رأت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن أحدث هجمات روسيا الصاروخية على أكبر مدن أوكرانيا بشكل متزايد، من شأنه أن يجبر كييف على الاختيار بين نشر أنظمة دفاعها الجوي النادرة لحماية المدنيين أو استخدامها للمضي قدمًا في الهجمات المضادة لاستعادة مساحات شاسعة من أراضيها.
وذكرت الصحيفة -في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، اليوم الثلاثاء- أن الضربات الصاروخية الروسية الأخيرة كشفت مدى صعوبة حماية دولة كبيرة كأوكرانيا لنفسها بصورة كاملة من الهجمات الجوية المستمرة، رغم مناشدات كييف حلفائها تزويدها بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي وتكثيف الحلفاء الغربيين مساعداتهم.
وأضافت أن استخدام روسيا المتزايد لطائرات بدون طيار من طراز "شاهد" الإيرانية الصنع، يزيد الأمور تعقيدا، موضحة أن إطلاق أسراب الطائرات بدون طيار الرخيصة والصغيرة نسبيًا والقادرة على الطيران لمسافات طويلة يعقد قدرة أنظمة الدفاع الجوي المتطورة على التصدي لها.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين غربيين وأوكرانيين وكذلك محللين عسكريين، قولهم إن الافتقار إلى الدفاعات الجوية هو أحد نقاط الضعف الرئيسية في كييف في ضوء مساعيها لحماية نفسها من الهجمات الروسية، مثل الضربات الصاروخية الجماعية والطائرات بدون طيار التي استهدفت العديد من أكبر مدنها في وقت مبكر من الأمس.
وبحسب الصحيفة البريطانية، تلقت أوكرانيا مجموعة من أنظمة الدفاع الجوي من الحلفاء الأمريكيين والأوروبيين منذ بدء العملية العسكرية الروسية فبراير الماضي، من صواريخ محمولة قصيرة المدى تُطلق على الكتف إلى صواريخ دفاع جوي أكثر تطورًا.
واستدركت الصحيفة البريطانية قائلة: "كما هو الحال مع مدفعيتها، وهي عبارة عن مزيج من مدافع الهاوتزر الروسية ومختلف مدافع الهاوتزر الغربية الصنع، لا يوجد لديها نظام دفاع جوي شامل واحد".
وأشارت "فاينانشال تايمز" إلى أن روسيا أطلقت أكثر من 80 صاروخ كروز و24 طائرة بدون طيار على أوكرانيا، وهو ما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عنها إنه ردا على الانفجار الذي وقع نهاية الأسبوع وأدى إلى انهيار جزء من جسر كيرتش الذي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم.
وذكرت وزارة الدفاع الأوكرانية أن أكثر من نصف القذائف أُسقطت، لكن العشرات منها تمكنت من ضرب كييف ومراكز سكانية أخرى، مما أسفر عن مقتل مدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية.
وقال الرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي - عبر تغريدة على موقع /تويتر/ للتواصل الاجتماعي بعد اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي جو بايدن - إن: "الدفاع الجوي حاليًا هو الأولوية الأولى في تعاوننا الدفاعي وتعهد بايدن بمواصلة تزويد أوكرانيا بالدعم اللازم للدفاع عن نفسها، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة".
وأدان بايدن في بيان الضربات الصاروخية التي قال إنها "تظهر الوحشية المطلقة لحرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير الشرعية على الشعب الأوكراني".
لكن كما قال زيلينسكي لبايدن شهر سبتمبر الماضي، بعد أن شكره على أنظمة /ناسامز/ للدفاع الجوي، "إنهم ما زالوا غير كافيين لتغطية البنية التحتية المدنية والمدارس والمستشفيات والجامعات ومنازل الأوكرانيين".
وأفادت الصحيفة البريطانية بأنه على ما يبدو أن هجمات أمس أثبتت وجهة نظر زيلينسكي، لافتة إلى أنه من المتوقع أن يركز اجتماع الدول الغربية المقرر انعقاده غدا الأربعاء واجتماع وزراء دفاع الناتو في بروكسل الخميس على كيفية تسريع إمدادات الأسلحة والتأكد من أن الأسلحة المرسلة هي الأكثر فعالية وفائدة للقوات المسلحة في البلاد.
وفي السياق نفسه، قال أحد مستشاري الدفاع الغربيين: "المشكلة ليست أن أوكرانيا ليس لديها أي دفاعات جوية. الأمر أن أوكرانيا ليس لديها ما يكفي للدفاع عن دولة كبيرة بهذا الحجم يمكن أن تستهدفها الصواريخ أيضًا من عدة اتجاهات".
ونسبت الصحيفة البريطانية إلى مسؤول غربي بارز، القول إنه في إطار الهجمات المضادة الناجحة شرق وجنوب أوكرانيا، نقلت كييف بالفعل بعض أنظمة دفاعها الجوي إلى خط المواجهة لتوفير تغطية للقوات المشاركة، مما قلل من الأعداد المتاحة للدفاع عن المناطق المدنية.
وأضاف المسؤول: "لديهم أنظمة دفاع جوي طويلة المدى وعالية الدقة ولكنها محدودة.. هم بحاجة إلى المزيد".
وفي السياق نفسه، قال فاديم بريستايكو سفير أوكرانيا في المملكة المتحدة، لصحيفة فاينانشال تايمز، إن كييف أصدرت تعليمات لدبلوماسييها في العواصم الغربية للضغط من أجل الحصول على مزيد من معدات الدفاع الجوي.