بقلم – أكرم السعدنى
وبالفعل أصبح شعراوى جمعة هو ضيف الشرف ذات حفلة يوم الخميس وذهب السعدنى إلى الفنانين محمد رضا وعبدالسلام محمد تحديدا وطلب منهما الالتزام تماما فى العرض وعدم إلقاء الإيفيهات المعتادة لوجود (عمكم) شعراوي.. وبالفعل مضى الفصل الأول دون أن يكون هناك أى رد فعل من قبل الصالة.. وبدا أن المسرحية ثقيلة الظل.. وهو الأمر الذى دعا السيد شعراوى جمعة إلى سؤال السعدني..
- هو العرض ماله يا سعدني؟!
فاستأذن السعدنى وذهب إلى الكواليس وقال للمعلم رضا.. افتحوا على الآخر وفى الفصل الثاني.. كاد شعراوى جمعة أن يُقتل من شدة الضحك وفى نهاية العرض حضر جميع الممثلين للسلام على الرجل الذى كان هو الحاكم الفعلى والرجل الأخطر فى نظام حكم الرئيس جمال عبدالناصر ووسط جموع الممثلين ظهر ثلاثة أشخاص يرتدون الملابس البلدى وهم الحاج سيد مخيمر والحاج سعد أبو هاشم والحاج إبراهيم نافع وحكى المعلم رضا حكاية فرقة ابن البلد المسرحية للسيد شعراوى جمعة.. وقبل أن ينصرف شعراوى جمعة انتحى بالسعدنى وقال.. فى ضيف مهم جدًا بالنسبة لمصر حيزورنا الأسبوع الجاى أتمنى أن يكون فى ضيافتك يا محمود أنت والجماعة دول.
ويسأله السعدنى ويقول مين الضيف القادم يا أفندم فقال «أ. أ» وكان الرجل وهو صحفى لبنانى شهير جدًا وصاحب أحد الإصدارات المهمة فى لبنان وهو من أشد معارضى عبدالناصر والاشتراكية (الشكلية) كما كان يسميها أو «القومية».. وقال شعراوى جمعة.. إحنا عاوزين الراجل يتعرف على أولاد البلد الحقيقيين وعاوزك تحكى له إزاى راجل زى الحاج سيد مخيمر ساهم فى حل أزمة الفول الخطيرة اللى تعرضت لها البلاد.. وعاوزه كمان يشوف ضرورى أمين الفلاحين فى الجيزة «إبراهيم نافع» وانصرف شعراوى جمعة.. وضرب السعدنى كفًا بكف.. وهو يقول.. دى كارثة!!
وبالفعل كانت كارثة فقد وقع على كاهل السعدنى وأولاد البلد مسئولية إقناع الكاتب الكبير «أ. أ» بأن الاشتراكية ليست كلامًا معسولًا يقال على ألسنة المسئولين ولكنها حكاية شعب انصهر فيه العامل والفلاح والمتعلم والطالب والمثقف الغنى والفقير والمفكر وأصلع العقل وأصبح الكل فى واحد.
ومضى الأسبوع سريعًا وجاء الرجل الذى سيزور الجيزة باعتبارها النموذج الأمثل الذى طبقه النظام الاشتراكى، ولكن بنكهة عربية مصرية.. وإلى شارع الفاتح فى الجيزة وعزبة الفلاحين أمضى السيد «أ. أ» سهرته الأولى وكان رجلًا صاحب مزاج عال وفى الجيزة وجد فى أبناء البلد ضالته المنشودة وقابل رجلًا من أهل الإسماعيلية اسمه عم أحمد المنجد كان السعدنى يناديه بأبو حسن وكان أبو حسن رجلًا شديد الظرف كان سببًا فى عشق السعدنى للإسماعيلية وناسها، أما مزاج وحب وعشق أبو حسن الأوحد فى الحياة فكان الشيشة وعندما جلس على ناصية محل الحاج أحمد عبدالعال المزين الشهير فى الجيزة أمسك «بالشيشة واللى» نظر إلى الصحفى اللبنانى.. وقال عدم المؤاخذة أنت بترطن بأى لهجة.. فقال الرجل هذه لغوة أهل لبنان.. فقال أبو حسن ومن غير مؤاخذة بتشتغل إيه؟! فرد الرجل «صحافى» فضحك أبو حسن وقال زى عم محمود يعنى فهز الرجل رأسه فى إشارة بالإيجاب واقترب أبو حسن من الرجل وقال ومن غير مؤاخذة كنت فى أى جورنان وضحك الرجل وقال فى مجلة “.. “ واعتدل أبو حسن فى جلسته وشد نفسًا عميقًا وقال وموجات الدخان تخرج فى سلسلة متلاحقة تواكب كلامه.. أنا ماسمعتش عن «الجورنان» ده من غير مؤاخذة وبعدين أنا ما أعرف غير السعداوى فى الصحافة فسأله «أ.أ» أنت تحب تقرأ لعم محمود.. فقال أبو حسن من غير مؤاخذة عم محمود أجدع صحفى وأجدع ناس ومجلة صباح الخير دى بتتوزع على حسه لأنه بيقول كلام «الشعب» وكسر أبو حسن حرف «الشين» وسأل الصحفى اللبنانى عم أبو حسن وقال.. أنت بتقرأ صباح الخير وشد أبو حسن «نفس» وقال.. الكدب مش - طبعى.. مش باقراها.. وضحك الصحفى الشهير وقال.. طيب وازاى مش بتقراها وأنت بتحب السعدنى كل هذا الحب..
فقال أبو حسن.. أنا ما اعرفش أقرأ ولا أكتب يا أستاذ وضحك الصحفى اللبنانى وقال:
- امال.. حد يقرا لك؟!
- أجاب أبو حسن.. أنا لسه ح ادور على حد يقرا.. أنا باسمع الأستاذ بس وهو بيتكلم .. كلام الأستاذ والشيشة دى هم الحاجتين اللى بيسعدونى وتناول أبوحسن والصحفى الشهير الشيشة وهو يقول.. شد ياأستاذ.. جرب السنيورة دى علشان خاطرى حندى لعمك أبو حسن على جبل بيروت وحياتك وشد الصحفى الشهير وليته ما فعل.