الخميس 18 ابريل 2024

حرب أوكرانيا واستخدام روسيا للأسلحة النووية التكتيكية

مقالات10-10-2022 | 19:37

يقول الله تبارك وتعالى "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" سورة البقرة الآية 251، لذلك أنا عندي يقين أن استخدام الأسلحة النووية سواء كانت تكتيكية أو استراتيجية تعتبر شبه مستحيلة، وأن هناك التزام بين الدول التي تمتلك أسلحة نووية، بأن لا تستخدم أسلحتها النووية في الحروب.

لكن يمكن أن تبدأ حرب نووية عن طريق الخطأ، أو في حالة إنقاذ البلاد من هزيمة عسكرية نكراء، تتسبب في تغيير شكل الحدود الدولية، أو تتسبب في احتلال العدو للبلاد.

في حرب أوكرانيا أصبح عامل الوقت مهماً للغايةً، ولفرض الأمر الواقع وللتقليل من الخسائرالمادية والبشرية، فهل تلجأ روسيا لاستخدام القنابل النووية التكتيكية؟.

القنابل النووية التكتيكية، قوة تفجيرها تعادل ما بين 300 طن إلى15  كيلو طن من مادة "تي إن تي".

القنابل النووية التكتيكية تستخدم في ساحة المعركة في جبهة القتال، وتوفر قوة انفجارية هائلة وفي مساحات محدودة، وهي قادرة على حسم المعارك في فترة زمنية قصيرة، فقوتها التفجيرية أكبر بكثير من أشد وأقوى القنابل الغير نووية، كما تستخدم في ساحة المعارك ضد أهداف صغيرة يصعب تدميرها بالقنابل التقليدية، مثال لذلك حاملات الطائرات، والغواصات في أعماق البحار والمحيطات، وتجمعات الإرهابيين في باطن الجبال، فهي تتكون من جزئين، أول جزء عبارة عن قنبلة خارقة تستطيع اختراق أعماق الأرض، والجزء الثاني هي القنبلة النووية التي ينتج عنها انفجار نووي في عمق الأرض.

من حيث التلوث الإشعاعي الناتج من استخدام سلاح نووي أيًا كانت قوته التدميرية، فلا يوجد فرق بين قنبلة نووية استراتيجية وقنبلة نووية تكتيكية، ذلك أن المناطق التي ستستخدم فيها هذه الأسلحة ستصبح ملوثة بالمواد المشعة، وتصبح غير صالحة للحياة، فسوف تدمر الإنسان والنبات والحيوان ومكونات البيئة الطبيعية.

استخدام روسيا للأسلحة النووية التكتيكية في الحرب الدائرة في أوكرانيا، لن يمر مرور الكرام، ذلك أن الإشعاعات النووية سوف تنتشر وتعبر حدود أوكرانيا، وتصل لدول حلف الناتو، ويعتبر ذلك بمثابة هجوم روسي نووي على بعض من دول حلف الناتو، وهو ما سوف يؤدي إلى قيام حلف الناتو بالرد بالأسلحة النووية التكتيكية، والمنتشرة في دول حلف الناتو في أوروبا.

وإذا استدعت الضرورة استخدام حلف الناتو للأسلحة النووية التكتيكية في هذه الحرب، فمن المرجح أن يكون ذلك مقتصرًا على مواقع القوات الروسية داخل حدود أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، وذلك منعا من تأزّم الأمور، والتي بدورها سوف تؤدي إلى زيادة حدة الصراع العسكري، والذي سيؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية الاستراتيجية، وهو ما يطلق عليه "الحرب النووية الشاملة"، والتي ستستخدم فيها جميع الأسلحة النووية لدى الدول النووية، سواء كانت أسلحة نووية انشطارية، أو أسلحة نووية اندماجية "هيدروجينية"، أو أسلحة نووية نيوترونية.

في حالة استخدام الأسلحة النووية الاستراتيجية لدى الدول النووية، والتي تشمل استهداف مدن متعددة، سوف تشكل خطرًا كارثيًا عالميًا، لأن الشتاء النووي سيؤدي إلى وفيات أكثر في جميع أنحاء العالم من الآثار المعروفة للانفجار والإشعاع الفوري الناتج من السلاح النووي لحظة تفجيره، فتداعيات التفجير النووي سوف تستمر لسنين.

مع أن قيام حرب نووية شاملة سوف تقضي على سكان المدن المستهدفة بالقنابل النووية، لكن تأثيرها سوف يشمل سكان كوكب الأرض، فالغبار النووي الناتج من تفجير القنابل النووية مع الدخان الأسود الناتج من حرق المدن والغابات، سوف يؤدي إلى فناء ما تبقى من سكان كوكب الأرض، فهذا الدخان الأسود المشبع بالغبار النووي، سوف يؤدي إلى حجب ضوء الشمس لمدة لا تقل عن عام، وبالتالي تنخفض درجة حرارة سطح الأرض، وتتجمد الكائنات الحية، كما أن طبقة الأوزون سوف تختفي، وتزداد نسبة الأشعة "فوق البنفسجية" القادمة من الشمس، والأشعة المدمرة والمهلكة القادمة من الفضاء الخارجي، لكي تقضي على ما تبقى من الكائنات الحية.

لذلك، إذا قامت حرب نووية شاملة، فلن يكون هناك منتصر لأن الدمار سيعم الأحياء في كوكب الأرض، وبذلك أصبح استخدام الأسلحة النووية الاستراتيجية شبه مستحيل، وسوف يعمل الكل على عدم استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، حتى لا تتأزم الأمور.