على الرغم من أن الجميع يعمل على مواجهة خطر تداعيات التغير المناخي في محاولة لإيقاف التدهور الذي أصاب الكوكب وباتت علاماته واضحة للعيان قبل أن تكون شاخصة في أعين المتخصصين ورغم هذا تحاول رئيسة الوزراء المهتزة سياسيا والتي تواجه انتقادات كبيرة تشكك في استمرار ولايتها المتصعدة عقب فشل واضح في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها المملكة المتحدة حيث يؤشر سير الأحداث إلى أن بريطانيا مقبلة على انتخابات مبكرة قريبا.
رئيسة الوزراء وجهت نصيحة - ولا أفهم ما هو مفهوم النصح في مخيلتها- للملك تشارلز من المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ Cop27 المقبل في شرم الشيخ.
وهي بذلك لا تسقط تاريخا مشرفا من جهود للملك تشارلز في التوعية بخطورة تغير المناخ وسط مشاركات فاعلة منه في كافة الجهود الدولية في هذا الشأن وكان آخرها مشاركته الفاعلة بجلاسكو في الدورة الـ26 للمؤتمر ليس هذا فحسب بل وضعت نفسها في طريق مصالح الشعب البريطاني وستتسبب في تراجع مساهمته في الجهود الدولية لمكافحة التغيرات المناخية ويبدو أن ليز تراس ليست قيادة تتناسب مع حجم بريطانيا ودورها على المستوى الدولي بل لا تجيد تقييم التحرك المناسب الذي يجب أن يتخذه مسار عملها ولا إدراك أنه من الخطورة بمكان تسييس العمل المناخي والاستجابة لبعض التقارير المشبوهة لبعض المنظمات المدفوعة بشهادات لا تستند إلى حقائق.
إن إحراج الملك تشارلز في أول زيارة له بصفته ملكا خطأ سياسي كبير انتقل من أروقة قصر باكنجهام إلى الداخل والخارج ووضعت تراس - التي من الممكن ألا تكون في موقعها وقت انعقاد المؤتمر في شرم الشيخ - قصر باكينجهام في حرج كبير وأظهرت للعالم أجمع على وجود تصدع وعدم انسجام في التركيبة الحاكمة للملكة المتحدة ليضاف هذا السلوك غير اللائق من رئيسة الوزراء تجاه حدث أممي كبير كمؤتمر المناخ إلى ملفات عدم التوفيق وعدم الصلاحية لشغل تراس موقعها كرئيسة للوزراء بل وينذر بإجراء انتخابات مبكرة لاختيار قيادة جديدة مناسبة لقيادة الحكومة البريطانية.
إن تراس بعدائها لجهود إنجاح مؤتمر المناخ يؤكد ما يوجه إليها من انتقادات حول تشكيلتها الحكومية التي يشكك أغلبها في نجاح الجهود الدولية في الوصول بالانبعاثات الكربونية إلى مستوى "صفر " بحلول 2050 ومن هنا جاء تحذير الرئاسة المصرية للمؤتمر وهو سلوك دبلوماسي غير معهود يشير إلى المكانة الدولية التي تحظى بها مصر عقب استعادة ريادتها الدولية خلال السنوات الثماني الأخيرة حيث حذرت بريطانيا من التراجع عن أجندة تغير المناخ وهي إشارة واضحة لعدم الحصافة السياسية من رئيسة وزراء بريطانيا التي منعت الملك تشارلز من مشاركة فعالة في الجهود الدولية بل ودفع ذلك أيضا إلى عقد مقارنة ليست في صالح تراس بينها وبين سابقها بوريس جونسون الذي كان أكثر منها اهتماما وانخراطا في الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ.
وكانت عبارات ممثل الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ شديدة الذكاء وفي ذات شديدة القسوة تعليقا على قرار ليز تراس غير المسؤول حيث أشار العبارات إلى الالتزام الطويل والقوي لملك بريطانيا بقضية المناخ، وأن حضوره كان سيكون ذا قيمة مضافة كبيرة لإبراز العمل المناخي في هذه اللحظة الحرجة مختتما تقريعه السياسي بالإعراب عن خيبة الأمل بسبب تقارير عن عدم حضور تشارلز في Cop27 .
لتتنقل تداعيات القرار غير الحكيم لرئيسة الوزراء إلى إشعار بعض دول الكومنولث بالقلق من أن تراس تمنع الملك من التصرف كرئيس للدولة خاصة وأن العديد من دول الكومنولث من بين أكثر دول العالم عرضة لأزمة المناخ.
العجيب أن نشطاء البيئة حول العالم لم يلتفتوا إلى أن غياب الملك تشارلز عن المؤتمر يضر بل يعد تراجعا عن الالتزام والجدية في جهود تغير المناخ واقتصرت رغبتهم في قضاياه حول رغبتهم في التظاهر وإشاعة تقارير تفيد بأنهم يتعرضون لمضايقات في تبني القضايا البيئية ويبدو أن الإساءة إلى مصر هي الأقرب لأجندتهم من مخاطر التغير المناخي الذي يفسد الكوكب وهنا جاءت تصريحات ممثل الرئاسة المصرية للمؤتمر تعليقا على بعض التقارير المشبوهة التي تطلقها هيومان رايتس ووتش والتي وقعت في شراك فخاخها رئيسة الوزراء المتخبطة داخليا وخارجيا لتطلق نصيحتها غير المسؤولة التي بدا معها الملك تشارلز في موقع القاصر غير سديد الرأي وأنه في حاجة مشورة أو وصاية أو إعادة تصويب.
على أي حال إن كانت ليز تراس مدفوعة في قرارها برغبة دفينة في إفساد المؤتمر المقبل فهي مخطئة فقد تأكدت بالفعل مشاركة أكثر من 90 رئيس دولة في المؤتمر ويجب أن تدرك أن أي إساءة إلى المؤتمر ستكون موجهة بالأساس إلى المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة فمصر دولة مستضيفة وأي إفشال للمؤتمر سيكون منسوبا للمجتمع الدولي وليس الدولة المضيفة.
من هنا وجب على كل أحرار العالم تبني حملة دولية لفك أسر الملك تشارلز الحبيس سياسيا والممنوع قسرا بفرار غير مسؤول من المساهمة في جهود تغير المناخ ولنطلق حملة لتوجيه اللوم إلى رئيسة الوزراء تدفعها للتراجع عن قرارها غير الحكيم والمسيء إلى دور المملكة المتحدة وريادتها في جهود مكافحة تغير المناخ لعلها تصوب مسارها قبل أن تغادر موقعها لا محالة في انتخابات مبكرة لتبقى ذكرى طيبة يمكن أن يتذكرها بها الشعب البريطاني وكل المهتمين بقضايا تغير المناخ وإن كنت أشك في قدرتها على تقييم الأمور وهو ما نراه عيانا بيانا في طريقة إدارتها المهتزة بقوة للحكومة ويبدو أن ما سنذكره عنها بعد رحيلها المخزي قريبا أنها كانت عدوة لمجهود مكافحة التغير المناخي كما يجب أن تساعد النخب البريطانية في رفع الحرج عن ملكهم الحبيس وتصحيح صورته كرئيس للدولة وتفويت الفرصة على من يريدون تشويه جهوده ومواقفه المعروفة المحذرة من خطورة تغيرات المناخ.