الخميس 18 ابريل 2024

علماء مصريون عظماء وقصص نجاحهم الملهمة 16

مقالات2-10-2022 | 21:51

الدكتور محمد مرسي أحمد.. أستاذ الفيزياء والرياضيات ومدير الجامعتين..! (16)

«إذا كان عقل الإنسان في حالة تيه، فليدرس علم الرياضيات».. فرنسيس بيكون

"إن وجهة نظر فرانسيس بيكون لطبيعة وهدف العلم أن مبادئ الرياضّيات وُلدت من جوهر العقل، فهي إبداع فكري محض. ما من شيء في العالم الخارجي يتطابق تماما مع هذه المبادئ، حتى لو أغفلنا الرياضّيات البحتة، وهي تبيِّن أّن العدد على درجة عالية من التجريد تضعها خارج مجال التفسير التجريبي، فإذا كان بوسعنا أن نبين أن العدد والشكل والخط المستقيم لا وجود لها في الواقع، وبالتالي لا يمكن أن تكون موضوعات قابلة لإدراكها حسيا نظرًا لكمالها العقلّي. فنحن ندرك الكائنات الرياضّية بالحدس العقلي، وليس بالإدراك الحّسي أو الحدس الحّسي المباشر. بوسعنا أن نلاحظ أن الهندسة هي فن التفكير السليم حتى لو اعتمدنا على شكل هندسي خاطئ. فينبغي أن نقطع كل صلة للنقطة والخط المسطح بالمعطى المحسوس إذ لا يحتمل كمالها العقلي أي تشويه تلحقه به المادة".

• الدكتور محمد مرسي أحمد، هو عالم رياضيات وفيزيائي مصري، ولأول مرة يشغل أستاذ جامعي منصب مدير جامعتين على التوالي، حيث شغل أستاذنا جامعة عين شمس عام 1961، وجامعة القاهرة في 1967. 

• ولد بإحدى قرى مركز أولاد طوق بمحافظة سوهاج في الأول من ديسمبر 1908 وتوفى في 18 أغسطس 1989 عن عمر يناهز 80 عامًا. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بأسيوط ثم التحق بكلية العلوم بالجامعة المصرية عام 1925 عند إنشائها وتخرج فيها عام 1929، ثم سافر في بعثة دراسية إلى إنجلترا حيث حصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات من جامعة إدنبرة عام 1931 والتحق بعد ذلك بكلية سان جون بجامعة كامبريدج فحصل على دبلوم منها عام 1932.

• عاد من البعثة فاشتغل بالتدريس في كلية العلوم بالجامعة المصرية، فعين مدرساً عام 1932 وتدرج في هيئة التدريس حتى وصل إلى منصب أستاذ الرياضة البحتة عام 1943 وكان أول مصري شغل هذا الكرسي، وظل يشغله أكثر من خمسة عشر عاماً وهو صاحب أول وأكبر مدرسة علمية في الرياضيات في مصر والعالم العربي، فقد درس عليه أغلب أساتذة الرياضة الحاليين في جامعات مصر والعالم العربي، وعين عميداً لكلية العلوم عام 1956 ثم وكيلاً لجامعة القاهرة عام 1958 ثم مديراً لجامعة عين شمس عام 1961 وفي أغسطس 1967 عين مديراً لجامعة القاهرة ثم اميناً لاتحاد الجامعات العربية في الفترة من 1969-1971 ثم وزيراً للتعليم العالي 1971-1972 ثم أعيد انتخابه أميناً لاتحاد الجامعات العربيةفى الفترة من 1972 الى 1980.

• للدكتور محمد مرسي أحمد نشاط كبير في خدمة العلوم الرياضية، فقد اشترك في تأسيس الجمعية المصرية للعلوم الرياضية والطبيعية عام1936 وقد مثل الجامعة في كثير من المؤتمرات العلمية ودعته جامعة إستانبول عام 1951 لإلقاء سلسلة من المحاضرات على طلبة البحوث.

• كان الدكتور محمد مرسي أحمد من المتحمسين لتدريس العلوم في الجامعة باللغة العربية وقد بدأ بنفسه في أواسط الثلاثينات بتدريس علوم الرياضة باللغة العربية لطلاب الفرقتين الأولى والثانية لكلية العلوم وله مؤلفات باللغة العربية في هذا المجال، كما قام بترجمة العديد من كتب الرياضيات من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية ومن مآثره كتاب الجبر والمقابلة  للخوارزمي بمشاركة الدكتور علي مصطفى مشرفة، كم أن له أبحاث عديدة منشورة في مجموعة أعمال الجمعية الرياضية بأدنبره وأعمال الجمعية الرياضية بلندن وأعمال الأكاديمية العلمية بباريس والمجلة الرياضية الفرنسية.

• هو أول مصري يشترك في إنشاء جامعة الرياض بالمملكة العربية السعودية، وانتخب لعضوية مجمع اللغة العربية عام 1962 وشارك في كثير من لجانه ونشاطه، كما كان عضوا بمجلس أكاديمية البحث العلمي ورئيساً للمجلس النوعي للعلوم الأساسية ورئيساً للجمعية الرياضية الطبيعية وعضو المجمع العلمي المصري ولاتحاد العلمي واختير عضواً بالمجلس القومي للتعليم عام 1974 وكان رئيساً لشعبة التعليم الجامعي والبحث العلمي به، كما عين وزيرا للتعليم العالى فى الفترة من (14 مايو 1971 ـ 17 يناير 1972).

• منحه الملك فاروق درجة البكوية سنة 1951، ومنحته الدولة جائزة الدولة التقديرية في العلوم عام 1964، ووسام الاستحقاق من الدرجتين الثانية والأولى وكذلك وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.

• أوكل إليه الأشراف على امتحانات الثانوية العامة المصرية و الثانوية العامهة الانجليزية التي كانت تعقد  في مصر من عام 1960-1957 .

• ومن الأشياء التى يفخر بها الإنسان الرزق فى الأبناء فقد رزق استاذنا بثمان من البنات العظيمات.. أصبحن أساتذة بالجامعة في مختلف الاختصاصات من طب و صيدلة وآداب وهندسة، منهم من تقلد  مناصب عمداء و وكلاء وزارة ووكلاء كليات جامعية.

• من ضمن ما تكلمت عنه فى الحلقات السابقة من تلك السلسلة الدور الهام الذى قام به هؤلاء العلماء الافذاذ وغيرتهم على اللغة العربية، فكانوا جميعا وبلا استثناء يهتمون بترجمة امهات الكتب فى عصرهم الى اللغة العربية. فقد رأينا كيف قام د.عطية عاشور وهو مدرس بالجامعة بمشاركة زميله د.محمد النادى وهو أيضا كان مدرس فيزياء  بترجمة كتاب مهم لألبرت أينشتاين وليبولد إنفلد بعنوان " The Evolution of Physics: From Early Concepts to  Relativity and Quanta"  أو"تطور علم الطبيعة، تحول الاراء من المبادىء الاولى الى نظرية النسبية والكمات" فى بداية الخمسينيات من القرن العشرين وقام بدعمهم وراجعه لهم د. محمد مرسى أحمد والذى كان فى ذلك الوقت يعتبر الألفة لهؤلاء الافذاذ صغار السن والخبرة، وهذا الامر يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الاهتمام بتعريب أمهات الكتب كان سمة مهمة وكان يسارع اليها العلماء فى ذلك الوقت بتشجيع من رؤسائهم. 

• ولان الامم تعنى بتراثها العلمى لانه جزء من الغذاء الروحى لعلمائها ومفكريها وسائر المتعلمين فيها. لذا كان من المهم ان يتم العناية بنشر الكتب التى وضعها اباءنا وأجدادنا خصوصا لو كانت لها أثر كبير فى التكييف البشرى. وفى عام 1937 صدر لاول مرة كتاب الجبر والمقابلة لمحمد بن موسى الخوارزمى من تعليق وتقديم د. على مصطفى مشرفة ود.محمد مرسى أحمد فكان عملا مهما فى ذلك الوقت بين اهتمام اساتذتنا ليس بالعلم الحديث فحسب ولكن ايضا بالتراث العلمى لاجدادنا العلماء المسلمين.

• وهنا لى رجاء لسعادة رئيس جامعة القاهرة د.محمد عثمان الخشت وهو مثقف يدعم التراث ويهتم به أن يأمر بطبع ونشر كل تراث هؤلاء ليقدم مثالا حيا لشبابنا أن جامعة القاهرة التى تخرج منها هؤلاء الرجال العظماء مهتمة بتراثهم العلمى.

• هذا وقد توفى د. محمد مرسي أحمد، في القاهرة، 18 أغسطس 1989.