الخميس 16 مايو 2024

نبهان رمضان: المثقف المصري يواجه «مافيا» النشر الورقي.. (حوار)

4-8-2017 | 14:33

قال القاص نبهان رمضان، إن هناك مشكلات تواجه كل إبداع ثقافي عمومًا، وليس الشعر فقط، ومن أهم هذه المشكلات النشر الورقي وسد السبل أمام المبدعين، وهناك مافيا النشر الورقي التي تبتز المبدع ولا تقدم له أي خدمات أكثر من مجرد مطبعة تقدم نسخ ورقية ولا تهتم بالتسويق أو التوزيع، ويا ليتها تقدم نسخ ورقية محترفة من حيث الشكل والإخراج، وفيما يلي نص الحوار :

 

في البداية حدثني عن التجربة الأدبية الخاصة بك والمراحل المختلفة التى مررت بها؟

أنا مازالت رهن فوبيا البداية، بعد هذا العمر 46 سنة ما زالت تتملكني فوبيا البداية، في مقتبل العمر كان لدي خوف من الفشل ودائمًا السؤال الذي كان يلح في رأسي وبين خلجات نفسي "هل ما أكتبه شيء محترم من حيث الجودة؟" إلى أن تجرأت وعرضته على المحيطين بي فأكدوا على جودته، ثم جاءت الخطوة الأكبر وهي عرض هذا المنتج الذاتي على متخصصين ومبدعين سبقونا بخطوات في الإبداع، وهم كثر بالفعل، لكن مع حداثة السن في ذلك الوقت لم تستطع أن تميز بين المبدع الحقيقي وأنصاف الموهوبين حتى جاءت لحظة كاشفة عندما اختلس أحد الأصدقاء في فترة الجامعة نصًا خاصًا بي لقصة قصيرة وفوجئت أنه نشره في دورية خاصة بقسم اللغة الفرنسية في كلية الآداب فترة أوائل التسعينات.

جاءت النتائج مبشرة من الزملاء وأساتذة الجامعة أتذكر الدكتور جمعة دهيم رحمة الله عليه نادى عليَ من حوش الكلية ليثني على القصة رغم أنه كان مشهورًا بين الطلبة انه لا يعجبه شيئًا مطلقًا رحمة الله عليه.

جاءت الخطوات بعدها بطيئة لعدة أسباب منها تكاثر متطلبات الحياة في دولة لا تهتم بالمبدعين ولا تفسح لهم المجال لإظهار مواهبهم وإبداعهم، وكان الانقطاع عن الكتابة لفترة طويلة امتدت حتى عام 2011.

عندما تقابلت بالصدفة البحتة مع أصدقاء مبدعين شعراء وكتاب سرد أنشأوا كيانًا موازيًا لنشاطات وزارة الثقافة يسمى «مختبر سرديات المنصورة»، وكان ذلك الكيان سببًا في العودة للكتابة والاهتمام بالأدب عمومًا، ومع تطور الأساليب التكنولوجية جاء النشر الإلكتروني الذى نشرت من خلاله مجموعتين قصصيتين وكتابًا نقديًا يحوي دراسات تطبيقية لعدة أعمال لمبدعين مصريين، ومن هنا بدأ الوسط الثقافي ينتبه لشخص اسمه نبهان رمضان، لكنه مازال رهينًا لفوبيا البداية.

 

ما هي المشكلات التى تواجه الشعر في مصر؟

المشكلات الموجودة في مصر تواجه كل إبداع ثقافي عمومًا، وليس الشعر فقط، ومن أهم هذه المشكلات النشر الورقي وسد السبل أمام المبدعين وهناك مافيا النشر الورقي التي تبتز المبدع ولا تقدم له أي خدمات أكثر من مجرد مطبعة تقدم نسخًا ورقية ولا تهتم بالتسويق أو التوزيع، ويا ليتها تقدم نسخًا ورقية محترفة من حيث الشكل والإخراج.

تأتي بعد ذلك مشكلات كثيرة أهمها عدم تقديم الدعم الحقيقي للمبدع المنهمك في تفاصيل حياته اليومية لتوفير العيش الكريم لأسرته ومن يعولهم مع غياب هذا الدعم من الدولة وعزوف العامة عن القراءة وعدم تبني مشاريع إبداعية خلاقة كانت قائمة بالفعل في السابق، مثل "القراءة للجميع" و"مكتبة الأسرة".

 

ما هي أحدث أعمالك الأدبية في الفترة الحالية؟

انتهيت بالفعل من كتابة مجموعة قصصية، أعتقد أنها ستحدث تطورًا هامًا، أو كما أتمنى، في كتابة هذا النوع الأدبي حيث إعادة إنتاج الحكايات الشعبية والموروثة بفكر جديد ووضع تفاصيلها على العقل البشري من جديد لإعادة تقييمها وتقييم أفكارها ومبادئها التي أصبحت بالية في ظل تطور المجتمع وتغييره.

كما أنني بصدد الانتهاء من رواية ترصد واقعنا الاجتماعي والسياسي والثقافي قبل ثورة يناير دون التطرق لثورة يناير، وأتمنى من الله أن نجد ناشرًا متحمسًا لهذه المشاريع التي أعتقد وأتمنى أن تحدث أثرًا طيبًا في الحياة الثقافية في مصر من حيث تطور الشكل والمضمون، حيث أضع فيهما خبرة سنوات من القراءة والبحث.

 

كيف ترى مبادرة القوافل الثقافية التي أطلقتها وزارة الثقافة المصرية؟

هناك مشكلة في طريقة إدارة المشهد الثقافي نظرًا لفكر البيروقراطية العقيمة، بمعنى أن الموظف الثقافي في مصر لا يهتم بالنتائج المرجوة، والأهم لديه أن الفاعلية أقيمت وتم ملء الاستمارات وتم صرف البدلات والمستحقات، لكن كيف وأين ولماذا، لا يهتم بكل هذا، فمثلًا فكرة القوافل الثقافية شيء هام وفكرة جيدة، لكن التنفيذ الحقيقي لها تلك هي المشكلة، لأن الأنشطة ديكورية في يد موظفين حكوميين، ويجب أن تسند لمبدعين حقيقيين حتى تؤتي ثمارًا جيدة وتحقق النتائج المرجوة.

 

كيف نعيد الجمهور للالتفاف حول الأنشطة الأدبية مرة أخرى؟

كل ما تحدثنا فيه سابقًا سيؤدي حتمًا لعودة الجمهور مرة أخرى عندما تنفذ المشاريع الثقافية بجدية وإخلاص والبعد عن الشللية والمحسوبية ومساندة الإبداع الحقيقي والخروج من الغرف المغلقة إلى العامة والجمهور في الحدائق العامة وفي القرى والنجوع والمقاهي، وإعطاء المثقفين الفرصة الحقيقية في تحريك وممارسة العمل الثقافي بعيدًا عن البيروقراطية والديكورية والمظاهر الخادعة، بالتأكيد سيعود الجمهور تدريجيًا لمتابعة النشاط الثقافي .

 

من وجهة نظرك كيف ترى الاهتمام من قبل وزارة الثقافة بالمواهب الإبداعية في الأقاليم؟

حتى نكون منصفين الدولة تعتبر أدباء الأقاليم "مبدعين درجة ثانية" من حيث الاهتمام وخلق مشاريع داعمة لهم، فاخترعت شيئًأ مهينًا اسمه النشر الإقليمي الذي يعد بمثابة العظمة التي ارتضى بها أدباء الأقاليم وتكالب عليها أنصاف الموهوبين، لدرجة أنه يتم النشر لهم بالدور، ومن يتولى رئاسة نادي الأدب لا ينشر له، وتتغير الأدوار مع تغيير الكراسي حتى قتلت المواهب، لدرجة أنني أذكر حالة بعينها، أنه كان هناك شخص حل عليه الدور في النشر الإقليمي ولم يكن لديه عمل جديد صالح للنشر، واختار مقتطفات من الكتب التى تم نشرها سابقًا .

اضطرت المواهب الشابة والحقيقية الهروب حيث النشر المركزي في قصور الثقافة أو الوقوع في براثن مافيا النشر الخاص.

يجب تطوير المنظومة بوضع قواعد وقوانين جديدة وأشخاص ومبدعين شباب لديهم حلم تطوير الحياة الثقافية في مصر، وذلك يلقي العبء والمسئولية على الدولة، ومبدعي الأقاليم ذاتهم عليهم الخروج من حالة الخضوع والخنوع، ويجب إلغاء ذلك التقسيم الجائر من حيث مبدع مركزي ومبدع الأقاليم كأنه مبدع درجة ثانية.