا كيفية اختيار شريك حياتهم بشكل صحيح.
ونصيحتي لكل فتاة بضرورة الحرص الشديد في العلاقات ووضع حدود آمنة بينك وبين أي شاب يُبدي إعجابه بكِ يجب أن لا تمنحي قلبك ومشاعرك إلا لمن يستحقك ويشعرك بالأمان ويحافظ عليكِ وعلى سمعتك أمام الجميع، ويجب أن تكون علاقتك بالنور وبعلم والديكِ وأن يتخذ من يحبك الخطوات الطبيعية للارتباط بكِ كالتقدم لخطبتك والحفاظ عليكِ، ونصيحتي لك عزيزي الشاب بأن تعتبر الفتاة التي تشعر بالإعجاب تجاهها أختا لك إلى أن تتأكد من حبك لها وتتأكد أيضا من أنها تبادلك نفس المشاعر، وأن تراعي الله فيها وتحافظ عليها إلى أن ترتبط بها بشكلِ رسمي، وإذا ما حدث واختلفتم يوما ما فليذهب كل منكما في طريقه بسلام وأمان.
ورسالتي لكل القائمين على المؤسسات التعليمية والتربوية والدينية والشبابية والفنية والإعلامية أرجوكم أن تهتموا بالشباب فهم أساس ومستقبل أي وطن قوموا بدوركم على أكمل وجه وقدموا كل ما يفيد وينفع هؤلاء الشباب.
وفي الختام اعلموا أحبائي أن الحب يبني ولا يهدم ويحيي ولا يميت يفرح ولا يحزن يطمئن ولا يرعب، وأي شخص لا يوفر لك ما ذكرته سابقا من أمان وطمأنينة واحتواء وسعادة فهو عدو لك وليس حبيبا.
دمتم في حفظ الله وحبه ورعايته.