وحوي يا وحوي أول الغناء
كانت جغرافيا منطقة القناة مختلفة عن وضعها الآن وخاصة بورسعيد الحديثة ..حيث كانت منطقة حضارية وهبها النيل بثلاثة فروع رئيسية تجري في دروبها وتنشر الحضارة والنماء، الفرع البلوزي والذي يصب في مدينة بلوز /الفرما "بورفؤاد " الآن، والفرع التنيسي الذي يمر من وسط مدينة"تنيس" والتي تقع علي بعد10كم من قرية "القابوطي الحالية والفرع المنديسى والذي يصب في فم "أم مفرح" قرية الديبة غرب بورسعيد حاليا .. وأطلق على هذه المنطقة مجتمعة أرض "سين" والتي اشتقت منها كلمة "سيناء" وتعد القلعة الحصينة التي يتحطم أمامها كل الحملات الاستعمارية.
وبعد حرب كبيرة بين مصر والهكسوس (البدو الرعاة) كما تسميهم البرديات المصرية القديمة .. واستشهاد ملك مصر"سقنن رع" وحمل الراية بعده لابنه الأكبر "كاموسي" والذي نال شرف الشهادة مثل والده في نضاله ضد العدو الهكسوسي..حمل الراية البطل "أحمس" وطرد الهكسوس من مصر وعند عودته من طريق النصر عبر "طريق حورس" بالقرب من قلاع "قنطير" والتي تبعد عن شاطئ المتوسط بحاولي 30كم ، وهي امتداد لمدينة "تنيس". كان في انتظار القائد والبطل المنتصر جموع شعب "سين" وفي طليعتهم أرباب الموسيقى وهم يعزفون على الكنارة واليرة وآلات الإيقاع ويغنون :
واحا واحا اياحا .. واحا أحا مس واحا
واحا واحا إيحا .. واحا واحا واحا
ومعناه حسب القاموس المصري القديم .." مرحب مرحب أم الأبطال" اياحتب "قمر الزمان" مرحب مرحب ابن القمر" أحمس" مرحب مرحب ..والمعني الضمني هو : مرحب مرحب قمر الزمان ..مرحب مرحب ابن القمر.
وبعد مرور قرون عديدة يستعيدها الوجدان المصري عندما استقبل الفاتح العربي "جوهر الصقيلي " وهم يحملون آلاتهم الموسيقية والفوانيس ويغنون :
أحوي أحوي إياها ..
وكمان أحوي..إياها
بنت السلطان ..إياها
لبسة الفستان ..إياها
من بدع زمان …إياها
أحمر وأخضر..
إياها
طرابيش العسكر
إياها
وفي بورسعيد الآن مازال يتردد صدى الأغنية في استقبال الكرام والأيام الكريمة، حيث ينطلق الأطفال وهم يحملون الفوانيس الملونة ويدورون على كل بيت من بيوت الجيران يهنئونهم بحلول الشهر الكريم وهم يغنون :
وحوي يا وحوي ..
إياحا
وكمان وحوي..
إياحا
أه
لا رمضان
إياحا
بر وإحسان
إياحا
(ثم يرتفع غناؤهم أمام أبواب المنازل ويغنون ) :
لوما البيت ده ما إجينا
الله حي
ولا تعبنا رجلينا
الله حي
يفك الكيسة ويدينا
الله حي ..
وتتوالد الأغنية في استلاف وتدوير حسب المؤديين والموقع الجغرافي في نصوص غنائية كثيرة. إلى آخر هذا الغناء الطقسي الفريد ..
تعتبر مواوايل البحيرة (بحيرة المنزلة) التي ظهرت قبل الحفر، نموذجا فريدا نذكر من هذه المواويل :
موال "عتبت على الوقت"
عتبت على الوقت ..قال لي وأنا مالي
بأملي لك الجيب تفضيه لي
وانا مالي
كلم من إيدك
تعب الجسم والروح
بيخدوك مني وأنا مالي
وهذا الموال سمعته في رحلة سفري من بورسعيد إلى قرية المطرية عبر لنش "الخضيرة" الذين منعتهم ظروف حرب الاستنزاف من الصيد في البحر، إلى مهنة المواصلات البحرية ونقل الركاب من بورسعيد للمطرية والعكس .. يقول الراوي "محمد حسن خضير" إنه سمع هذا الموال الذي حفظوه أجداده صيادو البحيرة قبل زمن السخرة ..ويقول موال "يا ريس البحر" :
يا ريس البحر
خدني معاك علمني
أتعلم الكار بدل العار علمني
من صغر سني وأنا ريس وبداري
ريس وبداري
مثل سمعناه من اللي قبلنا قالوه
اعمل المعروف وارمية في البحر
يوصل البر بداري
يا ريس البحر.
أغنية "يا أبو علي يا صياد"
- يا أبو علي
- يا صياد
- اصطاد واديني
- يا صياد
- واملي لي مناديلي
- يا صياد
- وطرحت الشبكة
- يا صياد
- من تحت العتبة
- يا صياد
- طلعتلي ملكة
- يا صياد
- وادتني سمكة
- يا صياد
ظهرت هذه الأغنية قبل زمن السخرة بوقت قليل، في قرية القابوطي جنوب بورسعيد، واستمرت حتى الآن يغنيها الأطفال في الأعياد والرحلات وهم يركبون اللنشات في القنال الداخلي وفي عربة "البكاش" ..و"أبو علي" حسب الرواة كان شيخ الصيادين وأظهر كرامات فبنى الصيادون له مقاما في جزيرة بالبحيرة، يتباركون به في بداية رحالاتهم للصيد ..وقولهم في الأغنية [ وطرحت الشبكة ..من تحت العتبة] يرجع لكونهم كانوا يبنون منازلهم من الخشب فوق سطح البحيرة وينزلون منها في مراكبهم مباشرة.
ويمتد نهر الغناء موصلا حتى زمن حفر القناة ..
"يا حالي" أول غناء زمن حفر القناة..
في هذه الفترة كان أهالينا الذين جلبوا بالسخرة لحفر القناة لا يملكون شيئا سوى وجدانهم الجريح وحفنة من الذكريات..وفي ظل الظروف غير الآدمية عانوا المرار كله .. وبعد العمل الشاق ينفرد أحدهم بالغناء الحزين ،لعل الغناء يزيل القليل من عذباتهم وآلامهم ،فيتجمع حوله أصحاب الحزن المقيم ويتسع البراح لينضم إليهم آخرون من المجاريح، حتى أصبحوا لمة، وجاء الغناء المجروح معبرا عن أحزانهم وجراحهم وكانت هذه الأغنية بداية هذه "اللمة /الضمة" ..وكأنهم يضمون بعضهم البعض ويضمون جراحهم يقول المؤدي :
- يا حالي
- بس أنا مريت (مريت من طعم المرار)
-ع الدقة (الدقة مكون من الملح الكمون)
- والفول أبو زيت
المصدر د.محمد شبانة ..أغاني الضمة والسمسمية
وفي نفس النص نجد إضافة علية ربما ظهرت في زمن آخر بعد الحفر وقت الاحتلال الإنجليزى ..
موال السخرة الأحدث
- يا حالي
- بس أنا مريت
-ع الدقة
- والفول أبو زيت
- على فين يا رب مودينا
- الإنجليز طمعانة فينا
- ما تساعدونا يا رجاله
- إحنا اللي حفرنا بإدينا
- يا حالي
- بس أنا مريت
- ع الدقة
- والفول أبو زيت
- على فين يا وبور هتودينا
وأظن أن هذا الموال يسبق النصوص الأخرى ويقال أثناء عملية الحفر ونجد صداه يتردد في بعض من أبياته مع عمال البناء حديثا
أغنية "هون علينا"
- هون علينا هون
كرامة للنبي
- كرامة للنبي
- هون علينا هون
كنا نفرين تلاتة
- كنا نفرين تلاتة
- خادونا الكبانية
- خادونا الكبانية
- وأنا حظي منسي
وماليش دية
- بس أنا مريت
من أوراق الشاعر البورسعيدي "كامل عيد عبد العزيز" ومن العاملين بقناة السويس منذ نهاية الخمسينيات.
وفي موقع آخر يغنون عدودة عن أحد شهداء الحفر والذي قتل بدون ذنب يقول المؤدي علي لسان الشهيد:
- يا حالي
- أنا الميت من غير عزا
- من غير عزا
- لا ترقد من غير ما اتهمنا
- لا اتهمنا
* ناخد طول الليل البكا
- الليل البكا
- نصبر في روحنا
- يا حالي يا حال
ويجري في النهر أصوات أخرى لغناء الضمة في موقع الحفر و من أبناء محافظة دمياط يقول المؤدي:
أمانة يا رايح دمياط
تبوس الحلو من الوجنات
وقولوا عبدك أهو سلي ومات.
وتغني نفس الجماعة من أغاني الضمة وفي نفس التوقيت:
يا أبو المعاطي
أنا دخيلك
في كل مولد
بسعى وأجيلك
إلا السنة دي
ما نيش فاضيلك.
ومن مواويل الصيادين في بحيرة المنزلة وهم يعيشون في تجمعات صغيرة بين البحيرة والبحر المتوسط في قرى [القابوطي والمنصرة والجربعة والديبة]
أغنية/موال "الحلو نادي":
الحلو نادي يا مليح ..الحلو نادي
وانا أبيع الورد وأنادي
خش المسا وظلام الليل
واللي يجاور يجاور
جاور سلاسل بحرف العين
أو الحلأ والأساور
وطلعت بدري بتفرج
على الجنينة البحرية
ولاقيت غزال وعيونه سود
في الأصل أنا كنت صياد
وجه الملاح وصادوني
لا هو بشبك ولا صنار
السود العيون صادوني
دور على الطيب دور دور
وأتمنى أتمنى الغالي فيه
وأدع الردي واللي يدور
دور دور
فاسد ومربطة خالي
ودع الردي واللي يدور بيه
وأنا أبيع الورد وأنادي..
ومن أغاني الصيادين ..موال " أمانه يا بحر"..
سمعت هذا الموال عند شيخ الصيادين والشاعر "السيد الحريري" في قرية المطرية دقهلية في عام(1970) وقال إنها من زمن بعيد قبل ثورة عرابي وأكد على هذا عمنا "زكريا الحجاوي" وهو من أصدقاء الشاعر"الحريري" ومن رواد جلساته الأدبية.
أغنية "أمانه يا بحر"
أمانه يا بحر جاش خلي ملا منك
أبيض ظريف المعالم
اشختشي منك
ما تقوللي الحق
لا تضيع ميتك منك
قوله يا بحر كان خلك بيستناك
استغيبك يا جميل
أطع العشم منك
أمانه يا بحر
ويستمر الغناء المشحون بالشجن والسخرية من أصحاب الكوبانية وهي فترة ما بعد الحفر يقول المؤدي :
أغنية على قنال جالس
على القنال جالس
تحكم وبتوالس
دمك خفيف خالص
روح يا ال غريب
وروح يا الأمري
من بعد المحبة
صابر على ما بي
تاني معايا تاني
شيل العلم تاني
فوق الساري تاني
ولوح بالقمري
من دراسة للباحث والمؤرخ "محمد الشافعي" المنشورة في كتاب "أنغام المدافع" الصادر عن إقليم القناة الثقافي 1998.
ومن أغاني الضمة التي ظهرت بعد حفر القناة بقليل ويقال أنها كانت ضمن أغاني السخرة ..حسب رواية الفنان"محمد الشناوي" الملقب بالشن . تقول أغنية: "سيدي الدندراوي":
-سيدي محمد يا دندراوي
- سيدي محمد يا دندراوي
- دندراوي يا دندراوي يا دندراوي - يا ست زينب حلفتك
سيدنا الحسين أنا زرتك
- يا ست زينب حلفتك
سيدنا الحسين أنا زرتك
- ويصح منك يا جميل
تولف بغيري وتغدرني
جبر الخواطر على الله
أه يا ليل أه يا ليل أه يا ليل
- يا دندراوي يا دندراوي يا دندراوي
سيدي محمد يا دندراوي
- دورت على كل المشايخ
والقلب منك والله دايخ
ويصح منك يا جميل
تلوف على غيري وتهجرني
جبر الخواطر على الله
أه يا ليل أه يا ليل أه يا ليل
- أمانة تيجي ونتكلم
م العشق قلبي بيتألم
ويصح منك كده يا جميل
تولف بغيري وتهجرني
جبر الخواطر على الله
- يا دندراوي يا دندراوي يا دندراوي
وتنتسب عائلة الدندراوي، إلى سيدي محمد السلطان وهو من نسل الحسين ومؤسس الأسرة الدندراوية في 1292هجرية، والاسم نسبة لإقامتهم في قرية"دندرة" بجنوب مصر .. واتصفوا باهتمامهم بالعلوم الدينية والتصوف وله مقام للزيارة هناك.
أغنية "الله أكبر ما بكدب"
الله أكبر ما بكدب
خيبة الأمل راكبة المركب
أبو فصادة رايسها
والقط الأسود حارسها
أديني سمكايا ظغنطوطة
إجه اللوته وأداني
بالعصية علي وداني
والدم شرشر ف لبركه
شلت الغلق تاني تاني .
عن الراوي الصحبجي.."علي إسماعيل أبو
العمايم"( ..بورسعيد ..200)
وعندما نفك شفرات النص من وجهة نظرانا ..يصف المغني/الشاعر البلد بالمركب ..وريسها ،إشارة إلى الأسرة العلوية التي حكمت مصر، والقط الأسود هم رجال الهجانة من أبناء الجنوب (السودان والنوبة ) وهم حراس غلاظ فيهم قسوة ظهرت كربيجهم علي ظهور عمال السخرة في حفر القناة..والوتة أيضا ريس على أنفار الحفر، طالبه العمال بحقوقهم المنهوبة وأجر يتساوي مع مجهود العمل ..فكان رده ( جه الوته وأداني بالعصية علي وداني ) ( والدم شرشر في البركة)..وقتها لم تكن القناة سوى برك متفرقة.
أغاني الضمة بعد حقر القناة :
أنشأت عملية حفر القناة مجتمعا مدنيا جديدا، أطلق عليه مدينة "بورسعيد" وهي كلمة من مقطعين ،"بورت" ومعناها باللغة الإنجليزية ميناء والآخر "سعيد" نسبة للخديو "سعيد" والي مصر، وكانت التركيبة السكانية أيضا تنقسم أيضا إلي قسمين خطط لهما "ديليسبس" في عملية فصل عنصري ،القسم الأول من الأجانب ومعظمهم من حسالة سكان أروبا (مجرمين وبلطجية ) وبعض الجاليات من التجار المغامرين خاصة من اليونان وهم سكان الجانب الشرقي /الإفرنج من جغرافيا بورسعيد الوليدة وفصل بينهم وبين القسم الثاني بشارع محمد علي والذي يمتد من البحر ويصل حتي محافظة الإسماعلية . ويقطن هذا القسم الغربي من المدينة السكان المصريون وبعض العرب وأطلق علية "حي العرب" وكان السكان الأصليون من أبناء المدينة ولا يسمح لهم بالمرور إلا بعد وضع ختم علي أيديهم كي لا يباتوا أو يستقروا في حي الشرق/الإفرنج.
وكان فن الضمة هو سلاح جديد لمقاومة الهيمنة الأجنبية على البلد ومصدر رئيسي للترفيه والتسلية ويبدأ بهذه الأغنية التي تدعو لإقامة طقس الضمة، حيث يقرع علي الطبل من أحد الصحبجية ليعلن عن إقامة "ليلة حظ" في مكان وزمان يحددة فينضم معه أخرون حتي يصلوا لمكان بدء حفل الضمة وكان غالبا ما يقام في شارع "نبيل منصور". ومع مرور الزمن انتقل لكل أرجاء المدينة وأصبح مكونا أساسيا لإقامة الأفراح لأبناء المدينة واستمر هذا الطقس إلي وقت قريب قبل حرب 5 يونيه .. ومع العودة من التهجير اختفى هذا الطقس تدريجيا وحلت مكانه فرق الزفة التي طمست هذا الطقس الفريد
أغنية "يا جمع صلي"
- صلي ع النبي
يا جمع صلي
- صلي ع النبي
- وصلاة النبي
- حلوة والنبي
- وصلاة النبي
- النبي مكسبي
- يا رب حجه
- وأزور النبي
- حجه وأزورة
- وأتملى بنوره
- يا حسانين
- يا ولاد النبي
- عم يا شيخ
- العرب يا سيد
- والله تجمعني
-على محبوبي
- والله إن جاني
- محبوبي الليلة
- والله لأقوله
- سلامات م الغيبة
- والله لأفرش له
- كشمير ضليلة
- قولوا يا ديم
- والله يا ديم
وكان أحدهم يضيف على الأغنية خاصة سكان أول العرب قولهم :
-عليك أتوكالي
- يا مولي الموالي
- وأنت وسيلتي
- في كل حالي.
السبعة حصون بوابة السمسمية :
الليرة ورحلة الطنبورة
الليرة آلة موسيقية وترية ،تعزف بالنبر انتشرت في الحياة الموسيقية عند المصريين القدماء في عصر الدولة الوسطي تحت أسم "كنر" في اللغة المصرية كما عرفت باسم "كنور" في اللغة العبرية و"كنارة" في اللغة kinnar القديمة، وهي آلة مصاحبة للغناء والرقص عند المصريين القدماء، وقد وجدت نماذج من في كتاب "الخروج للنهار المشهور بكتاب الموتي " من آلة الطنبورة، وقد انتشرت آلة الليرة في حياة شعوب الجنوب تحت اسم "الطنبورة" وقد مرت بمراحل متعددة من التطور ..وكان يصنع صندوقها المصوت الرنان من قرعة عسل جافة أو من ظهر سلحفاة ..وكان لها دور رئيسي في موسيقي قبائل البجة والبشاريون وغيرهم من سكان النوبة ..ونزحت الطنبورة إلي الشمال مع الهجانة وأهل الجنوب والسودان وكان لهم في بورسعيد جالية كبيرة وكان أشهرها النادي النوبى ونادي السوداني بحي الإفرنج وكانت تمارس طقوس الغناء مصحوبة بآلة الطنبورة ..وفي طقوس الزار في حي العرب والمناخين خاصة مقهي السبعة حصون في المناخ "التحتاني" الذي أسسة الريس "حسن متولي" سائق اللنشات في قناة السويس وفتوة المناخين ..وهو شاعر يكتب الفصحى والأزجال الغنائية، وكان من رواد المقهى "عبده كبربر" و "أحمد السوحلي" وهما أول من طور آلة الطنبورة ..لتكون أقل حجما ووزنا وأصبحت أوتارها من سلك معدني يستخدم في كابلات التيلفون ..وتتلمذ علي أيديهم. "إبراهيم أبو خلف" ويعتبر أول من عزف علي الآلة الجديدة السمسمية المطورة من الطنبورة والتي أطلقوا عليها "السمسمية" وكان لمقهى "السبع حصون" دور فني وثقافي وسياسي منذ نشأته وكان محطة جذب لفنانى بورسعيد ومثقفيها. خاصة الشيخ "العتمة" وعائلة "هدية"و"لهيطة" وكان من رواده الشاعر"أحمد رامي" و"زكريا الحجاوي" والسيد الحريري" و"إسماعيل ياسين" و"محمود شكوكو" الذي قلد فنان المنولوج والبمبوطي "حسن صفراتة" في طريقة غنائه وملابسه بمن فيهم الطرطور. وغنى له "شكوكو" تحية ومحبة أغنية في نهاية الثلاثينيات يقول فيها :
الواد حسن صفراطة
أجدع واد في النطيطة ( النطيطة مهنة البمبوطية )
يطلع شليع ع لفرقيطة (يطلع شليع أي يصعد السفن متصلقا الحبال)
ويجيب فلوس بالطرنيطه (الطرنيطة هي وزن الطن ب كم )
ضيع فلوسه ع لشكاليطه
والجميل وينه ..والنبي يابه.
أغاني المقاومة :
عندما نفي رئيس مخابرات الاحتلال الإنجليزي "اللورد المبي" الزعيم الوطني "سعد زغلول" على سفينة تبحر من بورسعيد خرج أهالي المدينة الوطنيون يودعون الزعيم وهم يهتفون ضد الاحتلال ورموزه، وقد صنعوا دمي تشبه اللورد اللمبي وبحجمه..وعلقوا بعضها في مشانق وسط الشوارع الموجهة لحي الإفرنج بعد أن طافوا به في أرجاء المدينة، فى طقس الجرسة وفي الليل جمعوا سلات مصنوعة من جريد النخيل على هيئة هرم ناقص وأجلسوا عليها دمية اللمبي فوق موقد النيران ..وظلوا يلفون حوله في تحدي لكل السلطات وهم يهتفون :
يا حليلة يا حليلة ..
ها نروح السجن الليل
يا أبو الريش أن شا الله تعيش
( أبو الريش شخصية كرنفالية ترتدى ملابس الهنود الحمر ويزين رأسه بريش الديوك الرومي ويرسم على وجهه أوشام، تشبه قبائل قتالية في إفريقيا وهو معني بالرقص الإفريقي ويقود جموع المتحلقين حول موقد الحطب المعد للحريق وهو طقس من زمن القدماء المصريين ..كان يقومون به في عيد الربيع (عيد شمو) شم النسيم وفيه يحرقون مخلفات المنازل من أخشاب وملابس قديمة ثم يشعلون النيران في العظيمة وبحسهم الوطني تفتك خيالهم عن هذه الأغنية الطقسية).
أغنية يا اللمبي:
- يا اللمبي
- يا ابن قلبوحة (تطلق علي النساء السيئات)
- ومراتك
- علأه وشرشوحة
- يا اللمبي يا وش النمله
- من قاللك تعمل دي العاملة
- يا تربة يا أم بابين
- وديتي اللمبي فين
- والله دا كان بيحلق عند الأسطى
- الأسطى مين ؟
- الأسطى بيوض
- ابكي عليه وقولي
- دا كان بيحب البوري
- ابكي عليه وولولي
- دا كان بيحب الجمبري
- ابكي عليه وبس
- دا كان بيحب العدس.
الجميع في ذروة التحدي وهم يلفون في صياح :
ياحليلة يا حليلة ..هانروح السجن الليلة